Atwasat

مركز أميركي: مأزق تركي في التعامل مع الانقسام الليبي.. والوحدة أكثر فائدة لمصالح أنقرة

الجزائر - بوابة الوسط: عبدالرحمن أميني الخميس 26 يناير 2023, 02:20 مساء
WTV_Frequency

ترى مؤسسة أبحاث «المركز العربي واشنطن دي سي» أن صانعي القرار في تركيا باتوا في مأزق إزاء التعامل مع الوضع الليبي، خاصة بسبب رفض بعض الليبيين لدور تركيا في الاستحواذ على الطاقة أو التنقيب عن الغاز؛ موضحة أن الانقسام الليبي قد يفيد في مدى زمني قصير، لكن الوحدة ستكون مفتاحا لتأمين المصالح الجيوسياسية والاقتصادية لأنقرة في شرق البحر المتوسط.

وقال المركز إن تعليق محكمة ليبية صفقة للتنقيب عن الطاقة بين تركيا وحكومة الوحدة الوطنية في 9 يناير الجاري بعثر الأوراق التركية، إذ احتجت وزارة الخارجية التركية على الفور على هذا الإجراء وفق ما جاء على لسان الوزير مولود تشاوش أوغلو.

ويفسّر التقرير هذا المأزق بقول إن السلطات التركية فتحت قنوات للحوار مع مجلس النواب ودعت إلى حل دبلوماسي يوحد الهيئتين الحكوميتين المتنافستين في ليبيا، في وقت تحصر فيه تعاملاتها مع حكومة الوحدة الموقتة وليس مع الحكومة المكلفة من مجلس النواب، مما يؤكد ضبابية الرؤية بالنسبة أنقرة.

وتتعارض هذه التصرفات مع إمكانية معالجة الانقسامات بين الأطراف المتناحرة في ليبيا وهو ما اعتبره المركز «أفضل وسيلة لتأمين مصالح تركيا في شرق البحر المتوسط».

تعديل في أوتار سياسة أنقرة
ويحدد المركز الذي يتخذ من العاصمة الأميركية مقرا له عدة عوامل تشكل معضلة تركيا بشأن سياستها تجاه ليبيا. فأولا، يعد تغيير الأولويات في السياسة الخارجية التركية على نطاق أوسع محركا مهما لاتخاذ قرارات في ليبيا؛ فقد بدأت الحكومة التركية الآن في إصلاح العلاقات مع الإمارات التي كانت منافسا رئيسيا لأنقرة في تصعيد حرب بالوكالة تعتمد على الطائرات دون طيار خلال المعارك الليبية.

كما حققت أنقرة انفتاحا دبلوماسيا مع السعودية ومصر والقوى الإقليمية الأخرى التي توحدت في مواجهة سياسة تركيا الطموحة في القرن الأفريقي وليبيا. وذكّر المركز بمصافحة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أخيرا مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي كعلامة واضحة على رغبة أنقرة في مسار دبلوماسي مغاير لحل الأزمة الليبية.

- جريدة «الوسط»: «مذكرة التفاهم» تعزز حالة «اللاتفاهم» بين الليبيين
- هل تفك مصافحة السيسي وإردوغان عقدة الأزمة الليبية؟
- الدبيبة يؤكد ضرورة تعزيز التعاون مع تركيا في 3 ملفات
- وفد مجلس النواب يبحث فتح قنصلية تركية في بنغازي

وثاني العوامل التي أوردها التقرير، هو: الديناميكيات المتغيرة بين النخبة السياسية الليبية كخطر على حسابات تركيا الاستراتيجية، إذ إنها راجعت علاقاتها القوية مع فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الموقت المنافس الذي عينه مجلس النواب، بعد أن لجأ باشاغا إلى مصر وفرنسا للحصول على الدعم.

تحدي الانتخابات
أما ثالث عامل فهو الانتخابات الرئاسية التي تقترب بسرعة في تركيا والتي من المقرر إجراؤها في مايو 2023، فهي لا تخدم التطلعات الاستراتيجية لأنقرة، إذ يقدم قادة المعارضة الأتراك رؤى بديلة للأزمة الليبية، وبالتالي يخلقون الأمل والشكوك حول مستقبل السياسة التركية تجاه ليبيا.

وأشار التقرير إلى الجدل في أوساط السياسة التركية بعد نشر صور مصافحة إردوغان والسيسي؛ إذ لم يستطع أنصار الرئيس التركي المحافظين تصديق أن إردوغان اتخذ مثل هذه الخطوة والتي قد تضر بصورة الرجل القوي في الداخل، خاصة في الوقت الذي يدير فيه حملة في سباق انتخابي محكم. فيما رأى آخرون أن إردوغان ربما يحاول التواصل مع الأتراك العلمانيين والقوميين الذين غالبا ما ينتقدون ميوله الأيديولوجية.

ويقرأ التقرير في هذه الخطوات أن إحدى الحقائق حول التقارب بين إردوغان والسيسي واضحة إلى حد ما بالنسبة إلى خبراء السياسة الخارجية حيث تسعى الحكومة التركية إلى إيجاد طريقة لكسر العلاقات القائمة بين مختلف الدول التي تشكل تحالفات ضد تركيا في شرق البحر المتوسط.

التقارب المصري التركي
وحسب المركز، فإنه قبل اجتماع إردوغان والسيسي في قطر كان المسؤولون المصريون يشيرون إلى ليبيا باعتبارها القضية الرئيسية التي تعرقل التطبيع بين القاهرة وأنقرة، إذ تطالب مصر بانسحاب العسكريين الأتراك والمقاتلين الأجانب التابعين لها، بينما ترفض أنقرة اتخاذ مثل هذه الخطوات التي قد تضعف يدها في المفاوضات الدبلوماسية.

واستجابة لاتفاق أكتوبر 2022 الذي أبرمته تركيا مع حكومة طرابلس، تقدمت مصر بإعلان أحادي الجانب لترسيم حدودها البحرية الغربية. كما وقعت مذكرة تعاون حكومية دولية جديدة مع اليونان لتعزيز اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة السابقة مع اليونان في العام 2020.

وامتنعت أنقرة عن انتقاد القاهرة بشكل مباشر بسبب هذا الإعلان الأحادي وهو أمر واضح لكن كان الرد التركي هو دعوة مصر وليبيا لبدء مفاوضات لحل خلافاتهما، مؤكدين أن تركيا تفضل الحوار في أقرب وقت ممكن.

لا حل في ليبيا دون القاهرة؟
وهنا بيّن المركز أن أنقرة تدرك أن الصفقات مع حكومة طرابلس لا يمكن أن تتحقق دون مصادقة طرف ثالث، وأن التوصل إلى توافق مع القاهرة هو السبيل الوحيد لضمان المصالح الاقتصادية التركية في ليبيا. ومع ذلك لم تكتشف أنقرة بعد كيفية التوصل إلى توافق مع القاهرة دون تقديم الكثير من التنازلات.

كما يوضح التقرير أسباب تريث تركيا في التصعيد، إذ لا تريد أنقرة إفساد علاقاتها الجيدة أخيرا مع الإمارات وإسرائيل والمملكة العربية السعودية. وقد لا يؤدي تصعيد التوترات إلى إحياء الشراكة بين مصر وإسرائيل والإمارات مع اليونان وقبرص فحسب، بل قد يدعو أيضا إلى دعم عسكري روسي لشرق ليبيا. أما ما تريده تركيا هو تأمين مصالحها الاقتصادية في ليبيا والذي سيتحقق على الأرجح من خلال إنشاء حكومة ليبية موحدة.

وفي الإثناء، فإن مع محادثات تركيا حاليا مع الحكومتين الليبيتين، تواجه الآن معضلة، فدعم أنقرة لحكومة طرابلس مهم كورقة مساومة للحصول على امتيازات اقتصادية في شرق ليبيا. لكن حكومة الدبيبة ليست في وضع يمكنها من توحيد البلاد، حسب المركز.

وبالنسبة للتقرير فإن الانتخابات التي لم يجر تحديدها بعد في ليبيا والانتخابات الرئاسية التركية للعام 2023 ستكون ذات أهمية كبير، حيث ترسل أحزاب المعارضة التركية رسائل مختلفة إلى السلطات الليبية والمصرية التي تبحث عن إشارات من أنقرة.

التقارب مع شرق ليبيا
وفي الآونة الأخيرة صرح وفد من نواب المعارضة التركية بأنه لا يدعم الصفقات البحرية الأحادية الجانب التي أبرمها إردوغان، بعد زيارة الوفد لبنغازي. وبالتالي يرى المركز أن فوز إردوغان في الانتخابات سيمكنه من التفاوض مع شرق ليبيا. ومع ذلك إذا خسر إردوغان فقد لا تظل سياسة تركيا تجاه ليبيا طموحة كما هي حاليا.

ورجح التقرير أن يستمر تأمين المصالح الاقتصادية في ليبيا للدولة التركية بغض النظر عن نتيجة الانتخابات المقبلة. ومع ذلك قد يجرى إسقاط التوترات البحرية المتزايدة في شرق البحر المتوسط من أجندة سياسة أنقرة في المستقبل.

ويؤكد التقرير أن تركيا تقف حاليا على الحياد فيما يتعلق بخريطة الطريق لقراراتها المستقبلية في ليبيا. وتتعلق المعضلة في المقام الأول بإيجاد الهيئة السياسية الشرعية الصحيحة التي يمكنها تقديم قرارات ذات مغزى، مضيفا أن المصلحة التركية ستحقق على أفضل وجه من خلال دعم انتخابات ليبية حرة ونزيهة. ويرى المعهد أنه لا شيء سوى الانتخابات يمكن أن يوفر الشرعية ويقيم الجسور بين الأطراف المتنافسة.

الانتخابات والوحدة الليبية مفيدة أكثر لأنقرة
وأشار إلى تعهد حكومة الدبيبة بتسليم السلطة فقط إلى حكومة منتخبة. في المقابل، قد يؤدي فشل باشاغا إلى انقسامات داخل معسكر شرق ليبيا وبالتالي إلى تآكل الشرعية السياسية التي يتمتع بها مجلس النواب.

وختم المعهد بالقول إنه من دون الاستفادة من الشرعية العامة من خلال انتخابات حرة ونزيهة من المرجح أن تظل النخبة السياسية الليبية منقسمة وضعيفة. وعلى الرغم من أن أنقرة قد تجد أن الانقسامات الليبية مفيدة في الحصول على مزيد التنازلات في مفاوضاتها مع القاهرة ومع الحكومات الليبية المتنافسة، فإن استغلال هذه الانقسامات سيضر بالوحدة الليبية التي تظل مفتاحا لتأمين المصالح الجيوسياسية والاقتصادية التركية في شرق البحر المتوسط.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«الخارجية» تأسف لفشل مجلس الأمن في قبول عضوية فلسطين
«الخارجية» تأسف لفشل مجلس الأمن في قبول عضوية فلسطين
وفاة الناشط سراج دغمان المحتجز لدى الأمن الداخلي في بنغازي.. ومدونون: «قُتل»
وفاة الناشط سراج دغمان المحتجز لدى الأمن الداخلي في بنغازي.. ...
انتهاء صيانة عمارات الكيش في بنغازي (صور)
انتهاء صيانة عمارات الكيش في بنغازي (صور)
الكبير يبحث في واشنطن مع «المركزي الفرنسي» جهود غسل الأموال والدفع الإلكتروني
الكبير يبحث في واشنطن مع «المركزي الفرنسي» جهود غسل الأموال ...
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري الثالث (صور)
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم