Atwasat

من السجن إلى الانتخابات.. كيف عاد سيف القذافي إلى المشهد السياسي؟

القاهرة - بوابة الوسط: محمود غريب الأحد 14 نوفمبر 2021, 11:18 مساء
WTV_Frequency

اقتحم سيف الإسلام القذافي المشهد الانتخابي بوضع مثير للجدل؛ سواء ما يتعلق بالموقف القانوني الذي يسمح بخوضه السباق الرئاسي، أو شكل المنافسة التي تختلط فيها الأوراق، مع حديث عن عدد كبير من المرشحين المحتملين.

وفي وقت سابق الأحد، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات تقدُّم سيف الإسلام معمر القذافي، للترشُّح للانتخابات الرئاسية، بمكتب الإدارة الانتخابية سبها، «مستكملًا جميع المسوغات القانونية بحسب القانون رقم (1) الصادر عن مجلس النواب بشأن انتخاب رئيس الدولة».

- مفوضية الانتخابات: قبول أوراق المرشحين للانتخابات الرئاسية سيف القذافي وعبدالحكيم بعيو
- سيف القذافي لـ«نيويورك تايمز»: عازم على العودة إلى الساحة السياسية
- سجال في «الجنائية الدولية» حول محاكمة سيف الإسلام

وأصبح لدى المفوضية العليا، رسميًا، مرشحان اثنان للانتخابات الرئاسية عبدالحكيم بعيو الذي قدَّم أوراقه إلى مكتب الإدارة الانتخابية في طرابلس، وسيف الإسلام القذافي، الذي قدَّم ملفه بمدينة سبها، بينما تشهد الساحة عديد الأسماء المحتمل إقدامهم على الخطوة نفسها، حيث أعلن بعضهم نيته رسميًا الترشح للرئاسة، وآخرون بقيت أسماؤهم من قبيل التوقعات.

وقبل ظهوره اليوم الأحد، داخل مكتب الانتخابات في سبها، بلباس يُشبه لباس أبيه، في خطابه الشهير «زنقة، زنقة» في 22 فبراير 2011 ظهر سيف الإسلام بلباس المساجين الأزرق في العام 2014 خلال جلسة محاكمة، وطوال السنوات السبع التي مضت، كان نجل القذافي قصة مُحيّرة من الغموض والارتباك، واختلف كثيرون حول مصيره، ومكان إقامته.

بداية المشهد عندما أُلقي القبض عليه في نوفمبر 2011 على يد إحدى الكتائب المسلحة التابعة للزنتان أثناء محاولته الفرار إلى خارج ليبيا. وخضع نجل القذافي و36 مسؤولًا سابقًا في نظام والده لمحاكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب، خلال قمع الانتفاضة ضد نظام العقيد القذافي في العام 2011.

ظهر سيف الإسلام في قفص الاتهام عبر فيديو في جلسة بالزنتان يوم 25 مايو 2014 في بداية المحاكمة، وقتها ظهر نجل القذافي بلباس المحبوسين الأزرق، وراء قضبان حديدية. لكنه لم يظهر بعد ذلك.

الموقف القانوني
وأصدرت محكمة جنوب طرابلس في يوليو 2015، أحكامًا بالإعدام بحق المتهمين في القضية. لكن في 27 مايو الماضي، تداول محامون ووسائل إعلام محسوبة على النظام السابق من بينها قناة «الجماهيرية»، ما يفيد بأن المحكمة العليا في البلاد أسقطت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة مرة أخرى.

وبينما يلف الغموض موقفه القانوني، فإن وزير العدل المفوض بحكومة الوفاق الوطني السابقة محمد لملوم، قال أمام المحكمة الجنائية الدولية، في نوفمبر 2019، إن بنود قانون العفو العام الذي أصدره مجلس النواب لا تنطبق على المتهم، وقال: «إذا افترضنا أن بعض الجرائم المنسوبة لسيف مشمولة بقانون العفو، فإن شروط منح العفو غير متوافرة في حقه. القانون اشترط التعهد المكتوب بالتوبة، وعدم العودة للإجرام، والتصالح مع المجني عليه وعفو ولي الدم، وهذا ما لم يفعله سيف الإسلام».

موقف الجنائية الدولية
عندما تزايد الحديث عن فرص سيف السياسية، فضلاً عن غموض بشأن مكان وجوده، كررت المحكمة الجنائية الدولية مطالبها إلى ليبيا بتسليم نجل القذافي، بالإضافة إلى التهامي محمد خالد، مسؤول الأمن الداخلي في النظام السابق، لكن وزارة العدل بحكومة الوفاق الوطني السابقة، جدَّدت رفضها تسليم المتهم للجنائية الدولية ومحاكمته خارج ليبيا.

الوزارة أرجعت موقفها إلى اختصاص القضاء الليبي بنظر الاتهامات المنسوبة للمتهم، وتمسكها بالسيادة «المطلقة للدولة الليبية وحقها الحصري في ملاحقة مواطنيها عما ينسب إليهم من تهم أمام قضائها الوطني». كما شدَّدت على أنها لا تقبل أن يفلت أيًا كان من العقاب أو أن يحاول تطويع القوانين على نحو يخرجها من محتواها، في إشارة إلى عدم انطباق قانون العفو الصادر عن مجلس النواب على حالة سيف القذافي.

ونصت شروط الترشُّح على منصب رئيس الدولة التي نشرتها المفوضية العليا للانتخابات، في وقت سابق، أن يقدم المرشح إقرارًا بعدم حصوله على حكم نهائي في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يرفق الإقرار بشهادة الحالة الجنائية.

مراحل العودة التدريجية
ظل سيف القذافي متواريًا عن الأنظار أو على الأقل عن التناول الإعلامي لمدة عامين بعد صدور حكم الإعدام في 2015، ثم كانت البداية في 13 أبريل 2017، حين نشرت «كوريري ديلا سيرا» الإيطالية مقالًا بعنوان «حياة سيف القذافي الجديدة»، قالت فيه إن سيف القذافي لم يعد في زنزانة؛ بل لديه بيت مريح بالزنتان، وأنه على ما يبدو تزوج حديثًا، إذ كان برفقته طفلة عمرها 3 سنوات.

ما ذكرته الجريدة الإيطالية جاء عقب تسريبات عن ظروف احتجاز القذافي الابن في الزنتان، وأن سيف استقبل والدته صفية، أرملة العقيد القذافي، في منزل يخضع فيه لإقامة جبرية في الزنتان. وقتها تحدثت الجريدة عن أن أرملة القذافي أطلعت نجلها على عرض روسي بقبول لجوء أفراد من الأسرة، لكنه أبلغها أنه «ليس مطمئنًا لخروجه من الزنتان».

إطلاق سيف القذافي
ثم انتقلت التسريبات إلى العلن، حين أعلنت كتيبة «أبوبكر الصديق»، في 10 يونيو 2017، الإفراج عن سيف القذافي، تطبيقًا لقانون العفو العام الصادر عن مجلس النواب، وتنفيذًا لمراسلات وزير العدل بالحكومة الموقتة آنذاك.

وقتها تزايد الجدل والغموض حول مصيره ومكان وجوده، لا سيما أن معلومات الأطراف وقتها كانت متضاربة، فمكتب النائب العام طالب بإلقاء القبض عليه، بينما دان المجلس العسكري في الزنتان إطلاقه، وحمل كتيبة «أبوبكر الصديق» المسؤولية الكاملة، في حين أصدر آمر المنطقة العسكرية الغربية العميد إدريس مادي قرارًا بحل الكتيبة المذكورة.

وبعد أسابيع، وتحديدًا في 27 يوليو 2017، كان للمشير خليفة حفتر لقاء مع جريدة «الحياة»، وقتها قال إن سيف الإسلام «مواطن ليبي عادي وأنا لم أره بل أتابع تحركاته منذ الإفراج عنه وهو في مكان محدد. وليس لدينا مأخذ شخصي ضده بل بالعكس أهلًا وسهلًا به». وردًا على سؤال: هل يمكن أن يكون لسيف الإسلام دور سياسي؟ أجاب حفتر: «ولمَ لا؟ إذا كان يريد لعب دور سياسي فلا مشكلة».

الطموح السياسي
لم ينته العام حتى انتقل الحديث من الجدل حول مكان اختفائه إلى مستقبله السياسي، وتحديدًا في 5 ديسمبر، حين ذكرت جريدة «ذا غارديان» البريطانية، أن سيف القذافي يسعى للعودة إلى المشهد السياسي بعد ستة أعوام قضاها في السجن، وتوقعت أن يسعى نجل القذافي «للاستفادة من الشعور المستمر بعدم اليقين وانعدام الأمن منذ سقوط أبيه».

في العام التالي، وتحديدًا في 14 نوفمبر 2018، نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية عن رئيس مجموعة الاتصال الروسية لتسوية الأزمة الليبية آنذاك، ليف دينغوف، وجود اتصالات بين روسيا وسيف الإسلام معمر القذافي. وقتها قال الدبلوماسي الروسي إن «هذه الشخصية الليبية (سيف الإسلام) لديها اعتبارات ووزن سياسي في بلاده، ولذلك سيكون ضمن الأطراف المشاركة في العملية السياسية الليبية».

خطة روسية
ظل ملف سيف القذافي يراوح مكانه بين غموض بشأن مكان تواجده، وتكرار طلبات المحكمة الجنائية الدولية لتسليمه، حتى مارس 2020 حين سلطت وكالة «بلومبرغ» الضوء في تقرير مطول لها، على ما قالت إنها خطة روسية لتمكين سيف الإسلام القذافي من العودة إلى المشهد السياسي.

وقتها تحدثت الجريدة عن اعتقال عميلين روسيين في طرابلس عندما حاولا مقابلة نجل القذافي، لمساعدته على استغلال «الحنين القوي إلى النظام القديم من قبل بعض الليبيين» للعودة إلى الحياة السياسية مرة أخرى. وفي نهاية العام ذكرت وسائل إعلام روسية أن حكومة الوفاق الوطني آنذاك أطلقت يوم 10 ديسمبر 2020 سراح الروسيين ماكسيم شوجالي ومترجمه سامر سيفان.

صور في الميدان
وفي أغسطس 2020، انتقل مشهد حضور سيف القذافي إلى مستوى آخر، حين شهدت مدن سرت وبني وليد وغات جنوب غرب ليبيا، تظاهرات لعدد من أنصار النظام السابق للمطالبة بعودة سيف الإسلام القذافي. وقتها رفع المشاركون صورًا للعقيد معمر القذافي وأبنائه سيف الإسلام والمعتصم وخميس، إضافة إلى الأعلام الخضراء.

بالتزامن مع هذا الظهور الميداني لصورة سيف السياسية، كانت الحملات الافتراضية عبر «السوشيال ميديا تتزايد، حين دشن أنصاره صفحات داعمة لترشحه للانتخابات الرئاسية.

وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، قدّم المدعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تقريرًا إلى مجلس الأمن، جدد فيه دعوته إلى سيف القذافي بتسليم نفسه فورًا إلى السلطات الليبية المختصة حتى يتسنى نقله إلى المحكمة.

وبينما كانت الأجواء تتهيأ لحوار سياسي في جنيف، قالت وزارة الخارجية الروسية إن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف استقبل ممثلين عن حركة سيف الإسلام القذافي، مفتاح الورفلي وعمر أبوشريدة. وقتها تحدث الجانب الروسي عن أهمية ضمان الطابع الشامل للحوار الليبي.

ما بعد اتفاق جنيف
وبعدما جرى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وبرفقتها جدل زمني لمرحلة انتقالية تنتهي بانتخابات رئاسية في ديسمبر، بدأت مرحلة جديدة في مشهد ظهور سيف، بدأت في 11 يونيو، عندما قالت جريدة «ذا تايمز» اللندنية إن سيف الإسلام تحدث لمراسلها عبر الهاتف وأعلنت نيته العودة للحياة العامة، وعزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبل.

وقتها قالت الجريدة إن نجل القذافي بدأ سلسلة من الاتصالات مع دبلوماسيين غربيين وغيرهم لإثبات اعتماده عقب عودته للظهور في الحياة العامة. كما نقلت عن مقربين من سيف أنه يعتقد بقدرته على الترشح للانتخابات بغض النظر عن مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بالقبض عليه.

مقابلة روبرت وورث
ثم كان الظهور الأبرز في 30 يوليو، عندما نشرت جريدة«نيويورك تايمز»  الأميركية مقابلة للصحفي روبرت وورث، مع سيف الإسلام، الذي أكد خلالها أنه «ليس سجينًا»، ويُرتب للعودة إلى الساحة السياسية من جديد، حين وصف ما يحدث في البلاد بأنه «تخطى حدود الفشل» ليصل إلى «المهزلة».

آنذاك، كان سيف يتحدث للصحفي بثقة تبدو عليه، حين قال «إن الرجال الذين كانوا حرّاسي هم الآن أصدقائي». ثم جاءت الجملة الشهيرة «لقد قضيتُ عشر سنوات بعيدًا عن أنظار الليبيين. عليك أن تعود إليهم خطوة خطوة. مثل راقصة تعر»، ثم أضاف: «عليك أن تلعب بعقولهم قليلا».

وعندما سُئل سيف عما إذا كان يتعاطف بأي شكل مع المشاعر التي دفعت المتظاهرين للمطالبة بالتغيير العام 2011، كان ردّه قاطعًا: «هؤلاء كانوا أشرارًا وإرهابيين وشياطين»، مؤكدًا أنه لا يحمل أي انتقادات لعهد والده الذي استمر 40 عامًا.

موقفا روسيا وأميركا
إزاء هذا الظهور غبر العلني كان لواشنطن وموسكو موقفان متناقضان، موقف الأولى جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، الذي قال في سبتمبر الماضي إن «العالم لدية مشكلة» في ترشُّح سيف الإسلام القذافي بانتخابات الرئاسة في ليبيا.

لكن في المقابل، تحدثت وكالة «بلومبرغ» الأميركية، قبلها بأيام، عن محاولات من الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين لإحداث تحالف بين المشير خليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي. ونقلت الجريدة عن ثلاثة مصادر في موسكو على دراية بالجهود الروسية في هذا الإطار أن الرئيس فلاديمير بوتين يتحدى الولايات المتحدة وأوروبا وكذلك تركيا من أجل أن يصل سيف القذافي لسدة الحكم.

وعندما أجرى حواره مع جريدة «نيويورك تايمز» الأميركية، قال سيف الإسلام إنه يُفضِّل البقاء في وضع الغموض بالنسبة لليبيين، وهو ما حدث منذ الضجة التي خلفها الحوار في يوليو حتى اليوم 14 نوفمبر عندما فاجأ الليبيين من داخل لجنة الإدارة الانتخابية في سبها بالصوت والصورة وحزمة ملفات تحتوي على ملف تزكيات للترشح لرئاسة الدولة، ثم وجّه كلمات قرآنية ختامها «ولو كره الكافروk».

كلمات مفتاحية

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
وصول أولى رحلات شركة الخطوط الجوية التركية إلى مطار معيتيقة
وصول أولى رحلات شركة الخطوط الجوية التركية إلى مطار معيتيقة
«المركزي»: فتح 339 اعتمادًا مستنديًا للشركات
«المركزي»: فتح 339 اعتمادًا مستنديًا للشركات
«بلومبيرغ»: استبدال عون «الدراماتيكي» قد ينعش إنتاج النفط في ليبيا
«بلومبيرغ»: استبدال عون «الدراماتيكي» قد ينعش إنتاج النفط في ...
الشهوبي: عودة الخطوط التركية إلى ليبيا تعزز التزامنا بمعايير الطيران المدني
الشهوبي: عودة الخطوط التركية إلى ليبيا تعزز التزامنا بمعايير ...
«اقتصاد بلس» ترصد: «مطاردة» السلع المدعومة.. لتخفيف وطأة الغلاء
«اقتصاد بلس» ترصد: «مطاردة» السلع المدعومة.. لتخفيف وطأة الغلاء
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم