أصبح لدى العاملين في الجهات الإنسانية معركة جديدة تتمثل بحماية البيانات الشخصية، وهي مسألة «حياة أو موت» بحسب خبراء في هيئات الإغاثة الدولية، نظرًا لانتشار التطبيقات الرقمية على نطاق واسع حول العالم.
وتستعين هذه اللجنة، في أنشطتها الميدانية على غرار باقي الهيئات الإنسانية، بالبيانات الشخصية، التي باتت أداة أساسية لفهم أفضل لحاجات السكان الذين يعانون، حسب «فرانس برس».
غير أن استخدام هذا المصدر الشديد الأهمية بنية سيئة قد تكون له تبعات مأساوية، كما قد يحصل على سبيل المثال خلال النزاعات، بحسب تحذير خبراء خلال اجتماع دولي للحركة الدولية لـ«الصليب الأحمر» و«الهلال الأحمر» في الأيام الماضية في جنيف.
وفي حال وقعت بين أيدي الجهات الخطأ، قد تعرض معلومات موجودة في حوزة هيئات العمل الإنساني بهدف تكييف مساعداتها، بما يشمل الوضع الصحي أو الخصائص الإثنية والدينية، المجموعات المعنية إلى هجمات موجهة. كذلك قد تكون معلومات عن أشخاص مفقودين موضع بحث حثيث من فصيل ما للعثور على عدو مثلاً.
الصليب الأحمر
قال مسؤول حماية البيانات في اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» ماسيمو ماريلي إن «تحديد البيانات الشخصية ومتابعة أوضاع الأشخاص الذين قد يهمون أطراف النزاع أمر يطرح إشكالية كبيرة»، حتى أنه قد يكون «مسألة حياة أو موت».
وعلى غرار هيئات إنسانية أخرى، تنادي اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» بإنشاء «مساحة إنسانية رقمية»، حيث يمكن للبيانات الشخصية الإفادة من القدر عينه من الحماية الدولية كالمنشآت الصحية أو سيارات الإسعاف على سبيل المثال.
وفي جنيف، خطا مندوبو «الصليب الأحمر» و«الهلال الأحمر» مع مسؤولين من العالم أجمع خطوة في هذا الاتجاه من خلال القبول بتعزيز حماية البيانات المجموعة في إطار الجهود الرامية إلى جمع العائلات الممزقة جراء النزاعات والكوارث الطبيعية. غير أن مستوى الحماية كان موضع نقاشات حادة.
وكان مشروع القرار ينص على أن تلتزم الدول الموقعة على اتفاقات جنيف عدم اشتراط الحصول على هذه البيانات، غير أن النص الذي أقر يكتفي بـ«حض» الدول على الامتناع عن طلبها. وهذه انتكاسة دبلوماسية متصلة بممانعة أميركية، وفق مصدر مطلع على المحادثات، وفق «فرانس برس».
وتتباين المقاربات على صعيد حماية البيانات بصورة كبيرة تبعًا للبلدان، ويسعى بعض الدول إلى استغلال الكميات الهائلة من البيانات التي تجمعها الهيئات الإنسانية باسم حماية الأمن الوطني أو إنفاذًا لسياسة الهجرة المتبعة فيها.
ومن شأن إمكانات جمع البيانات المتاحة بصورة متنامية عبر الأجهزة المحمولة الذكية، إضافة إلى الازدياد الكبير في قدرات الحساب المعلوماتية، أن تتيح للمنظمات غير الحكومية العمل بفعالية أكبر.
ويستعين العاملون في القطاع الإنساني، عوضا عن توزيع المواد الغذائية الأساسية مباشرة على النازحين أو الناجين من الكوارث، بعمليات التحويل الإلكتروني للأموال خصوصًا عن طريق الهواتف الذكية، لمساعدة المحتاجين ودعم التجارة المحلية.
غير أن البيانات المجموعة عبر هذه العمليات تحوي قدرًا كبيرًا من المعلومات القابلة للتحليل. والقلق كبير خصوصًا أن الهيئات الإنسانية تستعين أيضًا بصورة متزايدة بالبيانات البيومترية، خصوصًا للحد من التزوير في عملية توزيع المواد الغذائية.
تعليقات