تتعرض مالية تونس العامة لضغوط، فيما ترتفع الأسعار بشكل حاد، بما يشكل تحديا اقتصاديا ضخما للرئيس‭ ‬التونسي قيس سعيد، الذي يعتزم تغيير النظام السياسي في استفتاء على الدستور يجرى اليوم الإثنين، بعد معضلات يواجهها الاقتصاد التونسي الذي عانى بشدة في ظل جائحة «كوفيد-19» بسبب اعتماده على السياحة.

وأدت الضغوط التي تتعرض لها المالية العامة في تونس، إلى التأخر في دفع رواتب الموظفين الحكوميين، ومشكلات في دفع ثمن واردات القمح، بحسب وكالة «رويترز».

وتوقع محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، اتساع عجز الموازنة إلى 9.7% من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام من توقعات سابقة تبلغ 6.7%.

وأضاف أن ذلك يرجع لتزايد قوة الدولار والارتفاع الحاد في أسعار الحبوب والطاقة وتبعات الحرب الأوكرانية، التي قال العباسي إنها أوجدت احتياجات تمويلية إضافية حجمها 1.6 مليار دولار.

ومالية تونس مستنزفة بالفعل جراء واحد من أعلى مخصصات رواتب القطاع العام في العالم، مقارنة بحجم الاقتصاد، وبسبب الإنفاق الكبير على واردات الطاقة ودعم الغذاء.

وزاد من تلك الضغوط تراجع قيمة الدينار التونسي، إلى مستوى 3.18 للدولار في انخفاض نسبته 13.2% حتى 14 يوليو الجاري، عن مستواه قبل عام من ذلك التاريخ.

- تونس: انطلاق استفتاء حاسم على دستور جديد يثير خلافات

وتأمل الحكومة في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، قيمته أربعة مليارات دولار، مقابل تجميد رواتب القطاع العام وتوظيف عاملين جدد فيه، وخفض دعم الغذاء والطاقة، لكن اتحاد الشغل التونسي الذي يتمتع بنفوذ كبير في البلاد، عارض تلك الإجراءات بما يشكل عقبة كبرى أمام تنفيذها، وفق «رويترز».

ارتفاع مخاطر الديون
وقال صندوق النقد الدولي العام الماضي، إن الدين العام التونسي سيصبح غير مستدام حال عدم تفعيل إصلاحات، تحظى بدعم واسع النطاق.

ووفقا لميزانية الدولة لعام 2022، فمن المتوقع أن يبلغ الدين العام لتونس ما يقرب من 114.14 مليار دينار (40 مليار دولار)، بنهاية العام الجاري، بما يشكل 82.6% من الناتج الإجمالي المحلي بزيادة نسبتها 81% عن 2021.

وما يعكس قلق المستثمرين، ارتفاع الفروق في عوائد السندات التونسية، أو العلاوة السعرية التي يطلبها المستثمرون لشراء أداة الدين التونسية بدلا من نظيرتها الأميركية الأكثر أمانا حاليا، إلى واحدة من الأعلى في العالم، وزادت إلى ما يفوق 2800 نقطة أساس، بما يوازي تقريبا ثلاثة أمثال المعدل الذي يثير القلق عادة وهو ألف نقطة أساس.

تخوفات من التخلف عن سداد الديون
وإلى جانب أوكرانيا والسلفادور، تحتل تونس أحد المراكز الثلاثة الأولى في قائمة مورغان ستانلي (NYSE:MS)، للدول التي من المرجح أن تتخلف عن السداد.

ومن المقرر أن يحل أجل استحقاق ما قيمته ثلاثة مليارات دولار تقريبا، من الدين بالعملات الأجنبية بين عامي 2024 و2027.

وتأمل الحكومة، التي لا يمكنها الوصول للأسواق العالمية، أن يفتح اتفاق مع صندوق النقد الدولي الباب أمام دعم مالي أوسع نطاقا.

مستويات تضخم قياسية
ووصل معدل التضخم السنوي في تونس إلى سلسلة من المستويات القياسية هذا العام ولامس 8.2% في يونيو الماضي.

وزادت الحكومة أسعار البنزين ثلاث مرات هذا العام، وتكلفة ملء خزان سيارة تقليدية حاليا 100 دينار، بعد أن كانت 93 دينارا في بداية العام، بحسب وكالة «رويترز».

وفي مايو الماضي، احتج مزارعون في عدة مناطق على ارتفاع تكلفة علف الحيوانات، وقالت الحكومة إنها سترفع أسعار أغذية منها الحليب والبيض والدواجن.

وتونس منكشفة بشكل خاص على تأثيرات تعطل إمدادات الحبوب بسبب الحرب الأوكرانية، ويقول البنك الدولي إنها تستورد 60% من القمح اللين و66% من الشعير من روسيا وأوكرانيا.

وفي يونيو، وافق البنك الدولي على قرض قيمته 130 مليون دولار من أجل واردات القمح والشعير.

نصف سكان البلاد تحت خط الفقر
وفي مقابلة مع جريدة محلية في مايو، قال وزير الشؤون الاجتماعية إن عدد الأسر المحتاجة زاد من 310 آلاف في 2010 التي بدأت فيها الانتفاضة المطالبة بالديمقراطية إلى أكثر من 960 ألفا اليوم، مضيفا أن ما يقرب من ستة ملايين تونسي، أو نصف سكان البلاد، تحت خط الفقر.

ومعدل البطالة مرتفع، ووصل إلى 18.4% في 2021 وفقا للبنك الدولي، ويرتفع المعدل بشدة أيضا بين الشبان والنساء وفي غرب البلاد.