Atwasat

تحليل دولي يفسّر خلفيات فشل المفاوضات الليبية المتكرر.. وأيهما أنسب للبلاد نظام رئاسي أم برلماني؟

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 06 ديسمبر 2022, 07:53 مساء
WTV_Frequency

يخوض معهد «تشاتام هاوس» في خلفيات فشل المفاوضات السياسية في ليبيا مرارا وتكرارا حيث لا تزال العوامل نفسها حاضرة منذ 2011، وسط إخفاق الدول القوية التي لها مصالح في تشجيع أي من الجانبين على التوصل إلى اتفاق، في حين أثار مسألة أي النظامين الرئاسي أو البرلماني مناسب للحالة الليبية.

وأوضح تقرير تحليلي نشره المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» نشر يوم 3 ديسمبر الجاري، أن المفاوضات الليبية في العام 2022 كانت بمثابة مثال جيد للتحديات التي تواجهها محادثات السلام. ففي الفترة من مارس إلى يونيو حاولت القوى السياسية الرئيسية في ليبيا التفاوض على تسوية من شأنها أن تسمح للبلاد بفتح صفحة جديدة والتحرك نحو الاستقرار، على الرغم من أن جميع العوامل التي أعاقت التقدم في الماضي لا تزال حاضرة، حيث توصل المفاوضون إلى اتفاق بشأن قضايا مهمة لم تتم مناقشتها من قبل على هذا المستوى.

العوامل المعرقلة للسلام في ليبيا
وسلط المعهد الدولي الضوء على مفاوضات السلام الإقليمية، إذ يتسم الإطار الدولي أولا بعدم وجود دعم سياسي ذي مغزى من القوى الأجنبية المشاركة في الصراع الليبي، ويبدو أن الآلية الدولية الوحيدة المتاحة هي الوسيط الذي عينته الأمم المتحدة وعدد قليل من أعضاء الفريق لإدارة العملية السياسية والنتيجة هي معدل نجاح سيئ، حيث يُلام الوسطاء ظلما.

ويرى التقرير أن ما يعرقل تحرك ليبيا نحو السلام منذ عام 2011 مجموعة من العوامل، أبرزها الفشل في إنشاء إطار أمني متماسك بعد الحرب، مشيرا إلى الانقسامات السياسية في البلاد بين المجلس الأعلى للدولة في الغرب ومجلس النواب في الشرق وعمل القوى الأجنبية على تعقيد الموقف من خلال توفير الدعم للجماعات المتنافسة على الأرض.

مجلسا النواب والدولة فقدا كل «الشرعية»
ويقول «تشاتام هاوس» إن مجلسي النواب والدولة «فقدا إن لم يكن كل الشرعية التي كاناا يتمتعان بها في السابق مع مرور ثماني سنوات على إجراء أي انتخابات وطنية في ليبيا». مردفا «أنه بدون اتفاق جديد يمكن لمن يسيطر على السلطة التنفيذية أن يظل في السلطة إلى أجل غير مسمى».

- «تشاتام هاوس» عن مفاوضات عقيلة والمشري: الاتفاق بين شخصين لن يكون كافيًا
- باحث بريطاني: الاتفاق على آلية إدارة الإنفاق الحكومي يمكنه إطلاق العملية السياسية في ليبيا
- «تشاتام هاوس»: الموقف الدولي إزاء ليبيا يعقد الأزمة وينذر بتفاقم الصراع

وعرّج المعهد البريطاني على تحركات مجلس النواب لإحياء مسودة دستور خلال 2017 التي كانت خامدة، كأساس محتمل يمكن على أساسه تنظيم الانتخابات. واقترح بعدها مجلس النواب أن تقوم لجنة مؤلفة من 24 عضوا بمراجعة المسودة، والموافقة على أي تغييرات يراها ضرورية، وطرح الوثيقة للاستفتاء للسماح بإجراء الانتخابات. مشيرا إلى تدخل المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز في تلك المرحلة لتشجيع الوصول إلى إجماع حول الاقتراح. وتنظيم ثلاث جلسات تفاوض مطولة في القاهرة وواحدة في جنيف.

ويلفت التقرير إلى أن «مشروع العام 2017 كان بمثابة أساس للمفاوضات، وهي المرة الأولى التي نوقش فيها على هذا المستوى». حيث توصل الجانبان إلى اتفاق حول جميع جوانب الدستور تقريبا ولكن بقيت بعض القضايا الحاسمة على الطاولة رغم أن توقعات المراقبين والمشاركين كانت منخفضة، لكن المفاوضين حققوا تقدما كبيرا في نهاية اجتماع القاهرة الثالث، لكن مثل هذا المستوى من الاتفاق السياسي لم يتحقق أبدا في ليبيا ما بعد القذافي وهو إنجاز مثير للإعجاب حسب تعبير التقرير.

وذكر التقرير أنه بعد دعوة وليامز إلى جلسة خاصة في جنيف في أواخر يونيو بمشاركة رئيسي مجلس النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري كانت إحدى نقاط الخلاف التي لم يتم حلها بعد هي مسألة شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، مرجحا أن يكون جرى التوصل إلى اتفاق بشأنها في جلسة القاهرة الثالثة. حيث «كان الإجماع في محادثات مصر هو أن ليبيا يجب أن يكون لها رئيس واحد منتخب بشكل مباشر وثبت الآن أن هذا يمثل مشكلة» وفق المعهد الملكي.

لماذا لم تفعل الدول الأجنبية الكثير؟
ويضيف أنه مع تطور النقاشات كان الوفدان يتفاوضان أيضا على الهامش حول تشكيل حكومة جديدة، ومجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط. وسط قلق الوسطاء من أن هذه المفاوضات الجانبية قد تعرقل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الدستور والانتخابات. وبعد انقضاء هذه اللحظات الحاسمة الأخيرة في جنيف، فشلت الدول القوية التي لها مصالح في ليبيا في تشجيع أي من الجانبين على التوصل إلى اتفاق أو على الأقل الفصل بين القضيتين حتى يمكن إحراز تقدم على المسار الدستوري.

وقال «تشاتام هاوس» إنه «في النهاية غادر المفاوضون جنيف ببساطة دون التوصل إلى اتفاق. والسبب في ذلك هو أن الحكومة التركية دعت الجانبين للاجتماع في أنقرة في وقت لاحق من ذلك الأسبوع لمواصلة المناقشات على الرغم من أن الخطوة لم يتم تنسيقها مع الوسيط الدولي».

وذكّر المعهد البريطاني بالاحتجاجات التي أعقبت الإعلان عن فشل تلك المفاوضات من حرق لمقر البرلمان في طبرق، وبعدها إطلاق عدد من المبادرات على المستوى الوطني للتوصل إلى اتفاق ولكن دون نجاح.

عواقب بعيدة المدى لفشل المفاوضات الليبية
وحذر التقرير من عواقب بعيدة المدى للفشل في التوصل إلى اتفاق في القاهرة وجنيف، بما في ذلك استئناف العنف مؤكدا أنه إذا أريد تجنب ذلك يجب على الجهات الفاعلة الليبية والدولية أن تنظر عن كثب فيما يمنع التقدم والبحث عن طرق للتغلب على هذه العقبات.

ولا يزال أحد العوائق الرئيسية تتمثل في أن الفائز يربح كل شيء في النظام الرئاسي الذي يبدو أن العديد من الليبيين يؤيدونه. وبغض النظر عن مزاياه، فإن مثل هذا النظام ليس طريقة ممكنة أو مرغوبة لتنظيم انتخابات رئاسية، لأسباب ليس أقلها أن الجماعات المسلحة الرئيسية ورعاتها الأجانب لن يسمحوا لها خوفا من أن يفوز أحد معارضيها ويستخدم سلطاته. وواقعيا أكد المصدر أنه لم يكن ينبغي حتى التفكير في هذا النظام لأنه من المستحيل تنفيذه على الرغم من حقيقة أن ملايين الليبيين قد سجلوا أسماءهم للتصويت.

أما بخصوص النظام البرلماني فدعا المعهد إلى التفكير فيما إذا كان بعد إصلاحه يمكن أن يوفر ضمانات كافية للمضي قدما إذ يجب إطلاق العملية دون تأخير للسماح لجميع الأطراف المعنية بالسعي إلى اتفاق بشأن نظام قابل للتحقيق وقابل للتطبيق. وبالإضافة إلى ذلك يقترح إنشاء آلية يمكن من خلالها للقوى الأجنبية أن تبقى على اتصال مع جميع الأطراف لتشجيعها على التحرك نحو حل، بدلا من الإجراءات المعزولة التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية. واعتبره شرطا أساسيا لتحسين فرص النجاح في أي مفاوضات مستقبلية.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري الثالث (صور)
من السبعة إلى الغرارات.. استمرار إزالة عقارات لفتح مسار الدائري ...
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق لحكومة موحدة وانتخابات
البعثات الأوروبية تعليقا على استقالة باتيلي: يجب تمهيد الطريق ...
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
«أجوكو» و«إس إل بي» تبحثان تطوير الإنتاج النفطي في ليبيا
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من التداول
مصادر «المركزي» لـ«بوابة الوسط»: سحب ورقة الخمسين دينارا من ...
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
تنفيذ «ويبلد» الإيطالية لطريق امساعد -المرج يتحدد مايو المقبل
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم