Atwasat

مبادرة باتيلي.. هل تضيق دائرة المرشحين المحتملين للرئاسة؟

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني السبت 04 مارس 2023, 03:52 مساء
WTV_Frequency

دخلت الأزمة الليبية مرحلة جديدة من الشد والجذب بعد إعلان المبعوث الأممي عبدالله باتيلي مبادرة جديدة لتسوية الأزمة السياسية وإنهاء المرحلة الانتقالية، عبر إنشاء لجنة ليبية لتمكين إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال العام الجاري 2023

المبادرة التي أعلنها باتيلي خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الإثنين الماضي، وضعت مجلسي النواب والدولة في زاوية التهميش، خاصة مع تأكيد باتيلي على إخفاق المجلسين في التوصل إلى القاعدة الدستورية؛ فيما قد تضيق الدائرة على المرشحين المحتملين وتتقلص أعدادهم، مع رفع فيتو غربي بوجه بعض المرشحين، وهو ما منع إجراء استحقاق الاقتراع الذي ينتظره قرابة ثلاثة ملايين ليبي. واستغرق المبعوث الأممي نحو ستة أشهر منذ تعيينه ليتوصل إلى هذه المبادرة.

للاطلاع على العدد 380 من جريدة «الوسط». اضغط هنا 

ويرى مراقبون أن باتيلي أعلن خطته بعد أن تلقى ضوءاً أخضر من الدول المؤثرة في الأزمة الليبية خلال اجتماع أخير بواشنطن، بعدما اقتنع أن التعقيدات في المسار الدستوري رهنت مصير العملية السياسية ومما ذكره تحفظه على التعديل الدستوري الأخير الصادر في الجريدة الرسمية قبل أيام، وقال إن التعديل لا يعالج النقاط الخلافية الأساسية من قبيل شروط الترشح للانتخابات الرئاسية. كما أنه لا يتضمن خارطة طريق واضحة أو جدولاً زمنياً ملزماً لتنفيذ انتخابات شاملة في 2023؛ بل إنه يضيف تعقيدات جديدة مثل تمثيل الجهات في مجلس الشيوخ.

لكن ما يعيد السؤال الأبرز اليوم حول مدى قدرة اللجنة الجديدة في إحداث اختراق في ملف شروط ترشح العسكريين، ومصير نجل معمر القذافي سيف الإسلام من خارطة الانتخابات مستقبلا. ولا يريد سيف التفريط فيما يراه حقاً سياسياً في خوض الاستحقاق بدفع من الحليف الروسي وعدد من الدول الأفريقية.

موسكو تتحفظ
وأظهرت كلمة النائب الأول للمندوب الدائم ديمتري بوليانسكي في بعثة الاتحاد الروسي للأمم المتحدة في اجتماع مجلس الأمن تحفظاً على مبادرة باتيلي، فمن حيث المبدأ ترى موسكو أن المخرج من الوضع الحالي في ليبيا هو تنظيم انتخابات وطنية، غير أنها تحذر من التسرع وتجاهل إنجازات مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، معتبرة أن أحد مفاتيح نجاح الانتخابات يجب أن تكون المشاركة في عملية جمع القوى السياسية الرائدة في ليبيا، بمن في ذلك ممثلو الحكومة السابقة، في إشارة إلى نظام القذافي.

ومع أن ترشح سيف الإسلام لم يكن ضمن الإشكالات المطروحة في المسار الدستوري، إلا أن دولاً غربية على رأسها واشنطن ولندن، ترفض أن يكون له أي دور في المشهد السياسي تجنباً لتكرار تجربة والده في الحكم أو شن حملة انتقامية ضدهم، لذلك تبرر موقفها بوجود اسمه في قوائم الجنائية الدولية لارتكابه انتهاكات بحق المتظاهرين في 2011.

ويرى البعض أن حظوظ سيف في الفوز بالرئاسة ضئيلة بسبب غيابه كلياً عن الاحتكاك المباشر بالجماهير على عكس الشخصيات الجدلية الأخرى. فقد كان أول ظهور له في 18 نوفمبر 2021 وقتها قدم ملف ترشُّحه لانتخابات الرئاسة إلى فرع مقر مفوضية الانتخابات في مدينة سبها. في حين لا تخفي روسيا الترويج لسيف عبر قنواتها الدبلوماسية والإعلامية، حيث استضافت وفداً يمثلونه في البلاد قبل خمس سنوات، وتبقى تحركاته الدقيقة تجرى تحت حماية من القبائل المؤيدة وبحراسة من شركات أمنية في الصحراء وصولا إلى دولة النيجر التي يتنقل لها من حين لآخر.

سيف في حماية روسية؟
ومما كشفته آخر المستندات المسربة لمؤسس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين والملقب بـ«طباخ بوتين»، هو وجود علاقات بين سيف الإسلام و«فاغنر» تستهدف حمايته وتأمينه من التصفية.

أما الفريق السياسي لسيف القذافي، فقد وجه سهام الاتهامات يوم الإثنين الماضي إلى اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» ، داعياً إلى ترك مسألة «التآمر على مرشحنا الرئاسي إلى الدول الأجنبية التي تناصبه العداء».

وتحدث مهندسو ترشح سيف عن معلومات تفيد بطلب أعضاء اللجنة إقصاء نجل القذافي من الترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك خلال اجتماع أعضاء اللجنة مع سفراء البعثات الأجنبية بالمطالبة بإقصائه.

وأضاف بيان فريق سيف: «ما حدث يجعلنا نتساءل حول نزاهة لجنة (5+5) وحياديتها حين تقحم نفسها في الشأن السياسي عندما تتناول حق الترشح في الانتخابات».

عقبات أمام لجنة باتيلي
وإن كان إقصاء سيف الإسلام سهلاً بالنسبة للكثيرين، الأمر قد يختلف مع مرشحين محتملين ذوي نفوذ عسكري وسياسي واسع، ولذلك ستكون اللجنة الأممية الجديدة المعنية بالمسار الدستوري، والمزمع تشكيلها أمام عقبة التعامل بحذر شديد مع مسألة الاتفاق على إطار قانوني متعارض بين معسكرين، محور طرابلس الرافض ليكون العسكريون أو مزدوجو الجنسية مرشحين للانتخابات، إذ يسعون إلى إدراج هذين الشرطين في القاعدة الدستورية كضمان لعدم ترشح قائد قوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر، بينما محور شرق ليبيا يرفض استبعادهم وهي خلافات تسببت في إلغاء الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر 2021.

وكثف حفتر خلال العام الماضي من خطاباته ولقاءاته مع قبائل ومسؤولين ونشطاء في عدة مدن زارها انطلقت من درنة في أقصى شرق البلاد ثم الكفرة في الجنوب الشرقي وإلى سبها وصولاً إلى سرت ثم أجدابيا شرقاً، ما فهم أنها حملة انتخابية غير معلنة، وجّه خلالها عدة رسائل.

وفي نهاية العام 2022 أمام مشايخ وأعيان ومسؤولي وأهالي مدينة أجدابيا، أعلن حفتر صراحة رفضه منع العسكريين من الترشح للانتخابات الرئاسية، وقال إنه «لا يمكن لأحد انتزاع حقوق العسكريين الطبيعية والمشاركة في العملية الانتخابية فهم من يواجهون المخاطر دفاعاً عن الوطن».

هل زهد حفتر السياسة؟
يأتي ذلك في وقت روجت تقارير روسية إلى فقدان اهتمام حفتر بترشحه للانتخابات الرئاسية المنتظرة وأنه عبر خلال حضوره مفاوضات القاهرة مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، عن استعداده للتخلي عن الترشح لكنه ألمح إلى نقل سلطاته لنجله صدام.

ونقل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عن خبراء في الملف الليبي أن «صدام هو من سيتولى قيادة الجيش الليبي كون الأخير بدأ فعلياً يسلك مساراً لتنويع الاتصالات الخارجية، كما يتضح من استعداده لإقامة علاقات مع إسرائيل»، وفق المعهد.

في غضون ذلك، يقف رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ضمن أبرز الرافضين لترشح العسكر ومزدوجي الجنسية للانتخابات الرئاسية، ففي مقابلة مع قناة «الجزيرة» الإثنين الماضي، قال المشري إن الانتخابات البرلمانية في ليبيا «ستكون هي الحل لرأب الصدع بين الشرق والغرب، لكنه لن يسمح بأي شكل من الأشكال للقادة العسكريين بالوصول إلى منصب الرئاسة، لأن ذلك يتنافى مع الدستور الليبي»، مضيفاً أنه سبق أن ترشح نحو 14 عسكرياً بمن فيهم حفتر، لكن المجلس رفض ترشيحهم.

وتوقع المشري أن يشهد الوضع السياسي في ليبيا انفراجاً خلال أكتوبر أو نوفمبر المقبلين، من خلال انتخاب رئيس موحد لليبيا وتشكيل «مجلسي النواب والشورى». وبخصوص ما أثير من جدل سياسي حول تدخل اللجنة الأممية في صناعة القرار السياسي في ليبيا، أوضح المشري أن هذا الأمر مرفوض تماماً، مشدداً على أن الأمم المتحدة ترعى ولا تُسيِّر، وهي عاجزة عن تقديم أي حل معقول للخروج من الأزمة، في حين أن الليبيين هم المعنيون بتسوية خلافاتهم السياسية عبر الحوار.

احتمالات حكومة جديدة
في المقابل، لا يستبعد محللون أيضاً تعيين رئيس حكومة جديد لتنظيم الانتخابات بدلا من رئيس حكومة الوحدة الموقتة عبدالحميد الدبيبة، الذي أصبح الآن جزءاً من المشكلة، إذ يرفض مجلسا النواب وجناح الشرق الانتخابات التي تنظم تحت رعايته. وزيادة على ذلك، فإن الدبيبة بصدد إطلاق حزبه السياسي لتقديم نفسه كمرشح رئاسي.

ما يعني أن المجتمع الدولي قد يعمل على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة مهمتها محدودة لإجراء الانتخابات على الرغم من تجربة 11 حكومة منذ 2011 لم تتمكن جميعها من طي ملف الاستحقاقات الرئاسية.

وفي هذا الصدد، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي إن «أي عملية سياسية تخرج بسلطة تنفيذية جديدة لن تصل بليبيا إلى بر الأمان، بل لجسم جديد يحكم لفترة أخرى دون إجراء انتخابات».

للاطلاع على العدد 380 من جريدة «الوسط». اضغط هنا 

ويتخوف الفاعلون الليبيون من استنساخ السيناريوهات السابقة والفاشلة، حسب المرشح الرئاسي عارف النايض رئيس «حركة إحياء ليبيا»، الذي دعا في بيان له تعليقاً على إحاطة باتيلي إلى ضرورة «تجنب الأخطاء السابقة، لا سيما عدم وجود تمثيل حقيقي للنسيج الاجتماعي الليبي، وعدم وجود تدابير لتعزيز النزاهة ومكافحة الرشوة والفساد».

ورحب بمضمون الإحاطة التي قدمها الممثل الخاص للأمين العام إلى مجلس الأمن الدولي في 27 فبراير 2023، لا سيما مبادرته لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية في هذا العام 2023.

وشددت الحركة على ضرورة مشاركة «أصحاب المصلحة الليبيين، بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية والشخصيات السياسية الرئيسية وزعماء القبائل ومنظمات المجتمع المدني والجهات الأمنية والنساء، وممثلو الشباب، وذلك بشكل فعلي وليس مجرد كلام».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
حالة الطقس في ليبيا (الجمعة 29 مارس 2024)
حالة الطقس في ليبيا (الجمعة 29 مارس 2024)
«الأرصاد» يحذر من رياح نشطة على الساحل من طرابلس إلى سرت
«الأرصاد» يحذر من رياح نشطة على الساحل من طرابلس إلى سرت
خلال جولة تفقدية.. النمروش يشدد على ضمان عودة الحركة في منفذ رأس اجدير
خلال جولة تفقدية.. النمروش يشدد على ضمان عودة الحركة في منفذ رأس ...
«الاستشعار عن بعد»: زلزال جنوب اليونان.. هل شعرتم به؟
«الاستشعار عن بعد»: زلزال جنوب اليونان.. هل شعرتم به؟
ضبط متهمين بطعن سوداني وابنه في الكفرة
ضبط متهمين بطعن سوداني وابنه في الكفرة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم