Atwasat

وسط غياب الدعم الحكومي.. مناطق كسب العيش في ليبيا تحت رحمة الصدمات المناخية

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الثلاثاء 16 مايو 2023, 08:15 مساء
WTV_Frequency

سلط تقييم أممي جديد، يعد الأول من نوعه في ليبيا، الضوء على أبعاد التغيُّرات المناخية المتطرفة على قطاع الفلاحة التي تسببت في تخلي الكثير من المزارعين عن المهنة لتأمين لقمة العيش؛ بسبب الخسائر الناجمة عن الجفاف والتصحر وأزمة الكهرباء، في مقابل غياب دعم الحكومات المتعاقبة وغياب التأمين.

تأثير تغيُّر المناخ على قطاع الزراعة في ليبيا
وجرى إجراء تقييم من مبادرة «ريتش» التخطيطية الدولية الممولة من جهات أممية نيابة عن برنامج الأغذية العالمي؛ لفهم تأثير تغيُّر المناخ في ليبيا على تأمين لقمة العيش في مختلف مناطق البلاد.

ففي ليبيا، أثار ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة حدوث الظواهر المناخية المتطرفة، مخاوف من انخفاض الإنتاجية الزراعية، واستنفاد موارد المياه، وزيادة انعدام الأمن الغذائي، وسلامة المجتمعات الساحلية.

فعلى الرغم من وجود دراسات تركز على تأثير تسرب مياه البحر على الزراعة، وتصحر الأراضي الزراعية، وتقييم مخاطر الكثبان الرملية، وتأثير النزاع المسلح على قطاع الزراعة، وتصورات المجتمعات الزراعية لمخاطر تغير المناخ، لم يكن هناك أي جهد لرسم خريطة مناطق كسب العيش المختلفة وقدرة المجتمعات في هذه المناطق على التصدي للصدمات المناخية الحالية والمستقبلية في جميع أنحاء ليبيا.

وإزاء هذه الخلفية، توصل برنامج الأغذية العالمي بدعم من مبادرة ريتش لعدة نتائج بناء على تحليل آثار بعض تأثيرات التوقعات المناخية على سبل كسب العيش في ليبيا.

منطقتان مناخيتان في ليبيا
وصنفت الدراسة ليبيا إلى منطقتين مناخيتين رئيسيتين وهما المناطق الصحراوية أو القاحلة التي تمثل أكبر مساحة في البلاد (أكثر من 95% من المساحة الإجمالية)، ولكنها ذات كثافة سكانية منخفضة للغاية، ومناطق البحر الأبيض المتوسط والتي تتركز فيها الغالبية العظمى من المناطق الحضرية وأراضي المحاصيل، إذ تختلف سبل كسب العيش في هذه المناطق المناخية الرئيسية اختلافًا كبيرًا.

ومن ضمن التحديات الرئيسية التي جرى التوصل إليها هي الإطار القانوني الوطني للأنشطة الزراعية وحماية البيئة واستخدام المياه، فقد كان هناك تشجيع محدود للمزارعين على تبني ممارسات مستدامة، ولا يوجد تعويض عن الأضرار أو الخسائر التي تكبدها الفلاحون.

- مركز أوروبي يرصد حالة الزراعة في ليبيا.. تدني المحاصيل في طرابلس بسبب الجفاف
- «أوراسيا ريفيو» يحذر من آثار وخيمة على ليبيا وخسائر اقتصادية جراء تغير المناخ
- تقرير أممي: الليبيون ينفقون أعلى زيادة لتكلفة سلة الغذاء خلال 3 سنوات

لا دور للحكومات المتعاقبة في التشجيع على الزراعة
كما أفاد نصف المشاركين في المناقشة الجماعية بأن لديهم احتياجات وقضايا أثرت على أنشطتهم، ولكن لا يمكن التغلب عليها من دون تدخلات الحكومة. وأكد التقييم أن المزارعين يلجئون إلى الجمعيات الزراعية الخاصة ودفع الرسوم للحصول على الأسمدة والبذور وأيضًا الحصول على المعلومات والإرشادات الزراعية المتعلقة بأنواع المحاصيل التي تتماشى مع المنطقة ونوع التربة ومعرفة مدى صلاحيته للزراعة، مع عدم وجود دور للحكومات المتعاقبة على البلاد في التشجيع على الزراعة.

وتعاني العديد من المناطق بالفعل من الجفاف، بالإضافة إلى الغبار والعواصف الرملية، كما ورد في المناقشة الجماعية التي عقدت في طبرق، وكانت من التحديات الرئيسية التي يمكن أن تؤثر على سبل العيش في المنطقة، حيث تعتبر منطقة رعوية، وسيؤثر الجفاف والعواصف الرملية على المراعي، ويمكن أن يتفاقم الوضع مع زيادة مخاطر التصحر.

وأفاد الفلاحون بأن الأنشطة الزراعية قد انخفضت بشكل كبير، بسبب الجفاف فقد شهدت مناطق كسب العيش في جبل نفوسة أيضًا بعض آثار الجفاف وتسبب آخر عام من الجفاف في إلحاق أضرار بأشجار الزيتون وأنواع أخرى من المحاصيل وحتى قادت المشاركين إلى تنويع مصادر دخلهم وتقليل الاعتماد على الزراعة لتقليل المخاطر على سبل عيشهم منها إنفاق المدخرات، بيع الماشية، متابعة أنشطة أخرى مثل التجارة.

وفي الجنوب، يشكل الجفاف بالفعل تهديدًا حقيقًيا يؤثر على ممارسات استخدام المياه، حيث يصبح استهلاك المياه مصدر قلق خاصة في فصل الصيف بسبب نقص هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة. وفي فزان يتعين استخدام محاصيل مقاومة للجفاف يمكنها تحمل الظروف البيئية للمنطقة نظرًا لأن رزقهم يعتمد كليًا على الزراعة.

المزارعون يبيعون الأصول للتعافي من الأزمة
وعند مواجهة تحديات مالية، أكد العديد من المشاركين في المناقشات الجماعية أنه بخلاف شبكاتهم الاجتماعية، لا يتلقون أي دعم من الهيئات الحكومية أو السلطات في قطاعهم، وبالتالي فإن الخيار الآخر الوحيد الذي يلجؤون إليه عادة هو أصولهم ومدخراتهم، وعليه يفسر ذلك بلجوء البعض إلى بيع الأصول التي تشمل قطع الأراضي أو المواشي أو غيرها من الممتلكات للتعافي من الأزمة.

كما أفاد المشاركون بعدم وجود إمكانية الوصول إلى أي خدمات مالية أو تأمينية، وذكَّروا بدور المصرف الزراعي الليبي بشكل رئيسي بين 1960 -1990 وطرحوه كآلية دعم مالي فعالة وموثوقة في الماضي. فعلي سبيل المثال في العام 1963، عندما وقع الزلزال في المرج دعم المصرف المواطنين والمزارعين المتضررين، ومنذ العام 1998 توقف المصرف عن دعم الأسر الذين تعرضوا للكوارث.

أما بالنسبة للتأمين، إذ تشير معظم التجارب المذكورة في المناقشات الجماعية مع أصحاب المهنة إلى هذه الخدمة كخيار لم يعد متاحًا أو يتعلق فقط ببعض جوانب التعويض.

الهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية
وذكر آخرون أن إحدى نتائج العقبات التي يواجهونها الحصول على الكهرباء والري والبنية التحتية فتشكل هذه القضايا تهديدًا لسبل العيش، وهو في جانب آخر يضطرهم إلى الهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية للحصول على فرص معيشية أفضل.

كما أن تأثير عدم استقرار الكهرباء أو انعدامها منتشر على نطاق واسع ويسهم في تفاقم مشاكل أخرى في القطاع الزراعي، لا سيما الوصول إلى الموارد المائية وإدارتها. وذكرت الغالبية العظمى من المناقشات الجماعية أن انقطاع التيار الكهربائي يؤدي إلى تلف المحاصيل، وإفساد المخزونات وتأثيره على معدلات الإنتاج بغض النظر عن نوع المحاصيل، لأنه إذا لم يحدث التلف في مرحلة الإنتاج، فسيحدث في مرحلة تخزين المحاصيل.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
تكالة يبحث مع سفير إيطاليا «حلول الأزمة» بعد استقالة باتيلي
تكالة يبحث مع سفير إيطاليا «حلول الأزمة» بعد استقالة باتيلي
«اقتصاد بلس» ينقل الصورة: المقاطعة خيار الليبيين لمواجهة الغلاء
«اقتصاد بلس» ينقل الصورة: المقاطعة خيار الليبيين لمواجهة الغلاء
النويري يدعو إلى تبني حلول وطنية وتحريك ملف المصالحة
النويري يدعو إلى تبني حلول وطنية وتحريك ملف المصالحة
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
«وسط الخبر» يستكشف مستقبل الأزمة بعد استقالة باتيلي
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
نورلاند يثمن جهود باتيلي ويؤكد ضرورة الانتخابات في ليبيا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم