استخدم زعيم كردي مسجون وكاتب تركي حر رسائلهما المتبادلة ليكتبا من دون أن يلتقيا، عملا بات أحد أكثر الكتب مبيعا في تركيا.
فقد حققت رواية الجريمة التي تحمل بالإنجليزية عنوان Duet in Purgatory «ثنائي في المطهر»، والمتمحورة حول محام يساري متقاعد وجنرال مسن له ماضٍ حافل بالارتكابات، نجاحا هائلا، وفقا لوكالة «فرانس برس».
وبنى الكاتبان القصة، التي تمتد على السنوات الأربعين الماضية من تاريخ تركيا المضطرب والصراع الكردي المزمن، من دون مناقشة الحبكة على الإطلاق.
وقال صلاح الدين دميرتاش في مقابلة أدلى بها لناقد أدبي من السجن «كانت مجازفة محفوفة بالمخاطر أن تحاول كتابة رواية وكأنك تلعب الشطرنج، خطوة بخطوة، من دون الاتفاق على الحبكة أو الشخصيات أو الأسلوب، لا شيء».
بدأت كتابة القصة عندما أرسل المؤلف والمترجم يغيت بينر إلى الزعيم الكردي المسجون دميرتاش، الذي يمضي عقوبة بالسجن لمدة 42 عاما، نسخة من رواية لويس فرديناند سيلين الكلاسيكية «رحلة إلى نهاية الليل»، وضع بينر ملاحظة مكتوبة داخل النسخة جاء فيها «عربون تضامني».
-رواية لكاتب ليبي ضمن قائمة أميركية لأفضل 100 كتاب في القرن الـ21
-الفيلسوف إدغار مورين ينشر روايته الثانية في عامه الـ102
ويقبع دميرتاش، البالغ 51 عاما والرئيس المشارك السابق لثالث أكبر حزب سياسي في البرلمان التركي، في السجن منذ عام 2016، ودانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لاحقا احتجازه باعتباره سياسيا، ودعت إلى إطلاق سراحه.
وقال بينر «لم أستطع أن أتقبل أن هذا الرجل الذي صوتتُ له، مثل ستة ملايين آخرين، والذي أشاركه أفكاره، وجد نفسه خلف القضبان بينما أنا حر».
استمتعنا كثيرا
أُعجب بينر، الذي عاش في المنفى في ثمانينات القرن العشرين، بمجموعة القصص القصيرة التي كتبها دميرتاش بعنوان «الفجر»، وبدأ الاثنان في تبادل المراسلات عبر محامي السياسي.
و قضت إعادة انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مايو 2023 على آمال دميرتاش في إطلاق السراح المبكر، ما حمل بينر على طرح فكرة المضي قدما في المراسلة.
وتوجه بينر لدميرتاش اقتراح مفاده «ماذا لو كتبنا رواية، كلانا؟»، على الرغم من أنه لم يكن قد فكر في حبكة أو شخصيات ولم يكن متيقنا من جدية المشروع، في حين أن الفكرة سعت في الأصل إلى إبقاء السجين مشغولا، سرعان ما أنهى الرجلان كتابة 13 فصلا.
يرفض بينر أن يقول من بدأ في الكتابة أولا، لكنه يوضح أن الثنائي تناوبا على صياغة النص، يشرح بينر «لقد استمتعنا كثيرا ولكن كان علينا الانتهاء. ووضعنا النص جانبا لمدة شهرين قبل أن يقرأه بعض الأصدقاء».
و طبعت دار «ديبنوت»، التي أصدرت سابقا روايات دميرتاش وقصصه القصيرة، 55 ألف نسخة في الشهر الماضي، على أن تصدر المزيد من النسخ في سبتمبر.
ويقول الزعيم السياسي الكردي «ساهمت قصصنا الشخصية، ومساراتي ومسار ييغيت في تشكيل الرواية. لقد أعطاني ذلك محفزا عندما كنت في حاجة إلى ذلك».
ويلفت بينر إلى أن نجاح الرواية يكمن في توقيتها المناسب، ويضيف «يطرح الكتاب مسألة المصالحة من خلال شخصيتين من الجيل نفسه من الخاسرين يتقاسمان شعور الهزيمة عينه».
ويشير إلى أن فكرة الكتاب «تتحدث عن تركيا اليوم التي أصبحت أكثر انقساما من أي وقت مضى»، كان بينر «عاطفيا للغاية» عندما حصل أخيرا على إذن لمقابلة دميرتاش في يوم إصدار الكتاب في سجن أدرنة في شمال غرب تركيا، حيث يقبع زعيم المعارضة في عزلة ولا يُسمح له إلا بزيارات أسبوعية من محاميه أو عائلته.
استثنائيا، سُمح له بالخروج من الزنزانة الصغيرة التي يقبع فيها منذ ثماني سنوات، والتي يتقاسمها مع رئيس بلدية مدينة ديار بكر الكردية السابق عدنان سلجوق مزراكلي.
وأشاد النقاد بـ «السرد المضحك والسريع والحيوي» في الكتاب، وتهافت القراء لرؤية بينر أثناء تجواله في المكتبات.
تعليقات