نجحت النقابات المعارضة لمشروع إصلاح أنظمة التقاعد في حشد عشرات آلاف المتظاهرين الخميس في فرنسا بعد ستة أسابيع من بدء الخلافات، وعبّروا عن «التصميم» على متابعة حراكهم وتوسيع نطاقه إلى خارج قطاع المواصلات حيث بدأ الإضراب يفقد زخمه.
وفي تقرير لـ«فرانس برس»، خرجت تظاهرات في كافة أنحاء البلاد، في مرسيليا (جنوب شرق) وتولوز (جنوب غرب) وسان نازير (غرب)، تلبية لدعوة التنسيقية النقابية إلى «يوم تعبئة مهنيّة ضخم وإضرابات وتظاهرات» للمرة السادسة منذ 5 ديسمبر. وفي باريس، أعلنت الكونفدرالية العامة للعمل تظاهر 250 ألف شخص (في مقابل 370 ألف في 9 يناير). واحتشد المتظاهرون خلف لافتة كتب عليها «نظام التقاعد بالنقاط: الكل خاسر، التقاعد عند الستين عام: الكل رابح».
معلمون ومحامون
وطغى المعلمون على المشاركين، رغم تراجع نسب الإضراب في قطاع التعليم، ولكن أيضا كان المحامون حاضرين إلى جانب عمال السكك الحديد. وقالت إليزابيت، وهي ممثلة تبلغ 50 عاما، «أجد أنّ الناس محتشدين بشكل كبير. بالطبع ثمة تعب وليس انحسارا. لذا، من المهم أن يشارك الجميع».
وفي مكان غير بعيد، رفعت لافتة كتب عليها «شكرا لعمال السكك الحديدية، أصحاب النفس الطويل في الإضراب». وأعلن فيليب مارتينيز الأمين العام للكونفدرالية العامة للعمل، وهي في مقدمة المعارضة، أن «التصميم لا يزال كبيرا»، داعيا «مهنا أخرى» للانضمام إلى الحراك إلى جانب العاملين في وسائل النقل.
وتراهن النقابات على تحقيق تعبئة كبيرة لمواصلة الضغط ضد مساعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتعديل نظام التقاعد، الى أن «يغيّر» فرنسا عبره. وبدت التظاهرات خارج باريس متراجعة من ناحية أعداد المشاركين.
خدعة
وتسعى الحكومة الفرنسية إلى مواءمة فرنسا مع أغلب البلدان الأخرى عبر تأسيس نظام تقاعد «جامع»، ومن ثم إلغاء أنظمة التقاعد الخاصة التي تسمح مثلا لعمال النقل بمغادرة الوظيفة في عمر أدنى، وكذلك للتوصل إلى توازن مالي في نظام التقاعد على المدى الطويل عبر حثّ الفرنسيين على العمل لفترة أطول، وتنال هذه النقطة النصيب الأوفر من المعارضة.
ويتحسن الوضع تدريجيا في وسائل النقل المشترك، رأس حربة التعبئة التي كلفت أكثر من مليار يورو في قطاع النقل عبر القطار والمترو الباريسي، بحسب للحكومة. وأكد متحدث باسم قطاع النقل عبر القطارات أن «الشبكة متاحة إلى حد كبير، ولا يوجد أي إنذار هذا الصباح ولن يكون للتعبئة بعد الظهر أثر على برامج النقل». ويتحسن الوضع في المترو الباريسي على نحو أبطأ، حيث فتحت أغلب الخطوط الخميس لكن على نحو متقطّع.
وذكرت وزارة الانتقال البيئي والتضامن أنه في المصافي «تشهد أربع من سبع صعوبات موقتة» لكن ذلك ينطبق على مستودعين للوقود فقط «من أصل حوالى 200» والوضع يبقى «شبه طبيعي» في محطات الوقود.
معركة جديدة
وأطلقت الكونفدرالية العامة للعمل معركة جديدة مع عملية «الموانىء المقفلة» في أكبر سبعة مرافىء فرنسية. وحتى في حال تراجعت التعبئة، فإنها تبقى مدعومة من غالبية الرأي العام، وفق استطلاعات رأي.
واستجابت الحكومة حتى الآن لمطلب النقابات الإصلاحية (الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل، الاتحاد الوطني للنقابات المستقلة والكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين) عبر قبول التخلي عن الاستعادة التدريجية لنظام حوافز يحض بشدة على التقاعد في سن الـ64، عوض سن الـ62 القانوني.
وسحب رئيس الحكومة هذا الإجراء «مؤقتا» مقابل تنظيم «مؤتمر تمويل» يتولى حتى نهاية أبريل البحث عن وسائل تضمن التوازن المالي في عام 2027. ورأى رئيس الحكومة إدوار فيليب الأربعاء بعد اقتراح هذا الحل الوسط أن «الإضراب يواجه طريقا مسدودا» معتبرا أنه «استمر أطول مما يجب».
واعتبرت النقابات الأكثر معارضة للإصلاح أن ذلك «خدعة»، ولوحت باحتمال نزوع قواعدها نحو الـ«تطرف». وأعلن عن تحركات جديدة وخاصة في 24 يناير وهو يوم عرض مشروع القانون حول أنظمة التقاعد على مجلس الوزراء.
تعليقات