Atwasat

«الرواية الشفوية».. كيف تنعش الذاكرة الليبية؟

طرابلس - بوابة الوسط الجمعة 09 يونيو 2023, 07:32 صباحا
WTV_Frequency

سلطت ندوة ثقافية في العاصمة طرابلس الضوء على واقع وتحديات الرواية الشفوية في ليبيا، وذلك في محفل ثقافي هام احتضنته قاعة المجاهد بالمركز الليبي للدراسات التاريخية يومي 30-31 مايو الماضي.

الندوة العلمية الأولى حول الرواية الشفوية التي أدارها الدكتور أسامة عبدالهادي، جاءت تحت عنوان (الرواية الشفوية في ليبيا .. الواقع والتحديات والآفاق)، بالتعاون مع اللجنة الوطنية الليبية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم الثقافية (اليونيسكو). 

إنعاش الذاكرة
وخلال فعاليات الندوة، قال رئيس المركز الليبي للدراسات التاريخية الدكتور محمد الجراري إن ليبيا بلد أكرمته الجغرافيا وقصَّر في حقه التاريخ وجانب الصواب بعض استراتيجييه من حيث تقديم المهم على الأهم، وشغلوا أنفسهم بالمدارات السياسية والقبلية ما زاد من تأكيد التجلط بدل فتح شرايين التواصل في السكك الحديدية والطرق المعبدة والمطارات وكل وسائل الاتصال لقهر الجغرافيا.

أضاف «ولعل الأحداث المؤسفة التي تمر بها ليبيا تجعل الذاكرة الجمعية مشوشة وهنا تأتي فكرة الندوة عن الرواية الشفوية وأهميتها في التوثيق وأرشفة الأحداث والمساعدة في إنعاش الذاكرة الليبية».

للاطلاع على العدد 394 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وأكمل الجراري «في العام 1977 استدعى المركز أفضل الخبراء في الرواية الشفوية على مستوى العالم ووضع إطاراً زمنياً للمشروع يمتد من 1911 إلى 1945 ودعمناه بخمسمئة سؤال عن الحرب والاقتصاد والسياسة والمجتمع، وقسمنا ليبيا إلى 17 دائرة بحثية أوكلناها إلى 17 باحثاً أكاديمياً بعد إعطاء دورة تنشيطية وحفظ الخمسمئة سؤال وتزويدهم بتقنيات العصر».

الجراري يواصل «المرحلة الأولى شهدت تسجيل 1500 مقابلة، فيما جاءت المرحلة الثانية سنة 1978 بعدد 662 شريطا ًوبلغت حصيلة المرحلة الثالثة 1870 شريطاً والرابعة ألفاً ومئتي شريط، وتتابعت الرحلات البحثية حتى وصلت نتيجتها الإجمالية لأكثر من عشرة آلاف شريط تحوي أكثر من 17000 مقابلة».

وزير التربية والتعليم في حكومة الوحدة الوطنية الموقتة الدكتور موسى المقريف ألقى كلمة تلاها بالنيابة عنه الدكتور كامل الويبة شدد خلالها على أهمية التركيز على التراث الثقافي المتضمن العديد من الشواهد والأدلة والقرائن المعبرة عن هوية وتاريخ البلد، منوهاً بوجوب تضمين تلك الشواهد في المناهج الدراسية.

مصدر مهم
من جانبه، قال الدكتور الطيب البهلول في كلمة اللجنة العلمية للندوة إن الرواية الشفوية أهم مصادر المعرفة التاريخية منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، حيث وظفها الكتاب الإغريق والرومان لصالح الكتابة التاريخية إلا أن هذا المسلك لم يخل من نزعة عنصرية وكذلك تداخل الحقائق مع الخرافات والأساطير.

البهلول أضاف أنه «مع تطور أنماط الحياة شهد توظيف الرواية تحولاً جذرياً، وصار علم الرواية حقلاً مستقلاً له منطلقاته الحاكمة وأسلوب منهجي خاص، ورغم الصعوبات التي واجهها هذا العلم من زاوية الاعتراف به؛ فإنه تجدد الاهتمام به عقب الحرب العالمية الثانية مستفيداً من تمظهرات التقنية كأجهزة التسجيل وغيرها وما صاحبها من تطور في استخدام مناهج الرواية وطرق الاستفادة منها، فقد برزت على سبيل المثال مدرستان رئيستان في مجال استخدام الرواية الشفوية، ففي حين دعت المدرسة الأولى الى الاهتمام بالنخب تعتني الثانية بدراسة تاريخ المهمشين من عمال وفلاحين ونساء».

وانتقل الحاضرون بعدها إلى جولة في قسم الرواية الشفوية بالمركز حيث قدم رئيس المركز الإيضاحات والشروح اللازمة للتعريف بمراحل أرشفة الرواية وما يتعلق بالدوريات التي أصدرها المركز بالخصوص.

وطالب الجراري أثناء حديثه من منظمة اليونسكو ووزارة التربية والتعليم العمل مع المركز على نقل مادة الأرشفة الشفوية على منصة الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).

أوراق بحثية
البرنامج العام للندوة وعلى مدى يومين تضمن ماقشة أوراق بحثية تعنى بطرق ومنهجية الرواية الشفوية وخصائصها، فعلى سبيل المثال تطرقت الدكتورة فاطمة العقيلي من جامعة بنغازي في ورقة لها لإشكالية الرواية الشفوية في الكتاب الرابع لهيرودوس، حيث خُصِّص معظم أجزاء هذا الكتاب للحديث عن ليبيا حتى ما سمي بالكتاب الليب، والأهم في هذا الإطار ما ذكره عن تأسيس مدينة كيريني حيث سردها في قالب الروايات الشفوية.

وأضافت أن هيرودوس استقى بياناته من رواية سكان مدينتي ثيرا وكيريني حيث اختلطت الأسطورة بالحقيقة التاريخية لذلك كان ضرورة طرح السؤال التالي: هل استمد رواياته من مصادر موثوقة؟ وهل أثرت الأحداث الجارية في إقليم كيريناكيا أثناء كتابته لتاريخه عن مصداقية هذه الروايات المستقاة بطريقة شفوية؟ وبالتالي كان تقسيم الباحثة دراستها الى خطين الأول يتناول الروايات التي أوردها هيرودوس بخصوص التأسيس والثانية نقد الروايات.

الرواية والتاريخ
وفي بحث مشترك تناول كل من الدكتور علي سميو والدكتورة نورا العائب من جامعة مصراتة موضوع الرواية الشفوية وكتابة التاريخ، حيث تناولا دور الرواية الشفوية في تدوين التاريخ ونشأة وتطور الكتابة التاريخية، وأشارا إلى أنه من أسباب ضعف الرواية الشفوية تناقل الخبر أجيالا على الألسن دون تدوين فيتعرض للتحريف ومن أسباب الاختلال هو نسبة الحادثة إلى غير صاحبها.

للاطلاع على العدد 394 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وعلى مستوى الكتابة توضح الورقة تطورها في العصر العباسي حيث تميزت بنظرة شمولية، وقد مال بعض المؤرخين الى تأريخ الثقافة والحضارة والآخر إلى سلك أنماط متنوعة من التدوين التاريخي، وهو ما أسهم في تطور الكتابة شكلاً ومضموناً وبهذا يمكن القول أن القرن الثالث الهجري شهد تطورا بزيادة المادة التاريخية من حيث زمانها ومكانها، وصارت الروايات الشفوية والأخبار والأحاديث تجمع وظهر التاريخ بصورة ثابتة.

 وخلص الباحثان في نهاية الورقة إلى أن الرواية الشفوية هي أساس الكتابة التاريخية من حيث تدوينها للأحداث، ولذلك وجب تأسيس مركز لتوثيق المعلومات من خلال تشكيل لجنة من ذوي الاختصاص من الجامعات الليبية وكذلك العمل على جمع المعلومات التاريخية قدر الإمكان من خلال تصنيف الوثائق الموجودة في دور المحفوظات لإعادة كتابة تاريخ ليبيا وتصحيح ما هو مزور.

الندوة حفلت أيضاً بمناقشة جملة من المسائل المهمة المتعلقة بدور التراث الشفوي في الحفاظ على الهوية الوطنية وكذلك مناهج وتقنيات الرواية ودور الرواية الشفوية كمصدر.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الشرطة تغلق شكوى قدمها مصور ضد والد تايلور سويفت
الشرطة تغلق شكوى قدمها مصور ضد والد تايلور سويفت
عزالدين الدويلي في تجربة أولى للتأليف والإخراج
عزالدين الدويلي في تجربة أولى للتأليف والإخراج
فيلم عن سيرة بوب ديلان بطولة تيموتيه شالاميه
فيلم عن سيرة بوب ديلان بطولة تيموتيه شالاميه
في الذكرى الـ 90 لرحيله.. محمود مختار «أيقونة» فن النحت المصري
في الذكرى الـ 90 لرحيله.. محمود مختار «أيقونة» فن النحت المصري
«أسوان الدولي لأفلام المرأة» يكرم أستاذة المونتاج منى الصبان
«أسوان الدولي لأفلام المرأة» يكرم أستاذة المونتاج منى الصبان
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم