Atwasat

حاكم مصرف لبنان المركزي ينهي مسيرته مطلوبًا بمذكرتي توقيف في ألمانيا وفرنسا

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 26 مايو 2023, 10:08 مساء
WTV_Frequency

يقضي حاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) رياض سلامة، الذي كان يُحتفى به في السابق باعتباره رجل مالٍ ذا قدرات خاصة، أسابيعه الأخيرة في المنصب مطلوبًا بناءً على مذكرتي توقيف فرنسية وألمانية في تحقيقات فساد مستمرة منذ فترة طويلة.

وتمثل مذكرتا التوقيف أحدث تطور في تحقيقات عابرة للحدود فيما إذا كان سلامة قد أساء استخدام منصبه لاختلاس ثروة من المال العام اللبناني. ويتولّى سلامة منصب حاكم المصرف منذ ثلاثة عقود، وتنتهي فترته الحالية في يوليو، وينفي ارتكاب أي مخالفة، وفق وكالة رويترز.

أثّرت تلك القضايا على إرث ممزق بالفعل منذ انهيار نظام لبنان المالي في عام 2019، وهي كارثة يحمّل كثيرون مسؤوليتها لسلامة والنخبة الحاكمة في البلاد. وسلّط الانهيار الضوء على علاقات سلامة البالغ من العمر 72 عامًا مع ساسة في الحكم بدأ دعمهم له يتضاءل في الأشهر الماضية مع مُضي التحقيقات الأوروبية قدمًا.

وأصدرت الشرطة الدولية (الإنتربول) نشرة حمراء بحق سلامة مصحوبة بصورته على موقعها على الإنترنت. وأعلنت فرنسا أنه مطلوب. يقول بعض الوزراء والساسة اللبنانيين الآن إنه يجب أن يستقيل، رغم أن آخرين التزموا الصمت ومنهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

ولم يُظهر سلامة أي إشارة على اعتزامه ترك منصبه مبكرًا، ويصف منذ فترة طويلة الاتهامات بأنها محاولة لتقديمه كبش فداء بعد الانهيار المالي اللبناني. وقال لتلفزيون الحدث الأسبوع الماضي «أنا ضميري مرتاح وأعرف أن هذه التهم غير صحيحة»، مضيفًا أنه سيترك منصبه إذا أصدرت محكمة حكمًا ضده.

ولسنوات طويلة اعتبر كثيرون من اللبنانيين سلامة العمود الفقري للنظام المالي الذي وفّر لهم مستوىً معيشيًا لم يكن متماشيًا مع اقتصاد البلاد الضعيف. وتولّى سلامة منصبه في عام 1993 بعد أن عمل في بنك ميريل لينش.

لكن النظام الاقتصادي اللبناني انهار في عام 2019 تحت وطأة تفشي الفساد في أوصال الدولة والانغماس في التبذير من جانب النخب الحاكمة، وحمل كثير من اللبنانيين سلامة مسؤولية انهيار العملة في البلاد وشلل النظام المصرفي.

تراجع حظوظ حاكم مصرف لبنان المركزي
يمثل هذا تراجعًا حادًا لحظوظ رجل كان يُحتفى به في السابق لنجاحه في قيادة لبنان خلال الأزمة المالية العالمية وكان متحدثًا بارزًا في المؤتمرات المصرفية الدولية، حسب رويترز. ونادرًا ما يظهر الآن في العلن. وقال مصدر مقرب منه إنه يقضي معظم وقته داخل البنك المركزي ويستقبل عددًا قليلًا من الضيوف، ولا يغادر المقر إلا عند الضرورة.

وقال المصدر «لا يمكنه الظهور في الأماكن العامة أو إجراء زيارات خاصة أو حضور المؤتمرات أو الإقامة في أي من منازله الكثيرة». ولم يرد سلامة على أسئلة حول هذا الموضوع. وتركز التحقيقات على عمولات فرضها البنك المركزي على البنوك مقابل شراء السندات الحكومية وذهبت عائداتها لشركة فوري أسوشيتس التي يسيطر عليها شقيقه رجا سلامة. وينفى الشقيقان تحويل أو غسل أي أموال عامة، كما ينفيان ارتكاب أي مخالفة.

قدمت التحقيقات لمحة عن حياة سلامة، ومنها علاقته مع الأوكرانية آنا كوساكوفا التي أنجب منها ابنة. وقال مسؤولو الادعاء الفرنسيون في ديسمبر، إنهم وضعوا كوساكوفا قيد التحقيق للاشتباه في تورطها في عمليات غسل أموال في إطار هذه القضية. ولم ترُد كوساكوفا ومحاميها في فرنسا على طلبات رويترز للتعليق على هذا التحقيق الصحفي أو على طلبات سابقة.

واستدعت السلطة القضائية الفرنسية خلال التحقيق شقيقه رجا سلامة وماريان حويك وهي واحدة من مساعدي حاكم مصرف لبنان المركزي. وفي تحقيق آخر، استجوب قاض لبناني الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا في ديسمبر كانون الأول بشبهة شراء سلامة عقارًا فاخرًا لها بمكاسب غير مشروعة، وذلك ضمن قائمة اتهامات موجهة لسلامة الذي ينفيها.

ولم يرد محامي حويك على طلب رويترز للتعليق. وقالت صليبا، التي لم ترد هي الأخرى، في مقطع مصور نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي بعد استجوابها إنها تعرضت للظلم دون أن تذكر أي اتهامات ضدها.

أشارت النشرة الحمراء الصادرة عن الإنتربول بشأن سلامة إلى تهم غسل الأموال والاحتيال و«تأليف عصابة أشرار» بهدف ارتكاب جرائم يعاقَب عليها بالسجن لمدة 10 سنوات.

الطعن في أمر توقيف سلامة
تعهد سلامة بالطعن في أمر التوقيف الفرنسي الذي صدر بعد عدم مثوله أمام جلسة محكمة في باريس، كان من المتوقع أن يوجه فيها المدعون اتهامات أولية بالاحتيال وغسل الأموال. وقال سلامة إن المذكرة خالفت القانون. وقال قاضٍ لبناني إن ألمانيا أصدرت أيضًا مذكرة توقيف بحق سلامة بتهم من بينها التزوير وغسل الأموال والاختلاس.

وقال مكتب المدعي العام في ميونيخ إنه يحقق في القضية لكنه أضاف أنه لا يعلق من حيث المبدأ على أوامر التوقيف سواء تلك التي يجري التقدم بطلبها أو التي صدرت بالفعل. وقال سلامة لرويترز إنه لم يتلقَّ أي إخطار من ألمانيا.

وجرى توجيه الاتهام لسلامة وشقيقه رجا ومساعدته حويك في لبنان بغسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع في فبراير. لكن المنتقدين شككوا منذ فترة طويلة في مدى جدية متابعة القضية في لبنان حيث يمكن للسياسيين التأثير على القضاء. ورغم أن استقلال القضاء منصوص عليه في الدستور، فقد اشتكى كبير قضاة لبنان العام الماضي من التدخل فيه.

وقال وزير العدل اللبناني ونائب رئيس الوزراء إن سلامة يجب أن يستقيل الآن، لكن وزير البيئة ناصر ياسين قال لرويترز إن الآراء في مجلس الوزراء انقسمت في اجتماع يوم الإثنين الماضي. وقال ياسين «ما هو سريالي هو أنه على الرغم من كل شيء، لا يزال غير مستعد للتنحي».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
واشنطن تعتزم إعادة فرض عقوبات نفطية على فنزويلا
واشنطن تعتزم إعادة فرض عقوبات نفطية على فنزويلا
بايدن يتهم الصين بـ«الغش» بشأن أسعار الصلب
بايدن يتهم الصين بـ«الغش» بشأن أسعار الصلب
تقرير يكشف إضافة «نستله» السكر في حليب الأطفال المباع للدول الفقيرة
تقرير يكشف إضافة «نستله» السكر في حليب الأطفال المباع للدول ...
إيلون ماسك يستعد لزيارة الهند بحثاً عن فرص جديدة
إيلون ماسك يستعد لزيارة الهند بحثاً عن فرص جديدة
ما رهان الاتحاد الأوروبي لوقف تراجعه الاقتصادي؟
ما رهان الاتحاد الأوروبي لوقف تراجعه الاقتصادي؟
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم