في أقل من 17 عامًا، أصبحت «تيسلا» من عمالقة صناعة السيارات في العالم، وتفوقت شركة تصنيع السيارات الكهربائية على «فولكس فاغن» في البورصة، وباتت قيمتها أعلى من «جنرال موتورز» و«فورد»، حيث ينتج كبار مصنعي السيارات ملايين السيارات سنويًّا.
في حين تنتج «تيسلا» أقل من 500 ألف سيارة. ويفيد مصرف «مورغن ستانلي» أن الشركة تعد حاليًا «أهم مجموعة سيارات في العالم»، فيما وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الشركة إلون ماسك بأنه «عبقري».
وترمز هذه العلامة التجارية بالنسبة للكثير من الأميركيين إلى المكانة المرموقة والفخامة والتكنولوجيا واحترام البيئة، على ما أظهرت نتائج استطلاع للرأي أُجري في نوفمبر الماضي من قبل شركة «كوكس أوتوموتيف».
كيف وُلدت «تيسلا موتورز»؟
في الواقع، لم يؤسس إيلون ماسك «تيسلا»، بل ساهم في بنائها وتطويرها، حيث تأسست في الأول من يوليو 2003 من قبل مهندسيْن صديقيْن هما مارتن إبرهارد ومارك تاربنينغ، اللذين ركبا موجة الإنترنت بعد تأسيسهما القارئ الإلكتروني «ذي روكيت إي بوك» في العام 1998، واُختير اسم «تيسلا» تكريمًا للأميركي من أصل صربي نيكولا تيسلا مخترع المحرك الحثي.
كان إبرهارد يخطط في البداية لشراء الشركة الناشئة «إيه سي بروبالشن» التي صنعت نموذجًا للسيارة الرياضية «تي زيرو» وفي حينها، كان يسدي النصح للصناعيين حول القوانين الجديدة التي تحد من الانبعاثات الملوثة في كاليفورنيا، وقبل «تيسلا»، كانت السيارة الكهربائية بمثابة اختراع لا فائدة منه، لا سيما بعدما تعثرت عملية تطوير بطاريات الرصاص، كذلك، وضعت شركة «جنرال موتورز» حدًّا لمشروع سيارتها الرياضية الكهربائية «إي في وان» على الرغم من استثمار أكثر من مليار دولار في تطويرها.
في الواقع، كان إبرهارد يرغب بتطوير سيارة قوية وسريعة ولكن أقل تلويثًا للبيئة، لذلك تحول إلى بطاريات الليتيوم والآيون والمحرك الحثي، ومنذ دخول «تيسلا» إلى عالم صناعة السيارات كانت البيئة قد تغيرت. فعمليًا، جرى إسناد عديد المهام لمتعاقدين من الباطن، بحيث لم يعد المصنعون يهتمون إلا بتجميع أجزاء السيارة وتصميم المحرك والمبيعات والتسويق.
وقررت «تيسلا» كذلك أن تتشارك في أعمالها مع آخرين، مثل العلامة التجارية البريطانية «لوتوس»، لتخفيض التكاليف المالية والبشرية العالية، فاستعانت بهياكل سيارات «لوتوس إليز» في صنع سيارتها الأولى «رودستر»، وكذلك تعاونت مع فريق «إيه سي بروبالشن» لتشارك نظام علبة السرعة، في الوقت نفسه، تغيرت السياسات البيئية أيضًا، إذ فرضت عديد البلدان والمدن الكبرى الغرامات أو قدمت مكافآت لتشجيع السلوك البيئي الأفضل. وأتى اتفاق باريس حول المناخ في العام 2015 ليسرِّع هذا النمط من السياسات، وكان وعدُ الشركة واضحًا وهو تقديم سيارات كهربائية متطورة بسعر مقبول للمستهلك.
وأضفت «تيسلا» الطابع الرسمي على أعمالها في العام 2006، حين جمعت نجوم هوليوود في سهرة، وطلبت منهم إحضار دفاتر الشيكات معهم لشراء منتجاتها، لكنها لم تبدأ بتسليم سياراتها إلا في العام 2008، أي بتأخير سنتين؛ لأن الشركة واجهت مشكلات كثيرة في تطوير سياراتها، لا سيما في مقابض الأبواب والمقاعد وتغيير في مواد مركبة، وهو ما دفع إلون ماسك إلى الانخراط في إدارة الشركة مباشرة، وتنحية مارتن إبرهارد في أغسطس 2007.
في مارس 2004، تواصل إبرهارد مع إلون ماسك خلال لقاء جمعهما في مؤتمر حول الفضاء، وبعد شهر استثمر ماسك، الذي جمع ثروته من تطبيق «باي بال»، 7.5 مليون دولار في «تيسلا موتورز»، قبل أن يصبح الرئيس التنفيذي للشركة في أكتوبر 2008، واستخدم ماسك «تويتر» كوسيلة للتواصل المباشر مع المستهلكين، وفي العام 2010، نجح بإدخال «تيسلا» في البورصة، ولم تكن قيمتها تتجاوز أربعة مليارات دولار في العام 2012.
وعد ماسك بإحداث تحول في قطاع صناعة السيارات، وهو أمر أدركت الأسواق أنه سيحصل فعلًا، حتى لو تسببت مغامراته ببعض الاضطرابات.
في الواقع، عمل ماسك على حل الكثير من المشكلات في الإنتاج، وبرزت طرازات جديدة ونمت المبيعات بدءًا من «موديل إس»، و«موديل أكس»، وصولًا إلى «موديل 3»، وقريبًا «موديل واي» بالإضافة إلى تصنيع شاحنات صغيرة ونصف مقطورة.
تعليقات