قالت جريدة «لوفيغارو» الفرنسية، إن محافظ مصرف ليبيا المركزي المقال الصديق الكبير موّل بشكل غير رسمي صندوق التنمية والإعمار الذي يديره بلقاسم حفتر، بعد خلافاته الأخيرة مع حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة».
وسلَّطت الجريدة الفرنسية الضوء على كواليس وظروف دفعت بمحافظ المصرف المركزي إلى الفرار من البلاد، بعد تمكنه منذ عام 2011 بالاحتفاظ بمفاتيح الخزانة الليبية، على الرغم من الانقسام والحروب طيلة هذه الفترة.
وأكد التقرير صمود الصديق الكبير على رأس البنك المركزي، الذي يعد إحدى المؤسسات الليبية القليلة التي لا تزال موحدة، على الرغم من الصراعات وتهديدات المجموعات المسلحة وانقسام البلاد إلى حكومتين، ليضطر أخيرًا إلى التخلي عن كرسيه، بعد أن أقيل من منصبه.
إغلاق حقول ومحطات النفط
ووجدت حكومة أسامة حماد المكلفة من مجلس النواب في قرار إغلاق حقول ومحطات النفط وسيلة لرفض هذه الإقالة، وبذلك انخفض الإنتاج الليبي بنسبة 63%، مع أنه في بداية السنة قد أزاحت ليبيا نيجيريا، عن عرشها لتصبح مرة أخرى المنتج الرائد للنفط في القارة الأفريقية.
وفي 26 أغسطس دخلت لجنة «نقل الصلاحيات» المُعيّنة من المجلس الرئاسي إلى مبنى البنك المركزي على مشارف المدينة القديمة بطرابلس تحت أضواء المصورين. ويقول خبراء إن الإقالة كانت مفاجئة دون أي أساس قانوني. فيما بات يحتاج تعيين محافظ للمصرف المركزي إلى «توافق» بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب.
- الكبير لـ«المونيتور»: سأظل في الخارج حتى حل أزمة «المركزي»
- الكبير لـ«بلومبرغ»: بوادر إيجابية لإنهاء الأزمة ومستعد للعودة إلى منصبي
وبعدها أعلن الصديق الكبير أنه فر من البلاد مع موظفين آخرين لحماية حياتهم، موضحا لجريدة «فايننشال تايمز» بقوله، «تهدد الميليشيات وترهب موظفي البنوك، وتذهب في بعض الأحيان إلى حد اختطاف أطفال وأقارب أولئك الذين يُضربون احتجاجا، من أجل إجبارهم على الذهاب إلى العمل».
كما وجد البنك المركزي نفسه مشلولا، الأسبوع الماضي، وغير قادر على تنفيذ المعاملات المالية، حيث كان الصديق الكبير يحتفظ برموز العمليات المالية وموقع الإنترنت.
«لوفيغارو»: طريقة تسيير «الكبير» كانت بعيدة عن الشفافية
وبحسب التقرير الفرنسي، فإن طريقة تسيير «الكبير» كانت بعيدة عن الشفافية، ومع ذلك حافظ على منصبه ونوع من استمرارية وظائف الحكومة من خلال دفع الرواتب وجزء من الميزانية للسلطتين المتنافستين في ليبيا، حيث يعد المال المتأتي من الذهب الأسود في قلب الحرب. وقد حظي بدعم المجتمع الدولي، وفي المقام الأول من قبل الولايات المتحدة التي رأت فيه عنصرا من عناصر الاستقرار.
ويحذر الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشأن الليبي بشير الجويني من احتمالات أن تجد البلاد نفسها قريبا أمام بنكين مركزيين، وهذا يؤدي إلى زيادة تقسيم البلاد، مشيرًا إلى أن «الصديق الكبير أساء استخدام النظام إلى حد السيطرة شخصيًا على البنك».
ويتضح أن الوضع الذي يكون فيه رجل واحد هو الحكم الوحيد على ثروة الدولة يمثل مشكلة. ويقول الباحث في مركز «تشاتام هاوس» البحثي في لندن تيم إيتون، «إن عزله من خلال عملية متنازع عليها قد يؤدي إلى وضع سيكون أسوأ بلا شك، مع قيود أقل على الإنفاق الحكومي في ظل حاكم جديد، وربما أضعف».
التوترات بين الكبير والدبيبة
وتواصلت التوترات بين الكبير والدبيبة لمدة سنة تقريبا، ووفق ما يوضح أحد المحللين طلب عدم الكشف عن هويته، فقد كانت هناك خلافات بشأن ممارسات الدبيبة في الفساد والمحسوبية.
وحسب الجريدة الفرنسية، فقد كان تهريب الوقود المدعوم موضوعا آخر للخلاف مع المصرف المركزي الذي توقع أن يصبح بسرعة مشكلة للمالية العامة والإيرادات بالدولار بينما تسمح طرابلس بحدوث ذلك. فيما يتم تحويل البنزين، الذي يباع بسعر 0.02 يورو للتر الواحد، للمستهلك الليبي بفضل الدعم المقدم من الدولة، ليتم تصديره إلى البلدان الحدودية.
وأمال الصديق الكبير الكفة بإغلاق البوابات تدريجيًا أمام «حكومة الدبيبة» واتجه في الوقت نفسه للتواصل مع حكومة الشرق، وقام بشكل غير رسمي بتمويل صندوق التنمية والإعمار الذي يديره بلقاسم حفتر، وهو أحد أبناء المشير خليفة حفتر.
و«من خلال إطلاق العديد من مشاريع البناء في شرق وجنوب ليبيا، كان معسكر حفتر يأمل اكتساب شعبية ونفوذ في جميع أنحاء البلاد، وقد تؤدي إقالة الصديق الكبير إلى التشكيك في هذه الاستراتيجية، والإخلال مرة أخرى بالتوازن الليبي»، بحسب التقرير.
تعليقات