Atwasat

ناجون من طوفان درنة يروون أهوال ليلة «تسونامي» العاصفة «دانيال»

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 18 سبتمبر 2023, 12:50 مساء
WTV_Frequency

لا تزال مدينة درنة المنكوبة تكابد آثار السيول المدمرة التي ضربت الشرق الليبي منذ أكثر من أسبوع، وأودت بحياة الآلاف بل ومحت أحياء بأكملها من الخارطة، لتتضح حدة مشاهد الدمار مع إزالة أكوام الركام في شوارع المدينة، وتبقى ذكريات ليلة الكارثة عالقة في أذهان الناجين من الطوفان.

ونقلت وكالتا أنباء «فرانس برس» و«رويترز» مشاهد حية مما حدث على لسان شهود عيان عاشوا أهوال ليلة استثنائية، مصحوبة بأمطار غزيرة، فتسببت بانهيار سدين في أعلى درنة، ما أدى إلى فيضان النهر الذي يعبر المدينة بصورة خاطفة، فتدفقت مياه أشبه بـ«تسونامي» جارفة معها كل ما في طريقها.

«كارثة مرت من هنا»
وتكشف مشاهد الدمار في درنة أن «كارثة مرت من هنا»، وفق وصف تقرير لوكالة «فرانس برس»، إذ رصد مراسل الوكالة جسورا مشطورة نصفين، وسيارات منقلبة وشاحنات محطمة، وأعمدة كهرباء وأشجارا مقتَلعة من جذورها، وأغراضا شخصية ممزوجة بالطين، حتى أن لون مياه البحر تحول من الأزرق إلى البني.

وعن ذكريات مأساة ليلة الكارثة، يقول المواطن محمد الزاوي (25 عاما) الذي يقطن في منزل قريب من الشاطئ في درنة لـ«فرانس برس» إنه رأى ليلة الكارثة «جرفا كبيرا من المياه يجلب معه سيارات، وأشخاصا، وأغراضا، وأناسا داخل سيارات، ثم ألقى بكل شيء في البحر».

لبناني مقيم في درنة: رأيت الموت بعيني
في حين روى لـ«فرانس برس» محمد عبدالحفيظ (50 عاما) لبناني يعيش منذ عقود في درنة، قائلا: «رأيتُ الموت بعيني لكن للعمر بقية... كنت نائما عندما شعرت أن «الدنيا» اهتزت، واعتقدت أن هزة أرضية حصلت، فخرجتُ إلى الشرفة لأرى المياه قد صعدت إلينا في الطابق الثالث».

وحسب آخر إحصائية رسمية نشرتها «بوابة الوسط» أمس الأحد، ارتفعت أعداد الجثث المدفونة إلى 3283 حالة جراء العاصفة المدمرة، وفق ما أعلن وزير الصحة بالحكومة المكلفة من مجلس النواب عثمان عبدالجليل. وأرسلت منظمات إغاثة دولية مساعدات طارئة جوا كما قدمت بعض الدول إمدادات ومساعدات أخرى، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال إن هناك حاجة إلى المزيد.

موجة ارتفاعها 20 مترا
أما المواطن عوض الشيخ (73 عاما) فيقول لـ«فرانس برس» إنه كان في سريره عندما بدأ يسمع صراخا من الخارج. وتابع «خرجتُ من المنزل ولم آخذ معي سوى نظارتي وهاتفي الجوال، ووجدتُ المياه تُزلزل الأبواب الحديدية في المبنى».

وحسب روايته لـ«فرانس برس»، فقد شاهد الشيخ باب منزل في المبنى يُخلع بفعل تدفق المياه، حيث يقطن الطابق الأول مع زوجته، ولديه ابنان يسكنان مع عائلتيهما في المبنى نفسه في طابقين أعلى. وصعد مع زوجته إلى الطابق الرابع. وما هي إلا دقائق، حتى بدأت المياه في الانحسار والتوجه نحو مجرى النهر القريب، بحسب قوله. لكن ذلك لم يكن نهاية الكابوس. يقول إنه بعد حوالى ثلث ساعة «صاح ابني من فوق إن موجة أخرى قادمة وهي أكبر من الأولى، ارتفاعها يبلغ نحو 20 مترا».

«معهد واشنطن»: معركة التعافي من «دانيال» تحدد مصير ليبيا السياسي 
تقديرات أوروبية بتضرر 4454 منزلا في البيضاء جراء «دانيال»
رئيس بلدية درنة يتحدث عن 3 مطالب لأهالي المدينة
وصول «الميسترال» المصرية إلى ليبيا للعمل كمستشفى ميداني

ومن منطقة الساحل الشرقي لمدينة درنة، تحدث المواطن قويدر امراجع الغيثي إلى «بوابة الوسط»، عن حجم الكارثة في المنطقة الذي «يفوق كل التصورات»، ساردا المشاهد المأساوية لمئات الجثث وسط المدينة، التي تبدو كـ«مقبرة جماعية لسكانها»، على حد وصفه. وأكد أن حجم الكارثة في قلب مدينة درنة يفوق قدرة فرق الإنقاذ الليبية والأجنبية التي وصلت المدينة حتى الآن، وبينها طواقم مصرية وفلسطينية وتركية وروسية، مشددا عدم كفايتها لتحقيق الاستجابة مع الكارثة.

وافترش حمد عوض شارعا خاليا وبجانبه زجاجة ماء وأغطية سرير. وقال في تقرير نقلته وكالة «رويترز»: «أنا باق في منطقتنا في محاولة لتنظيفها والتحقق من المفقودين... الحمد لله الذي رزقنا الصبر». ما محمد الناجي بوشرتيلا، وهو موظف حكومي، فقد أفاد «رويترز» بأن 48 فردا من عائلته في عداد المفقودين. وقال ساكن آخر إن الناس في حيرة بشأن ما يجب عليهم فعله بعد ذلك. وقال وصفي، وهو أحد السكان الذي فضل ذكر اسمه الأول فقط، «ما زلنا لا نعرف أي شيء... نسمع شائعات... البعض يحاول طمأنتنا والبعض الآخر يقول يجب أن تغادروا».

جثث أصدقاء وجيران في درنة
وعلى الرغم من الارتباك لدى البعض إلا أن حسن عوض، وهو من سكان درنة يقول «جاء الناس بالمساعدات من كل مكان، وهذا سهل علينا الأمر، وشعرنا أننا لسنا وحدنا». وأشار عوض إلى عمود صدئ ممتد بين مبنيين، وقال إن التشبث به كان السبب وراء نجاة أسرته من الفيضان الذي دمر منزلهم وغطى كل شيء بالوحل. وأضاف «عثرنا على جثث لجيران وأصدقاء وأحباء...»، حسب ما نقلت «رويترز».

ووزع متطوعون ملابس وأطعمة في مناطق أخرى من المدينة. وقال محمد شاهين، أحد المشرفين على المبادرة، لـ«رويترز»: «ترك الناس منازلهم دون أي شيء، لم يكن لديهم وقت حتى لأخذ ملابسهم الداخلية». وقال متطوع آخر، يدعى عبدالنبي، إن الفريق جاء من مدينة العجيلات (غرب ليبيا)، الذي دخل في صراع متقطع مع الشرق منذ أكثر من عقد. وأضاف «يأتي الناس لمساعدة المتضررين». أما محمد ونيس التاجوري فقال إنه جاء إلى درنة من بنغازي على الساحل مع زملائه من طلاب الطب للقيام بأعمال التطهير والتعقيم. وأضاف «بعد الفيضانات تحدث الأوبئة».

انتشال جثث ضحايا الإعصار «دانيال»
ووسط مشاهد الدمار والخراب الذي عم المدينة، تُنتشل جثث كل يوم من تحت أنقاض الأحياء المدمرة أو من البحر وتُدفن. وبحسب السكان، سقط معظم الضحايا تحت الوحول أو جرفتهم المياه إلى البحر المتوسط. وعلى الواجهة البحرية، وقفت جرافة لرفع حطام الأثاث والسيارات في محاولة للعثور على ضحايا تحتها. وكانت جرافة أخرى تزيل أنقاضا بينما وقف موظفو إنقاذ على مقربة منها لأداء الصلاة. حسب «رويترز».

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن حمزة الخفيفي (45 عاما) وهو جندي في قوات الجيش التابعة للقيادة العامة، تجربته حين قدم من بنغازي ليبدأ العمل مع زملائه من كورنيش درنة حيث كانت الجثث عالقة بين الصخور، نساء، ورجال، وأطفال، وكبار، وصغار، وتتناثر بشكل رهيب بسبب الجرف».

وفي مستشفى البيضاء، يعالج ضحايا الإعصار من درنة ومن المنطقة ذاتها. ووضع أطباء حواجز موقتة في الشارع للحيلولة دون وصول مياه الفيضانات إلى المبنى بيد أنها وصلت وارتفع منسوبها داخله. وقال مدير المستشفى عبدالرحيم مازق «أثر ذلك على الأجهزة والبنية التحتية للطابق السفلي من المستشفى»، حسب مانقلت «رويترز».

ومع فداحة الكارثة الإنسانية التي تعيشها درنة، فقد أرسلت دول ومنظمات إغاثة دولية مساعدات طارئة جوا كما قدمت بعض الدول إمدادات ومساعدات أخرى، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية قال إن هناك حاجة إلى المزيد.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«بلومبرغ»: مساعٍ مصرية تركية لوقف الإغلاقات النفطية في ليبيا
«بلومبرغ»: مساعٍ مصرية تركية لوقف الإغلاقات النفطية في ليبيا
ضبط أحد أكبر تجار المخدرات في درنة
ضبط أحد أكبر تجار المخدرات في درنة
التعاون الإيطالي – الليبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية على أجندة ستارمر وميلوني
التعاون الإيطالي – الليبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية على أجندة ...
انتشال صواريخ وقذائف مدفعية في مصراتة (صور)
انتشال صواريخ وقذائف مدفعية في مصراتة (صور)
«منارة» و«علم».. المنفي يغرد عن شيخ الشهداء عمر المختار
«منارة» و«علم».. المنفي يغرد عن شيخ الشهداء عمر المختار
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم