اتهم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، موسكو بتمكين ما وصفه بـ«القوى المعادية» للولايات المتحدة في المنطقة لتقويض الاستقرار، ضاربًا أمثلة بعمليات تسليم الأسلحة بالأطنان إلى ليبيا وصولًا إلى الشائعات المتعلقة بتحديث صواريخ الحوثيين في اليمن.
واستعرضت الباحثة في المعهد الأميركي آنا بورشيفسكايا في تقرير لها بعنوان «مواجهة استراتيجية روسيا في تسليح وكلائها المناهضين لأميركا»، تحول ليبيا إلى ساحة معركة بالوكالة لأكثر من عقد لعدة دول من بينها تركيا والإمارات العربية المتحدة وفرنسا.
تكثيف التواجد العسكري الروسي في شرق ليبيا
وحسب آنا بورشيفسكايا فقد «نجح بوتين في ترسيخ مكانة روسيا كوسيط مؤثر في هذه اللعبة الأكبر، ولم يسعَ الغرب إلى ردعه». مشيرة إلى تطوير موسكو علاقاتها «مع كل من حكومة فايز السراج المدعومة من الأمم المتحدة والجنرال خليفة حفتر، الزعيم الذي يسيطر على المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في البلاد. لكن على الرغم من التزامها الحذر، كانت روسيا تميل دائمًا باتجاه حفتر».
وعلى الرغم من عامل الثقة الضعيف من جانب الكرملين، إلا أن علاقاته مع المشير حفتر تطورت على مر السنين، في مقابل تكثيف موسكو تواجدها العسكري في شرق ليبيا.
- جريدة أميركية تحذر من نوايا روسيا في ليبيا
- وصول قطعتين حربيتين روسيتين إلى قاعدة طبرق البحرية
- لماذا تشجع روسيا «الرجمة» على تعزيز علاقاتها مع دول الساحل؟
ويعود المعهد الأميركي إلى ربيع هذا العام، حين قام نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف بزيارة حفتر مرة أخرى، حيث قامت موسكو بتسليم آلاف الأطنان من المعدات العسكرية من منشآتها البحرية في طرطوس بسورية إلى ميناء طبرق في شرق ليبيا.
موسكو تضغط على حفتر لمنحها حقوق ميناء المياه العميقة في طبرق
ووفق تقارير أخرى أفادت أن «موسكو تضغط على حفتر لمنحها حقوق ميناء المياه العميقة في طبرق لإيواء غواصات هجومية نووية». حيث سمح الوجود الروسي في ليبيا للكرملين بالوصول إلى مطارات البلاد، التي ينقل منها الإمدادات ويهرب الوقود والذهب والأدوية لجمع الإيرادات اللازمة لحربه على أوكرانيا وتوغله في أجزاء أخرى من أفريقيا، حسب معهد واشنطن.
وبيّن المصدر «لعبة الكرملين» المعروفة على الجانبين حتى لو كان يميل أكثر نحو أحد الطرفين، كما حدث في السودان، حيث قدم الأسلحة لكل من «القوات المسلحة السودانية» وخصمها، «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية.
وقد سمح ذلك لموسكو بالتوغل بشكل أعمق في منطقة الساحل، حيث استغلت المشاعر المعادية للولايات المتحدة وأوروبا لدعم الانقلابات في النيجر ومالي وبوركينا فاسو. وفي المقابل، قام الشركاء المحليون بطرد المدربين والمستشارين العسكريين الغربيين وسمحوا لروسيا بالاستعانة بمدربين ومستشارين عسكريين خاصين بها.
تصعيد روسيا مع الغرب
وفي اليمن استند المعهد إلى تقرير نشرته جريدة «وول ستريت جورنال» أخيرًا نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية، وأفاد استعداد موسكو لتزويد «الحوثيين» المدعومين من إيران في اليمن بصواريخ متطورة مضادة للسفن. وإذا كان التقرير دقيقًا، فإن ذلك سيمثل تصعيدًا روسيًّا آخر في التوترات مع الغرب ويزيد من حدة انتهاك الأعراف الدولية القائمة منذ فترة طويلة.
كما يعود اعتماد روسيا المتزايد على الوكلاء إلى الفترة 2014-2015، عندما ضمت بشكل غير قانوني شبه جزيرة القرم من أوكرانيا ثم تدخلت عسكريًّا في سورية. ومنذ ذلك الحين، تتبع روسيا ما وصفه رئيس الأركان الروسي آنذاك فاليري غيراسيموف، أثناء حديثه عن سورية في مؤتمر الدفاع السنوي «للأكاديمية الروسية للعلوم» في أوائل العام 2019، باستراتيجية «العمل المحدود». وكانت الحرب المستقبلية موضوعًا رئيسيًّا لذلك المؤتمر، ووفقًا لروايات الخبراء، أشار غيراسيموف على ما يبدو ضمنًا إلى أن سورية ستشكل مثالًا للعمليات الروسية المستقبلية.
تعليقات