Atwasat

شاهد على العصر.. مصطفى التير يرصد جذور الصراع وتداعياته في «الثورة الليبية»

طرابلس - بوابة الوسط الأحد 12 مارس 2023, 10:11 صباحا
WTV_Frequency

قال الكاتب يوسف الغزال إن الدكتور مصطفى التير كان شاهدا على عصره، فتناول كل التفاصيل الجديرة بالذكر في كتابه «الثورة الليبية»، كما أن اختياره للعنوان جاء على خلفية عدم اقتناعه بأن ما حدث في سبتمبر 1969 كان ثورة، ووصف التير أن ما سبقها في العراق سنة 1936 والسودان في ستينيات القرن الماضي ومصر العام 1952 بمرحلة الانقلابات العسكرية.

- التير: حروب أنتجت ثقافة فرعية تعتمد خطاب الكراهية

جاء ذلك في ندوة أدبية نظمتها الجمعية الليبية للآداب والفنون، بمدرج القبة الفلكية، تناولت كتاب «الثورة الليبية.. مساهمة في تحليل جذور الصراع وتداعياته»، أدارها الكاتب مفتاح قناو، بمشاركة الكتاب: يوسف الغزال، والدكتورة فاطمة غندور، والدكتور إلياس الباروني، وإبراهيم احميدان، ورضا بن موسى، حيث عرضت ورقاتهم النقاط الرئيسة التي ينهض عليها الكتاب ورؤية مؤلفه للعوامل المحركة لثورة فبراير.

جدار الخوف
وأضاف الغزال أن المؤلف حلل فكريا حالة التململ في المجتمع، التي جاءت بعد استفراد النظام الحاكم بالسلطة وتمكنه من بناء جدار الخوف، وبذا فمكاسب الثورات أنها حققت نوعا من حرية الفكر دون النظر إلى الأيديولوجيا أو سلطة توجهه، والدليل عناوين «الخيمة والقصر» و«الثورة الليبية» وغيرها، والتي يصعب تصور وجودها في العهد السابق، وبالتالي من الإجحاف القول إنه بعد فبراير لم يتحقق شيء ونحن نرى عودة المكتبة الليبية.

وأشار إلى أن التير ينظر إلى الثورات كسلوك اجتماعي وليس نشازا، فالنتيجة مع أي نظام مستبد هي رفض من جموع الناس سواء كانوا من المدن أو الأرياف، ويواصل الغزال أن الكتاب تضمن ملحقا للوثائق التي استند إليها الكاتب في مادته، منها بيان سبتمبر إلى إعلان المجلس الانتقالي في ثورة فبراير.

وانتهى في خلاصته إلى أن الكائن البشري بطبيعته يرفض التسلط والخوف، وبذا فإن أي حالة تسلط ستؤدي إلى ثورة، فالربيع العربي لم يكن عشوائيا، بل هو نسيج صراع وتفاعل اجتماعي أدى إلى هذه النتيجة، وتساءل الغزال لماذا لم يربط الدكتور مصطفى الربيع العربي بنظيره الأوروبي، حيث أعقبت الثورة الفرنسية ثورات في ألمانيا وإيطاليا والنمسا، ويمكن القول إن الربيع العربي تكرار للأوروبي.

صرخة الكتابة
وأشارت الدكتورة فاطمة غندور إلى أن الدكتور التير استعان في مؤلفه بدراسات مسبقة، مثل أبحاث لخيرالدين حسيب وعزمي بشارة في نظرته للثورات العربية، وعقبت على أن معطى القبيلة الذي تطرق إليه المؤلف لم يعد يمثل ركيزة مؤثرة، فهي غائبة مثلا في مشكلة انتشار السلاح، وأن فاعليتها باتت محصورة في نطاق ضيق.

ومن جانب آخر نوهت إلى اقتصار إشارة المؤلف إلى أدبيات الجدران بمعنى وجود كتابات دون تعريف أو توصيف فحواها، في حين أنها ضمت جملا وعبارات تعكس مشاعر الناس وآرائهم، إضافة للفن التشكيلي ورسوم الكاريكاتير، كذلك الطقس الغنائي الذي كان حاضرا في عديد المدن يتغنى بليبيا والوطن، مع العلم أن تلك العبارات ظلت موجودة إلى ما بعد 2012، ومن ضمن النقاط كذلك ورود أدوار المرأة في مواطن بسيطة مع أن وجودها كان فاعلا في الساحات والميادين إبان الثورة بخيارها وإرادتها.

وفي تطرقه إلى زمن الدراسة، بين الدكتور إلياس الباروني أن تناول المؤلف لفترة الإرهاصات أو البدايات الأولى للانتفاضة مكنه من تبين قوة الدفق العاطفي الاجتماعي المشكل لها، والذي كان يترقب التغيير.

وفيما يتعلق بإيراد الكاتب مفردة «ميليشيات» أشار إلى أن بروزها لم يكن في البدايات، بل جاء مع ما أسماها الثورة المضادة بدءا من العام 2014، ويرى أن إشارته إلى القواعد الأجنبية تأتي ارتباطا بالعهد الملكي في حين أن وجودها كان سابقا لفترة الاستقلال.

وبتوقفه عند بعض النصوص الواردة في الكتاب بخصوص القبيلة، تمنى الدكتور إلياس من الكاتب تعريف المجتمع الليبي، بحكم أن من مظاهر انتفاضة 2011 ظهور مصطلحات اجتماعية كانت غائبة علينا نتيجة الخطاب السياسي الموجه، متسائلا: ماذا يقصد بكلمة المحلية الواردة في كتابه، خصوصا أن خطاب النظام السابق يبتعد عن تعريف من هو المجتمع الليبي، وكأن التنوع الثقافي والاجتماعي يقف عائقا أمام بناء الدولة، ولا نستثني من ذلك النخب المثقفة في كتاباتهم التي كانت تتماهى مع طرح النظام، فمثلا نجد الأديب الصادق النيهوم في موسوعته يورد جملة «الليبيون القدامى» دون تحديد من هم.

صورة مزيفة
وعرض الكاتب إبراهيم احميدان في ورقته ما أشار إليه الدكتور مصطفى في «فرض ظاهرة البداوة على البلاد بما في ذلك المدن، وتعمد القذافي التغيير المستمر لمنع التراكم والاستدامة. وبدءا من العام 1975 وخلال 30 عاما، أجريت في ليبيا تسعة تعديلات إدارية، وضاعت آلاف البيانات الخاصة بحياة الأفراد، وأحرق السجل أهم سجل مدني في البلاد، وهو السجل الخاص ببلدية طرابلس» ص56.

وفيما يتعلق بالجانب الدعائي للنظام السابق، يسوق احميدان ما ضمنه الدكتور التير في كون الإعلام الحكومي الذي كان يحتكر المشهد الإعلامي وحده يقدم المرحبين بالقذافي باعتبارهم ممثلين وحيدين للقبيلة، وهذه صورة غير حقيقية فهؤلاء لم يكونوا سوى جزء من القبيلة ويمثلون الشريحة المؤيدة لسياساته، والمستعدة لتنفيذ أوامره، لكن شرائح أخرى لم ترحب بالبرنامج الجديد ووجدته غير قابل للتنفيذ، ومخالفا للدين الإسلامي الذي يجعل المسؤولية والمساءلة فرديتين لا جماعيتين.

نقلا عن العدد الأسبوعي من جريدة «الوسط»

وسجل الكاتب رضا بن موسى في ملاحظاته محاولة الكاتب تطوير فهم عميق لما حدث يساعد على رسم صورة واقعية للثورة الليبية عبر الاهتمام بمكوناتها المتعددة، والتي جاءت بعد فشل الأنظمة الشمولية في توسيع مجال المشاركة الديموقراطية، والذي كان من الممكن أن يحقق شرعية وجودها على رأس الدولة.

وواصل بأن تلك الأنظمة أممت ثروات البلاد وتعاملت معها كغنيمة خصت حصتها الأكبر للحاكم وأبنائه، ونشأت معها طبقة برجوازية حاكمة منتفعة من ذلك.

وبتعدد مسميات تلك الأنظمة، حسب رأي بن موسى من جماهيرية وشعبية وتبجحها في الحفاظ على السيادة الوطنية، ظل اقتصادها مرهونا بالرأسمالية العالمية ووضعها دائما في حالة تبعية.

وفي مقابل ذلك وقوفها أمام أي قوة تنشد التقدم وتناهض التخلف، كما أنها لم تعمل على تطوير خطة تنموية رشيدة بل أقصت البرجوازية الوطنية في مراحلها الأولى عن العمل والإنتاج.

من اليمين، الغزال، واحميدان، وبن موسى، والغندور (بوابة الوسط)
من اليمين، الغزال، واحميدان، وبن موسى، والغندور (بوابة الوسط)
جمهور الندوة (بوابة الوسط)
جمهور الندوة (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم