بدأت ليبيا الاهتمام بشكل متزايد بالهيدروجين الأخضر، الذي كان حاضرًا في اجتماعات رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة مع مسؤولين أجانب ضمن نقاشات أوسع عن الطاقة المتجددة في لييا، قبل أن ينطلق في بنغازي، الإثنين الماضي، المؤتمر الدولي للطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر.

لكن ما هو الهيدروجين الأخضر.. وما علاقته بإنتاج الطاقة والنفط؟
يُعد الهيدروجين الأخضر نوع من الوقود، وينتج طاقة بدون انبعاث ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج من مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط.

وبدأ الاهتمام الدولي بهذا العنصر كمصدر للطاقة النظيفة، مع تزايد التحذيرات من خطورة التغير المناخي وارتفاع درجات حرارة الأرض بسبب الكربون واستخدام الوقود الأحفوري (التقليدي - النفط والفحم).

وفي مؤتمرات البيئة وتغير المناخ، وضعت الدول هدفًا للحد من ارتفاع حرارة الأرض بنحو درجة ونصف الدرجة حتى العام 2025.

الهيدروجين.. أزرق وأخضر
وتقول لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) إن تطوير الهيدروجين المنخفض الكربون بات جزءًا مهمًا من الجهود التي تبذلها الحكومات لمعالجة المخاطر البيئية والاقتصادية، مشيرةً إلى نوعين منه: الأزرق والأخضر.

وبالفعل، بدأ استخدام الهيدروجين الأخضر في مناطق عدة من العالم بديلاً من الوقود الأحفوري مثل النفط والفحم الحجري. وجرى الإعلان عن خطط وطنية في عدد من الدول للاعتماد على الهيدروجين الاخضر.

ووضعت الولايات المتحدة خريطة طريق جديدة في هذا الإطار. أما ألمانيا فتعتزم استثمار تسعة مليارات يورو بحلول 2030، فيما خصصت كل من فرنسا والبرتغال سبعة مليارات يورو لهذه الغاية، وكرست بريطانيا 12 مليار جنيه استرليني فيما خصصت اليابان والصين ثلاثة مليارات دولار و16 مليارًا على التوالي للانتقال إلى تصنيع مراع للبيئة.

تحتل بلدان شمال آسيا موقعًا متقدمًا، خصوصًا اليابان التي تعمل على تصميم سفن لنقل الهيدروجين لتلبية حاجاتها الكبيرة، وكوريا الجنوبية، والصين.

اهتمام ليبي بالاتجاه الحديث للطاقة
وفي بنغازي عقد مؤتمر الهيدروجين الأخضر تحت شعار «مناخ الاستثمار والقوانين المنظمة»، بكلمة نائب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب علي فرج القطراني، الذي شارك في الجلسة الافتتاحية إلى جانب رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب عيسى العريبي، ووزير الكهرباء والطاقات المتجددة عوض البدري.

وأكد القطراني في كلمته «ضرورة التركيز على هذه الثروة التي ستكون محور اهتمام العالم خلال السنوات القليلة القادمة»، مضيفًا إن «وزارة الكهرباء والطاقات المتجددة تهتم بتوطين الطاقة المتجددة»، معربًا عن امتنانه للجهود المبذولة لتحقيق هذا المشروع الوطني الذي أصبح يرى النور».

حضر المؤتمر عدد من أعضاء مجلس النواب ووزراء الحكومة ومسؤولي القطاعات وممثلي الشركات المحلية والعربية والدولية المتخصصة في قطاع الكهرباء والطاقات المتجددة.

شراكة مع ألمانيا للبحث عن مصادر للطاقة المتجددة
وفي ديسمبر الماضي، ناقش سفير ألمانيا لدى ليبيا ميخائيل أونماخت مع بن قدارة تطوير «شراكة موثوقة وطويلة الأمد في مجال مصادر الطاقة المتجددة بما في ذلك الهيدروجين الأخضر.

- بالصور.. انطلاق المؤتمر الدولي للطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر في بنغازي
- «الطاقة الدولية»: ليبيا تملك إمكانات لإنتاج منخفض التكلفة لـ«الهيدروجين الأخضر»
- مصر توقع 8 اتفاقات إطارية لتطوير مشروعات للهيدروجين الأخضر

وفي نوفمبر 2022، أكد بن قدارة التزام مؤسسة النفط بالعمل على الحد من الانبعاثات الضارة من أجل الحفاظ على البيئة وبناء مستقبل أكثر استدامة. وتحدث بن قدارة خلال فعاليات مؤتمر «أديبك 2022» في أبوظبي، عن الإمكانات الهائلة التي تمتلكها ليبيا للانطلاق في مجال الطاقة المتجددة.

بدورها، كشفت وكالة الطاقة الدولية أن ليبيا من المناطق ذات إمكانات الإنتاج المنخفضة التكلفة للهيدروجين الأخضر، داعية إلى ضرورة اتباع دول القارة الأفريقية خطوات التحول السريع إلى الطاقة النظيفة والأرخص في ظل الارتفاعات القياسية في أسعار الطاقة عالميًا.

وتوقعت الوكالة أن يبقى الهيدروجين المنتج في شمال أفريقيا من الغاز الطبيعي أرخص بحلول العام 2030، بما يزيد قليلاً عن دولار واحد للكيلوغرام. ففي بعض المناطق، قد يقترب هذا الإنتاج من 1.5 دولار / كغم. وتشمل المناطق ذات إمكانات الإنتاج المنخفضة التكلفة بشكل خاص ليبيا وأجزاء من جنوب أفريقيا وناميبيا ومصر والسودان وتشاد.

احتمالات التصدير إلى أوروبا
وتعتقد الوكالة أن الانخفاضات العالمية في تكلفة إنتاج الهيدروجين من شأنها السماح لأفريقيا بتصدير الهيدروجين - المنتج باستخدام الطاقة المتجددة - إلى شمال أوروبا بأسعار تنافسية دوليًا بحلول العام 2030.

وتهتم دول عربية بهذا الملف، ففي نوفمبر الماضي أعلن مجلس الورزاء المصري السعي إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي بين عشرة مليارات و18 مليار دولار بحلول 2025، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر.

وذكر المجلس في بيان إن الاستراتيجية تستهدف الاستحواذ على 80% من سوق الهيدروجين عالميًا، مضيفًا أنه من المقرر أن تنخفض تكلفة الإنتاج لتصل إلى 1.7 دولار لكل كيلوغرام في العام 2050 مقارنة بـ2.7 دولار في العام 2025، بما يتيح أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة.