البوسيفي: الصحافة الإلكترونية فرضت نفسها وسنشهد المانشيت الأخير في الورقية

البوسيفي: الصحافة الإلكترونية فرضت نفسها وسنشهد المانشيت الأخير في الورقية

الصحفي محمود البوسيفي (بوابة الوسط)

يرى الصحفي والكاتب محمود البوسيفي أن المعرفة واللغة هما السلاحان الأساسيان للإبحار في عوالم السلطة الرابعة، جاء ذلك في جلسة حوارية معه أدارها الاعلامي خالد بن عثمان، الأربعاء، في بيت محمود ضمن فعاليات ليالي المدينة.

وفي سؤال عن مراحل تشكله الأولى، يرجع البوسيفي شغفه بالقراءة والكتابة إلى سنوات مبكرة من عمره عندما كان طالبا في المرحلة الابتدائية ومشاركته في الصحف الحائطية، مشيرا إلى أولى تجاربه الكتابية في قصة قصيرة نشرتها مجلة «الليبي الصغير» الصادرة عن مجلة «ليبيا الحديثة» العام 1964.

- الكاتب الليبي محمود البوسيفي يكشف «الخلايا النائمة» في القاهرة

ومع دخوله إلى مؤسسة وكالة «الأنباء الليبية» العام 1974، مثلت له هذه النقلة إطلالة على عالم صناعة الخبر ومكنته من فهم واستيعاب الكثير من تفاصيله والتعرف على العناصر الرئيسة، وازدادت هذه الممارسة نضوجا في تنقلاته العديدة على المستوى المحلي في المكاتب الإعلامية بالهيئات والمؤسسات العامة للدولة أو خارجيا كمراسل للوكالة، حيث جاءت القاهرة أولى محطاته كمراسل في يناير 1976، وقد استفاد من ثراء تجربة المدرسة المصرية في الصحافة الخبرية بالخصوص.

تجربة المؤتمر
وأضاف أنه وبعد العودة إلى ليبيا والبقاء لفترة اتجه كمندوب للوكالة بدمشق ثم اشتغاله في نقلة أخرى مراسلا بأبوظبي والكويت لمدة خمس سنوات ويتجه هذا التطواف إلى العودة مرة أخرى لتأسيس مجلة «المؤتمر» التي كانت تجربة تنويرية اتخذت مسارها بعيدا عن سطوة الإيديولوجيا رغم صدورها من مركز إيديولوجي في إشارة إلى ما كان يعرف بـ«مركز دراسات الكتاب الاخضر».

وفي حديثه عن الصحافة الليبية، أشار البوسيفي إلى أن تاريخها عريق لكن تعوزها الاستمرارية، وأوضح أنه في زمن الإدارة البريطانية برزت صحف موازية لتشكل وظهور عدد من الأحزاب، وكذا يمكن القول إن الصحف في العهد الملكي كانت محترمة للغاية.

وواصل البوسيفي بالقول إنه بعد العهد الملكي مرت الصحافة بتجربة بعد توقف القطاع الخاص سنة 1973 ليتم تأميمها انحيازا للمشروع السياسي المتمثل في الاتحاد الاشتراكي العربي، وهو استنساخ للتجربة المصرية، واستمرت صاحبة الجلالة على إيقاع النفس الحكومي حتى ظهرت تجربة صحيفة «أويا وقورينا» سنة 2007 لكسر هذا الجدار لكن التجربة لم يكتب لها النجاح لأسباب سياسية بالدرجة الأولى.

ما بعد 2011
وفي سياق تعليله للفورة الصحفية ما بعد 2011 مباشرة أعطى البوسيفي مثالا بما حدث في إسبانيا عقب سقوط فرانكو الذي أنتج سبعين حزبا وسبعمائة صحفية فهي من هذا المنظور حالة طبيعية تترجم عنفوان الانفجار الكبير حتى تنتهي المسألة إلى الاستقرار، ورأينا في ليبيا كيف انتهت الأعداد الكبيرة من حمى الإصدارات إلى مشهد صحفي يفتقر إلى مطبوعة يومية.

ومن جانب آخر يري أن الوضع الحالي لصاحبة الجلالة تصنعه التقنية، فالصحافة الإلكترونية حسب تعبيره لا مهرب منها وربما في قادم الأيام سنشهد المانشيت الأخير في الصحافة الورقية، بمعنى آخر أن التقنية فرضت نفسها ويجب مواكبة تطورها والركوب في قطارها.

ويصل البوسيفي إلى تحد آخر في هذا المجال وهو الممول الذي يبقى المتحكم الرئيس في اتجاه الصحيفة، مستشهدا بعبارة أحد الكتاب الروس :«فقير يشتري جريدة والغني يشتري رئيس التحرير»، ويضيف معلقا: «في فترة الخمسينيات أسس المفكر الفرنسي جان بول سارتر مع مجموعة من رفاقه جريدة ليبراسيون بتجميع مبالغ من الجميع، أي صحيفة لا يحكمها رأس المال ومسار طويل الآن الليبراسيون في يد لوبي صهيوني» وذات الفكرة تنطبق على المعلن الذي له شروطه التي تتفق مع ميوله ورغباته خصوصا إذا كان التمويل كبيرا.

ديموقراطية وتعليم
ويجيب في سؤال يتعلق بتأكيده المستمر في كتاباته عن المستقبل، هل ذلك راجع لقناعته بضرورة القطيعة مع الماضي كوصفة للنهوض؟ مؤكدا أن تنقية أو عصرنة التراث مازالت أحد تحديات العقل العربي، ويمكن القول إنه ليس كل الماضي سيئا كما أن ليس كل الماضي جيدا، ولكن توجد محطات مضيئة نستطيع استهلام تجاربها والإشارة إليها، فمثلا الكاتب علي مصطفى المصراتي إحدى الإضاءات العظيمة في تاريخ ليبيا فهو دائم الذكر في أحاديثه ومحاضراته إلى عنصري الديموقراطية والتعليم، ودلل بشواهد من التاريخ على أهمية التعليم بالنقلة التي أحدثتها بلدان مثل أيرلندا وتركيا وماليزيا وكوريا، حيث كانت في سبعينيات القرن الماضي دولا متخلفة، فماليزيا كانت دولة زراعية مليئة بالمستنقعات حتى جاء مهاتير محمد واقتطع 40% من الميزانية لصالح التعليم، وهو ما صنع ماليزيا اليوم.