Atwasat

من هو الأديب الياباني كنزابورو أوي؟

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 13 مارس 2023, 01:42 مساء
WTV_Frequency

في الثالث من مارس الجاري توفي الروائي الياباني كنزابورو أوي الحائز على جائزة نوبل في الآداب العام 1994، عن 88 عاما، ومن وقتها توقف عن الكتابة، معلنا أن ابنه هيكاري من ذوي الاحتياجات الخاصة قد أصبح صوته. بعدها رُشح أوي للحصول على وسام الثقافة لكنه رفض.

وقد عرف القارئ العربي كنزابورو الذي تُرجمت بعض أعماله إلى العربية بعد حصوله على جائزة نوبل، لكننا اليوم نطرح السؤال مجددا لقارئ «الوسط» من هو كنزابورو أوي؟ وما هي أعماله وأثره على الرواية اليابانية؟

الطفل الخامس من بين سبعة لأسرة فقيرة
في اليوم الذي أعلن فيه إمبراطور اليابان الاستسلام في أغسطس 1945، كان أوي طفلا في العاشرة من عمره يعيش في قرية جبلية تدعى أوشي بجزيرة شيكوكو، وفيها ولد كنزابورو في 31 يناير العام 1935 لأسرة شديدة التواضع، وكان طفلها الخامس من بين أبنائها السبعة، ونشأ على الحكايات الشعبية لجدته وأمه. عندما قُتل والده في الحرب العالمية الثانية العام 1944، وبدأت والدته في تعليمه بالكتب بما في ذلك مغامرات Huckleberry Finn و The Wonderful Adventures of Nils Holgersson، التي قال عن تأثيرها في خطاب قبول جائزة نوبل، إنها سوف «تحمل معه إلى القبر».

عانى أوى من أقسى تجربة عرفتها الإنسانية، وهي إلقاء القنبلة النووية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي، التي نسفت الأماكن والبشر خلال لحظات روعت الإنسانية كلها، ورأى وشاهد وسط أشلاء الأهل وشظايا كل ما كان يصدقه ويؤمن به قبل الحرب، فقد نسفت من روحه الكثير، حين سمع إمبراطور اليابان يعلن الاستسلام، ليجردهم هذا الإعلان الصاعق من الشعور بالتقديس لذلك الرمز القائد

تأثير سارتر وميللر على أوي
واستمد كنزابورو من الغضب والخوف والجنون طاقة الإبداع، ليكتب باحثا عن الخلاص والبديل والمنقذ لمواجهة ضياع الذات، فكانت روايته القصيرة «الغنيمة» التي فاز عنها بجائزة وهو طالب في قسم الأدب الفرنسي بجامعة طوكيو، تتحدث عن طفل ياباني في العاشرة من عمره يخدعه طيار زنجي هبط من الطائرة على قريته، وتوقع النقاد حينها أنه الكاتب الواعد بعد يوكيو ميشيما.

وفاة كنزابورو أوي الحائز جائزة نوبل في الآداب عن 88 عاما

ويقول عنه عملاق الرواية اليابانية يوكيو ميشيما نفسه، إن كنزابورو أوي «وصل إلى ذروة جديدة في الأدب القصصي الياباني، إنه يقف بمفرده كالناطق الرسمي بلساننا جميعا». فيما اعتبره مترجم روايته «هموم شخصية» صبري الفضل، محررا للأدب الياباني من نمطه الثابت وحركه نحو المسار الحيوي السائد للأدب العالمي، لقد تأثر أوي بالغرب كثيرا خاصة هنري ميللر، ونورمان مالر، وجان بول سارتر. وتتعامل معظم أعمال أوي بطريقة أو بأخرى بالخواء المعاصر وبعدمية إنسان هذا العصر، ويتميز أسلوبه بالشاعرية وتصويره عالما خياليا يجمع بين الأسطورة والواقع أثناء تشريحه للإنسان المعاصر.

اليسار الجديد وابنه هيكاري
في العام 1960 تزوج أوي من يوكاري، وبعد ثلاث سنوات، وُلد طفلهما الأول، هيكاري، معاقا بـ«دماغ منفتق»، وحث الأطباء والديه على تركه يموت، لكن هيكاري أصبح معجزة موسيقية وملحنا حائزا على جوائز، بل وكما قال والده الأديب الياباني نفسه «إن موسيقاه تباع أفضل من أي من رواياتي، وأنا فخور بذلك »، الأمر الذي انعكس على أعماله، فتجسد في رواية «هموم شخصية» التي ترجمتها دار الهلال المصرية إلى العربية.

ونجح أوي في تقديم الإنسانية بشكل واضح في كل أعماله وبرع في مزج ما هو العام بعمق تجربته الشخصية، فجاء نتاجه الأدبي معبرا عن أهم مرحلتين في حياته، الأولى التي عبر فيها عن طفولته خلال انهيار اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وكارثة هيروشيما، مع الظروف المأساوية التي عاشتها اليابان في تلك الفترة القاتمة. أما المرحلة الثانية التي تبدأ في العام 1964 يوم أن رزق بطفل معوق أحدث في قلبه عظيم الأثر.

وانشغل أوي بالنشاط السياسي ضمن اليسار الجديد، وانعكس ذلك على أعماله فكانت روايته «هموم شخصية» تناول هموم الشباب في مرحلة ما بعد الحرب، متخذا من ابنه هيكاري، الذي ولد معاقا، رمزا لإعاقة أشمل، وروايته «استيقظ أيها الإنسان الجديد»، ومن أعماله أيضا «علمنا كيف نتجاوز جنوننا»، التي نقلتها إلى العربية دار الآداب اللبنانية.

دوستويفسكي اليابان
لقد شبه هنري ميللر كنزابورو ذات مرة بأنه «دوستويفسكي اليابان»، في «نطاق الأمل واليأس»، بينما أشار إدوارد سعيد، وهو صديقه لمدة 20 عاما، إلى «قوته غير العادية في التفاهم المتعاطف». وصفه زميله الحائز على جائزة كازو إيشيغورو ذات مرة بأنه «لائق حقا، ومتواضع، ومنفتح وصادق بشكل مدهش، وغير مهتم أبدا بالشهرة»، في حين أن مترجمه، جون ناثان، نسب إليه الفضل في إنشاء لغة خاصة به، على طريقة فولكنر و قبله عدد قليل من الكتاب اليابانيين.

متأثرا بسارتر والأدب الأميركي، خلق أوي العديد من الأبطال المحرومين من حقوقهم، وسخر النقاد اليابانيون من أن كتاباته «تفوح منها رائحة الزبدة»، بعد أن تلوثت بالنحو الغربي، وأصبح هدفا للمحافظين اليابانيين لانتقاده للإمبراطور، وتصويره لليابان على أنها مثيرة للشفقة.

 في مقالته التي صدرت العام 1970 بعنوان «ملاحظات أوكيناوا»، التي أوضح فيها بالتفصيل كيف أقنع الجيش الياباني المدنيين في أوكيناوا بقتل أنفسهم عندما غزا الحلفاء في العام 1945، وأدت إلى مقاضاته في العام 2005 من قبل ضابطين متقاعدين. بعد ثلاث سنوات، أسقطت جميع التهم الموجهة ضد أوي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
فنانون أيرلنديون يطالبون بمقاطعة «يوروفيجن»
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
لأول مرة.. ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب في 2024
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
ذكرى الوحدة الوطنية تحت مجهر القبة الفلكية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
أولمبياد باريس: متحف اللوفر يقدم جلسات رياضية أولمبية
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
باكورة إصدارات «غسوف»: رواية ورياضة وتراث
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم