Atwasat

ليبيا تسعى إلى تسجيل الكسكسي باسمها أيضا في «يونسكو»

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 20 مارس 2023, 03:47 مساء
WTV_Frequency

تسعى ليبيا إلى أن تثبت أن طبق الكُسكُس الذي يشتهر به المغرب العربي والمعروف محليا بـ«الكسكسي»، يعنيها بقدر ما يعني جيرانها المغرب والجزائر وتونس، إذ يطمح الليبيون إلى تقدير دولي لتراثهم المطبخي والثقافي الغني.

في موقع المسرح الروماني القديم بصبراتة، على بعد حوالي 70 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، ينشغل عشرات الطهاة في التحضير: في غضون ساعات قليلة، سيقدمون طبق الكسكس العملاق للجمهور.

وقال أحد المشاركين في عملية الطهو التي أقيمت في الهواء الطلق لوكالة «فرانس برس» فيما كان يرتاح لبضعة دقائق على كرسي حديقة وقد بدت عليه ملامح التعب «لم أنم طوال الليل».

في قدور ضخمة مصنوعة من الفولاذ المقاوم، يواصل البعض الآخر تقليب السميد الذي حولت صلصة الطماطم لونه إلى أحمر، فيما وُضعَت المكونات الأخرى التي سبق تجهيزها في أطباق كبيرة مغطاة بورق الألمنيوم.

ثم يصب الطهاة والمساعدون في طبق يبلغ قطره أربعة أمتار نحو 2400 كيلوغرام من السميد، ولحم الضأن، واليقطين، والأهم شيء، اللمسة الليبية النموذجية: «البصل» المحمص في الزبدة.

تتجمع العائلات بسعادة حول الطبق العملاق، تحت حراسة الشرطة، بينما يصور الشباب المشهد بهواتفهم، في مشهد يبعث بمظاهر الاطمئنان المفقود منذ سنوات، ولو كان نسبيا.

بمعطفها الأسود وحجابها الأحمر، تُعرب أحلام فخري الآتية من طرابلس عن سعادتها برؤية الليبيين يجتمعون. تقول هذه الطبيبة التي سافرت كثيرا: «أتيت من قرية تشتهر بالكسكس الذي يمكنك شمه من مسافة أميال حوله».

تراث غير محمي
وتذكر أحلام باعتزاز بأن «المنطقة المغاربية كلها مشهورة بالكسكس الذي يميزنا عن الشرق العربي». وتضيف: «إنه جزء من هويتنا وثقافتنا وتراثنا ونحن فخورون ونعتز به».

ومع ذلك، فإن ليبيا هي الدولة الوحيدة في شمال أفريقيا غير المسجلة على أنها معنية بتقاليد الكسكس المدرجة منذ العام 2020 ضمن قائمة «يونسكو» للتراث الثقافي غير المادي.

ويعود ذلك إلى عدم انضمام ليبيا إلى هذه المعاهدة الدولية، وبالتالي عدم خضوعها لشروطها، وإلا لكان توسعَ التنافس بين الدول المغاربية على ملكية هذا الطبق وأصله.

على الأرض، تتحرك منظمات المجتمع المدني من خلال مبادرات مختلفة «لدفع الملف عن طريق الضغط».

- صبراتة تحتضن يوم الكسكسي الليبي بطبق يزن 2500 كيلو غرام

- مندوب ليبيا لدى اليونسكو يحث الدولة الليبية على الانضمام إلى اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي

- مشروع لإدراج «طبق الكسكسي» على قائمة التراث العالمي

مع جمعيته التي تهدف إلى دعم السياحة والحفاظ على التراث، ينظم علي مسعود الفطيمي، طبق كسكس عملاقا كل عام في موقع تاريخي، لإرسال «رسالة إلى البرلمان». ويشدد الناشط البالغ 54 عاما على أن انضمام ليبيا إلى هذا الاتفاق «لن يتيح الحفاظ على الكسكس وحده، إذ إن ليبيا غنية بالثقافة والتراث وهذا التراث غير محمي أساسا».

ويقول علي إن الكسكسي العملاق، مثله مثل اليوم الوطني للملابس التقليدية وغيرها من المبادرات، هو ثمرة «دفعة شعبية»، معربا عن أمله في أن يصادق أعضاء البرلمان على الاتفاقية الدولية «في المستقبل القريب». لتنضم ليبيا إلى جيرانها في قائمة «التراث غير المادي».

خصوصية فريدة
في حال المصادقة على الاتفاقية، يمكن لليبيا أن تنضم إلى موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس في ملف الكسكس «لأن التسجيل لا يعني ملكية نهائية أو حصرية» من قبل بلد واحد، على ما تؤكد «يونسكو».

وتؤكد منيرة زويت (43 عاما) أنها تتمنى ذلك من كل قلبها. وافتتحت هذه الطاهية مطعما خاصا بها في العاصمة، ونشرت على «فيسبوك» و«يوتيوب» صور الحلويات التي تبتكرها وتستوحيها من الاتجاهات العالمية. لكن الكسكس يبقى بالنسبة إليها «خطا أحمر»، إذ تحرص على طهوه بالطريقة التقليدية.

وبزي الشيف الأبيض الذي يحمل تطريزات ذهبية ليبية، تحضر طبقها المفضل عن طريق سكب قليل من الملح ومسحوق الفلفل الحار وقليل من القرفة مما يترك طعما حلوا.

وتقول زويت التي تعلمت إعداد الكسكس من أمها في صغرها إنه «ليس مجرد طبق نأكله، بل مرآة حضارة، ومهارة تتناقلها الأجيال». وتعمل زويت المتمسكة جدا بالتراث للحفاظ عليه «بأبسط» طريقة، على ما تقول، أي من خلال الاستمرار في طهو الأطباق التقليدية. وتقول إن تقاسم الطعام يشير إلى «علاقة حميمة لا مثيل لها» بين الجميع.

الطاهية الليبية منيرة زويت تعدّ طبقا من الكسكسي في مطبخ مطعمها بطرابلس، 8 مارس 2023 (أ ف ب)
الطاهية الليبية منيرة زويت تعدّ طبقا من الكسكسي في مطبخ مطعمها بطرابلس، 8 مارس 2023 (أ ف ب)
طهاة ومواطنون ليبيون حول طبق كسكسي عملاق في موقع المسرح الروماتي القديم بصبراتة، 10 مارس 2023 (أ ف ب)
طهاة ومواطنون ليبيون حول طبق كسكسي عملاق في موقع المسرح الروماتي القديم بصبراتة، 10 مارس 2023 (أ ف ب)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية في تركيا
جائزة «غونكور» في بلاد أورهان باموك تعكس استمرارية الفرنكوفونية ...
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل سنوات قلِق على المستقبل
عميل سابق في الموساد كتب رواية مطابقة لهجوم حماس على إسرائيل قبل ...
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة «إيسيسكو»
إطلاق طوابع بريدية خاصة بالمواقع التاريخية الليبية في قائمة ...
كتاب وأدباء ومثقفون: هكذا تأثرنا بحرب الإبادة الجماعية في غزة
كتاب وأدباء ومثقفون: هكذا تأثرنا بحرب الإبادة الجماعية في غزة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم