تفاقمت التوترات في منطقة الشرق الأوسط خلال الأسابيع القليلة الأخيرة بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، لا سيما بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في طهران، والقيادي في «حزب الله» فؤاد شكر، وهي عمليات اغتيال نُسبت إلى الاحتلال، ما زاد المخاوف بشأن تداعيات أي حرب محتملة على أسواق النفط.
وكان للتطورات الأخيرة تأثيرا ملحوظا على أسواق النفط العالمية، إذ أشار موقع «أويل برايس» الأميركي إلى أن التوترات المتفاقمة بين «إسرائيل» وإيران تهدد باضطراب إمدادات النفط وسلاسل التوريد، متوقعا ارتفاع أسعار الخام خلال الأيام المقبلة مع استمرار التصعيد.
الفترة الأكثر خطورة في المنطقة
ويؤكد التقرير أنه «منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي، ومنطقة الشرق الأوسط تقترب من نقطة الانزلاق إلى حرب إقليمية خارجة عن السيطرة وربما صراع عالمي. ويعد الوقت الراهن هو الأكثر خطورة على المنطقة والدول المرتبطة بها سواء سياسيا أو اقتصاديا أو من خلال أسواق الطاقة أكثر من أي وقت مضى».
وبعد سلسلة من الضربات المتبادلة والاغتيالات، تتعهد إيران و«حزب الله» و«حماس» الآن بالانتقام والرد على الضربات الإسرائيلية، وقال التقرير إن «احتمالات تصعيد درامي في العنف بين حماس وإسرائيل غير مرجح مقارنة بإيران وحزب الله، الذي تصل أعداد مقاتليه إلى 100 ألف مقاتل، ويملك ترسانة من الأسلحة تحوي 200 ألف صاروخ، تتراوح بين قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، موجهة جميعها إلى شمال إسرائيل».
انتقام إيران قد يشمل أسواق الطاقة
ومن جانب إيران، رجح تقرير الموقع الأميركي أن تنتقم إيران في مجال الطاقة، وتقدم على تعطيل الشحن عبر مضيق هرمز في البحر الأحمر، الذي يمر من خلاله 30% من إجمالي شحنات النفط في العالم. وكانت تهديدات مماثلة في السابق أسهمت في رفع أسعار النفط عالميا.
كما يمكن أن تستخدم إيران وكيلها في اليمن، جماعة الحوثي، لزيادة الهجمات على شحنات النفط في منطقة البحر الأحمر، ما يضع ضغوطا تصاعدية إضافية على أسعار النفط.
كما يمكن أن تستهدف جماعة الحوثي منشآت النفط في المملكة العربية السعودية، كما تكرر في السابق، إذا واصلت المملكة السماح للولايات المتحدة للطائرات الأميركية باستخدام أراضيها لشن ضربات عسكرية على اليمن، حسب التقرير.
- أسعار النفط ترتفع وسط تصاعد التوترات في الشرق الأوسط
- «لوفتهانزا» تتجنَّب أجواء العراق وإيران حتى 7 أغسطس
ومن ناحية أخرى، قد تلجأ إيران إلى الدعوة التي سبق وأصدرتها الدول الإسلامية في منظمة «أوبك» لحظر صادرات النفط إلى حلفاء «إسرائيل»، على غرار ما فعلته المملكة السعودية في العامين 1973 و1974 مع الدول التي دعمت «إسرائيل» في حربها مع مصر وسورية.
وخلال تلك الفترة،، ارتفعت أسعار الخام بشكل كبير مع انخفاض إمدادات النفط العالمية، وتفاقم الأمر بسبب التخفيضات التدريجية لإنتاج النفط من جانب أعضاء «أوبك»، كما ارتفعت أسعار الغاز. وبحلول نهاية الحظر في مارس 1974، ارتفع سعر النفط بنحو 267%، من حوالي ثلاثة دولارات للبرميل إلى ما يقرب من 11 دولارا. وهذا بدوره أشعل نار التباطؤ الاقتصادي العالمي، وخاصة في الدول المستوردة الصافية للنفط في الغرب.
اضطراب الإمدادات يرفع الأسعار إلى 135 دولارا للبرميل
وسبق ورسم تقرير للبنك الدولي تداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على أسواق النفط، متوقعا ارتفاع أسعار الخام بما يتراوح بين 3 – 13% تقريبا إذا اضطربت إمدادات النفط وانخفضت بمقدار يتراوح بين 500 ألف – مليوني برميل يوميا، وهو مقدار الانخفاض نفسه الذي شهدته الأسواق العالمية خلال الحرب التي اندلعت في ليبيا بالعام 2011.
وفي حال انخفضت الإمدادات بمقدار يتراوح بين ثلاثة ملايين إلى خمسة ملايين برميل يوميا، أي ما يعادل الفقدان الذي نجم عن حرب العراق بالعام 2003، رجح تقرير البنك الدولي ارتفاع الأسعار إلى 35%.
أما في حال انخفاض إمدادات النفط بما يتراوح بين ستة إلى ثمانية براميل يوميا، على غرار الانخفاض الذي شهدناه في أزمة النفط بالعام 1973، فإن ذلك يعني ارتفاع أسعار الخام بما يتراوح بين 56% إلى 75% تقريبا. وهذا يعني ارتفاع سعر خام برنت القياسي من 77 دولار يجرى تداولها اليوم إلى 120 أو 135 دولارا للبرميل.
وفي حال جرى فرض حظر على صادرات النفط إلى الداعمين الرئيسيين إلى «إسرائيل» فإن ذلك سيعني خسائر أكبر في إمدادات الخام العالمية، وبالتبعية خسائر أكبر فيما يتعلق بأسعار الخام. ويبلغ إنتاج الدول المسلمة في منظمة «أوبك» مجمعة حوالي 24 مليون برميل يوميا، ما يعادل 29% من إجمالي الإنتاج العالمي من النفط البالغ 82 مليون برميل يوميا.
ويشير تقرير «أويل برايس» إلى أن زيادة أسعار النفط عن مستوى 80 دولارا للبرميل يزيد فرص حدوث ركود اقتصادي، لأنه يؤدي إلى ارتفاع أسعار البنزين محليا، ما يضع مزيد الأعباء على اقتصادات الدول لا سيما الاقتصاد الأميركي.
ويلفت إلى أن الولايات المتحدة، الداعم الأكبر لـ«إسرائيل»، وكذلك الصين، حليف إيران، تملكان مصلحة في إبقاء أسعار النفط منخفضة ومنع ارتفاعها فوق المستويات الحالية. ومن شأن ارتفاع سعر خام «برنت» إلى 90 أو 95 دولارا للبرميل أن يكون له تأثير مدمر على الاقتصاد الصيني، المستهلك الأكبر للنفط في العالم.
تعليقات