من خلال كتاباتي الرياضية كنت باستمرار أدعو إلى تغليب القيم التربوية للرياضة على خلافات الأندية وشبابها واقتصار المنافسات على زمن اللعب فقط، ولقد حددت في العديد من المرات الأسباب والتي من أهمها غياب القيادات التربوية والقدوة الحسنة في العديد من الأندية.
ورغم تواجد تلك السلبيات التي تباعد بين أبناء الأسرة الرياضية وأبناء الوطن الواحد، لكن في الحقيقة عندما ابتليت المنطقة الشرقية ومدنها العريقة بالأمطار والفيضانات الناجمة عن عاصفة «دانيال» تنادى شباب الأندية الرياضية والكشاف والهلال الأحمر من مختلف مناطق ليبيا ومنهم من دفع حياته من أجل إنقاذ الأسر وتقديم يد المساعدة للمتضررين.
- خليفة بن صريتي يكتب لـ«بوابة الوسط»: بطولة أم الألعاب.. وكالعادة عنها الغياب
- جولة في فضاء كرة القدم بقلم الكاتب الصحفي خليفة بن صريتي عبر «بوابة الوسط»
تلاشت الحساسيات والصراعات وتحول الجميع إلى جسد واحد يعمل بجد وبوطنية وشرف من أجل المساهمة في إنقاذ الآخرين خاصة في مدينة الياسمين درنة المنكوبة المتضررة الأكبر وتقديم المعونة لهم، حيث فتحت أبواب بيوت الشباب والملاعب لإيواء النازحين الذين غمرت بيوتهم المياه.
لم يتأخر أحد من شباب الوطن المدني والعسكري، كل حسب جهده وقدراته، وهذا ما يعني شعور أبناء الوطن الواحد بالمسؤولية والإنسانية تجاه إخوتهم، لقد بُذِلت الجهود وأُلقِيت الحبال واستعملت الزوارق المطاطية في بعض الأماكن لإخراج العالقين لكن في حدوث الفيضانات والوديان الأمر يحتاج إلى المختصين في الدول الأوروبية وإلى الطائرات العمومية لإخراج العالقين إثر هذه العاصفة المدمرة، خاصة وأن البنية التحتية مهترئة منذ سنوات والإمكانات الحديثة للإنقاذ شبه معدومه.
كل ما لدينا في وسائل الدفاع المدني سيارات المطافي، فيارب خفف هذا البلاء وأنقذ عبادك الصالحين في مدننا الشرقية الحبيبة وخفِّف من الآمهم في هذا المصاب الجلل، والتحية والتقدير والاحترام لكل من أسهم بأي عمل لوجه الله من أجل مساعدة وإنقاذ الأرواح البشرية أو توفير المأوى والحاجيات لهم، ويارب خفف عنهم وأنقذ أهلهم وذويهم واشفي جرحاهم وأرجع المفقودين سالمين إلى أسرهم.
هكذا هي الشعوب الحية توحدها المأساة وتخلق منها قوة جديدة مغايرة لواقع مريض مبني على الحقد والكراهية، وتحيا ليبيا وأهلها فما حدث يعتبر تجسيداً للوحدة الوطنية وتماسكاً للنسيج الاجتماعي الذي فرقته الصراعات الشخصية على السلطة.
أخيراً أتمنى أن يكون للأندية الرياضية دور إيجابي في الدعم المعنوي والمادي لضحايا الكارثة بتخصيص ريع بعض المباريات لأسر الشهداء ورغم الآلام والأحزان فلا اعتراض على قضاء الله.
تعليقات