Atwasat

جريدة «الوسط»: «مذكرة التفاهم» تعزز حالة «اللاتفاهم» بين الليبيين

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 07 أكتوبر 2022, 09:08 صباحا
WTV_Frequency

مع استمرار التوترات الدبلوماسية في شرق البحر المتوسط على خلفية النزاع على ترسيم الحدود البحرية، وحقوق التنقيب عن النفط والغاز، دخلت ليبيا مجددا على خط هذه التوترات بعد توقيع «مذكرة تفاهم» بين حكومة الوحدة الوطنية الموقتة والحكومة التركية في مجال الهيدروكربونات، لتعزز الانقسام السياسي في الداخل وتثير القلق في الخارج، خصوصا من قبل الأطراف الإقليمية المعنية بمحتوى المذكرة.

وإزاء ردود الفعل المنتقدة للمذكرة، ومطالبة عديد الأصوات في الداخل بكشف بنود المذكرة للرأي العام، خرج رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة عبر وسائل الإعلام الليبية في كلمة، مساء الأربعاء، مدافعا عن المذكرة، قائلا إنها «قائمة على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل للمصالح المشتركة وتطويرها في مجال الهيدروكربونات، التي تشمل النفط والغاز ومشتقاته للاستفادة من الفرص المحتملة، ولا يهمنا رأي أي دولة عارضت الاتفاقية»، مؤكدا ما اعتبره «حق ليبيا في المياه الإقليمية وخاصة جنوب كريت».

ردود الفعل على «مذكرة التفاهم»
ويرى مهتمون بالشأن الليبي أن إعادة إحياء نزاع قانوني مع اليونان، في ظل وضع ليبيا الهش وغياب سلطة موحدة، يمكنه إقحام البلاد في حرب خامدة بين أنقرة من جهة، وأثينا وحلفائها من جهة أخرى، خاصة أن مذكرة التفاهم تستند في أحد أجزائها إلى اتفاقية 2019 الموقعة بين الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطني، التي تحدد ممرا بحريا يمتد من برقة إلى تركيا مستقلا عن جزيرة كريت اليونانية، وتنص على الاستكشافات التركية المحتملة في المنطقة الاقتصادية الليبية الخالصة في البحر المتوسط، وهي محل نزاع مع عدة دول لم يحسم بعد، وما يتعارض ذلك أيضا مع التحالف بين اليونان وقبرص ومصر لاستخراج الغاز وتصديره إلى أوروبا عبر ناقلات الغاز. 

ومن جملة انتقاد خطوة حكومة الدبيبة، هو وصفها بأنها لا تسيطر على السواحل الشرقية للبلاد التي تبدأ منها المنطقة التي تركز عليها المذكرة، إلى ذلك صعّد مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه برئاسة فتحي باشاغا لهجتهما الرافضة للمذكرة إلى حد مراسلة هيئة الأمم المتحدة في نيويورك لشرح الموقف من «الحكومة منتهية الولاية»، المخالفة لنص المادة السادسة من الفقرة العاشرة من الاتفاق السياسي على «ألا تنظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في اتفاقيات أو قرارات جديدة أو سابقة بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد».
ويعني ذلك أن علاقات تركيا مع مجلس النواب وباشاغا قد تعود إلى المربع الأول، بعدما كان يعتقد أنها قطعت شوطا على طريق التقارب؛ إذ أعلنت أنقرة عزمها إعادة افتتاح قنصليتها في بنغازي، وإطلاق مشاريع متوقفة منذ سنوات في المنطقة.

- للاطلاع على العدد 359 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

«الرئاسي» يتفادى إعلان رفضة للمذكرة
وما لفت الانتباه في خضم الجدل الذي رافق التوقيع على مذكرة التفاهم، هو ما اعتبره كثيرون إقصاء مقصودا لوزير النفط محمد عون، صاحب الاختصاص المخول بالتوقيع عليه، الذي كان متواجدا بجنوب أفريقيا في مهمة حكومية وفق ما أعلن، ليحل محله على منصة التوقيع وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج كوزير مكلف للنفط.

المجلس الرئاسي، وحتى لا يوصف بأنه خارج المشهد، أصدر بيانا بالخصوص، تفادى فيه إعلان رفضه المذكرة بشكل مباشر، مكتفيا بالقول إن إبرام الاتفاقيات يتطلب التشاور، داعيا ضمنيا إلى اعتمادها من مجلس النواب، بإشارته إلى أن دخولها حيز التنفيذ يتطلب التصديق عليها من المجالس التشريعية.

ألمانيا تنضم إلى رافضي المذكرة
وانضمت ألمانيا، الخميس، إلى مواقف مصر واليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي في معارضتها للخطوة، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الألمانية، كريستوفر برغر، إن أحد مبادئ القانون الدولي هو أنه لا يمكن لدولتين الدخول في اتفاق على حساب دولة ثالثة.

وعبر 73 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة عن رفضهم لما وصفوه بـ«الانتهازية السياسية من الأشقاء الأتراك»، ما يضع تركيا «في مواجهة المصالح الوطنية الكبرى لليبيا، وكل المحاولات الوطنية الجادة للتوافق بين الليبيين نحو استعادة الدولة وقرارها الوطني» حسب بيان أصدروه.

باتيلي والتحضيرات لـ«برلين 3»
ووسط هذا الانسداد السياسي، يستعد المبعوث الأممي الجديد، عبدالله باتيلي، لمباشرة مهمته من العاصمة طرابلس، بينما تسعى ألمانيا للإعداد لنسخة ثالثة من مؤتمر برلين، حيث بحث عقيلة صالح مع المبعوث الألماني، كريستيان بوك، الذي يزور ليبيا للمرة الأولى إمكانية عقد «برلين 3»، وكان الموضوع ذاته محور لقاء وزيرة خارجية حكومة الوحدة نجلاء المنقوش مع المبعوث الألماني.

وليس بعيدا عن ذلك أعلنت المنقوش خلال مؤتمر صحفي بطرابلس الإثنين مع نظيرها التركي عن خارطة طريق جديدة لحل الأزمة، تبدأ بحسم مجلسي النواب والدولة النقاط الخلافية في القاعدة الدستورية، وفي حالة تعذر ذلك فإن هناك بدائل مثل الاستفتاء أو اللجوء إلى الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا للفصل، على حد قولها.

ومع ما عززه التوقيع على مذكرة التفاهم بين حكومة الدبيبة، والحكومة التركية من انقسامات جديدة، وزاد من حالة الانسداد السياسي في البلاد، يبرز التساؤل مجددا عن حظوظ المبعوث الأممي الجديد في إحداث اختراق مهم يمكنه من فتح الطريق مجددا أمام العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية، ومدى واقعية الحديث عن المسار الانتخابي في ظل ما يجري في البلاد حاليا.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
باتيلي: الأزمة الاقتصادية في ليبيا تعمقت مع إصدار قرار فرض ضريبة موقتة على العملة الأجنبية
باتيلي: الأزمة الاقتصادية في ليبيا تعمقت مع إصدار قرار فرض ضريبة ...
باتيلي: إضافة مقعد لحكومة حماد إلى طاولة الحوار سيعطي طابعًا رسميًا للانقسامات السائدة في ليبيا
باتيلي: إضافة مقعد لحكومة حماد إلى طاولة الحوار سيعطي طابعًا ...
باتيلي ينتقد «أنانية» القادة الليبيين وتغليب مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد
باتيلي ينتقد «أنانية» القادة الليبيين وتغليب مصالحهم الشخصية على ...
باتيلي: خطر على اتفاق وقف إطلاق النار.. وقلق من تزايد حالات الخطف والاعتقال
باتيلي: خطر على اتفاق وقف إطلاق النار.. وقلق من تزايد حالات الخطف...
مندوب روسيا يتساءل عن «جهاز أمني» ليبي تدربه أميركا
مندوب روسيا يتساءل عن «جهاز أمني» ليبي تدربه أميركا
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم