اختار النازح والمدون الفلسطيني حمادة شقورة المتخصص في المحتوى المرتبط بالأكل تحضير الطعام للأطفال ليعطيهم بعض «الأمل» في ظل الحرب المستمرة في القطاع.
يجلس المدوّن الثلاثيني، الذي كان قبل تدمير منزله وتهجير عائلته ثلاث مرات منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، ينشر مقاطع مصورة عن أفضل مطاعم البرغر والبيتزا والمعكرونة في مدينة غزة. على أرضية خيمته في جنوب غزة، يتفحص علب الفاصوليا واللحوم المعلبة لتحضير أي طبق يمكن أن يعطيه إحساساً بأنه في المنزل، وفقا لوكالة «فرانس برس».
اضطر شقورة لتعلم الطبخ لوحده بعد خمسة شهور من النزاع، كي لا يُضطر للاكتفاء بما يصل إليه من حصص غذائية في زمن الحرب.
ويقول في مكالمة فيديو من خان يونس «خطرت لي فكرة تحويل هذا الطعام المعلّب الذي نتناوله منذ أشهر من المساعدات إلى شيء مختلف، وتحضير طعام لذيذ للأطفال».
- الملاكمة تساعد فتيات نازحات من غزة على تخطّي مخاوفهنّ
- «مطعم حي الرمال» شاورما في القاهرة بمذاق فلسطيني مميز
- فلسطينية تستخدم الطبخ لكي تعرف الناس على تاريخ بلادها (فيديو)
وبالاعتماد على حزم المساعدات وأي خضروات طازجة يمكنه جمعها، تمكّن شقورة من تحضير تاكو لحم البقر «على الطريقة الغزية»،
وشطائر البيتزا وأنواع مختلفة من الساندويشات أطلق على أحدها اسم «الساندويتش الذهبي» المقلي، وقد صوّر نفسه وهو يطبخ ويقدّم الطعام لأطفال المخيم الجائعين.
«زاكي».. تعليق يعني «لذيذ» باللهجة الفلسطينية يدلي به صبي صغير مبتسماً في مقطع فيديو وهو يأكل فطيرة مقلية محشوة بالتفاح ومغطاة بالشوكولا في أحد مخيمات النازحين في قطاع غزة.
توثيق «الصمود والمثابرة»
مع هاتفه المحمول وشبكة الإنترنت المتقطعة، يلتقط شقورة جانباً مختلفاً من الحرب وصعوباتها المتعددة، لا يوثق سقوط الصواريخ ولكن «الصمود والمثابرة».
وقد استطاع شقورة، أو «حمادة شو» كما يُعرف على الإنترنت، جذب الجمهور إلى محتواه، وبات لديه ما يقرب من نصف مليون متابع على إنستغرام. وبازدياد أعداد متابعيه، تزداد معها التبرعات.
- سجين أميركي تبرع بـ 17 دولارًا لقطاع غزة فكافأه الناس بمئة ألف
ويقول شقورة «أريد إطعام أكبر عدد ممكن من الأفواه الجائعة». لكنه يتحدث عن صعوبات تواجهه في خان يونس مقارنة برفح التي كان يطبخ في مخيماتها في السابق، ويضيف «خان يونس عبارة عن ركام ويصعب أن أقيم فيها مطبخاً أو أن أصنع فيها الكثير. المواصلات صعبة وكل شيء فيها غالي، وأنا أعمل على اشياء إلى حد ما متواضعة».
شمال القطاع يعاني «مجاعة حقيقية»
ويوضح شقورة لوكالة «فرانس برس» أنه يعتمد بدرجة كبيرة على المعلبات لإعداد أطباق وتوزيعها، مشيراً إلى أن جنوب قطاع غزة لا يزال يضم كميات من الغذاء أكبر من شمال القطاع الذي فرّ منه لكونه يعاني «مجاعة حقيقية»، إذ «لا توجد فيه مياه صالحة للشرب أو طعام صالح للأكل».
بينما لم تعلن الأمم المتحدة رسمياً المجاعة في غزة، يقول الخبراء إن الجوع منتشر في المنطقة المحاصرة من إسرائيل المحتلة، مع وصول القليل من المساعدات الغذائية إلى السكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وقد توفي أكثر من 30 فلسطينيا بسبب سوء التغذية منذ اندلاع الحرب التي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في أنحاء القطاع.
وتسبّب هجوم إسرائيل على قطاع غزة بمقتل 39 ألفا و480 شخصا على الأقل، غالبيتهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع.
وفيما ينفي سلطة الكيان المحتل أي مجاعة في قطاع غزة، وتلقي باللوم على الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة بسبب ما تقول إنه توزيع غير فعال للإمدادات، إلا إن فلسطينيين قالوا لوكالة «فرانس برس» «إنهم اضطروا إلى التخلي عن وجبات الطعام واتجهوا إلى غلي الأعشاب الضارة من أجل بقاء أطفالهم على قيد الحياة».
ويقول شقورة إن هدفه الأساسي من الطبخ هو «توفير الأكل للاطفال»، قائلاً إن لديه «هاجس الخوف من أن يأتي إليّ طفل في مثل هذه الظروف ولا يجد طعاماً».
«الكرامة» لسكان غزة
شقورة، الذي كان قد تزوج لتوه عندما اندلعت الحرب وخطّط للعمل في صناعة الأغذية، واحد من كثيرين يقدّمون محتوى عبر الإنترنت عن الطعام في غزة، خصوصاً لبثّ بعض الإيجابية في ظل الظروف المأسوية في القطاع خلال الحرب.
ويقول إن هدف هذا النشاط يتمثل في محاولة توفير «الكرامة» لسكان غزة وإعادة «الشعور بإنسانيتهم» من خلال الطعام.
وتقول خبيرة الأغذية ليلى الحداد إن طهي الأطباق المحببة لدى السكان جزء من «النضال اليومي للبقاء بشراً والحفاظ على الكرامة»، لافتة إلى أن غزة طورت مطبخاً «متميزاً»، بروح إبداعية، صاغها عقدان من الحصار الإسرائيلي.
وفي عيد الأضحى، أعد شقورة الكعك للأطفال لمساعدتهم على الشعور «بأن هناك شيئاً يستحق الاحتفال».
وفي الأيام الحارة، يقدم لهم عصائر الليمون المنعشة. ويقول إن مقاطع الفيديو التي ينشرها للعالم تهدف الى إظهار أن أهل غزة «أشخاص أقوياء ومثابرون».
ويقول «نبذل قصارى جهدنا للحفاظ على وجودنا».
تعليقات