Atwasat

كتاب ونقاد: المشهد الشعري تاه في دخان النيران المستعرة

طرابلس - بوابة الوسط: عبد السلام الفقهي الأربعاء 23 يونيو 2021, 06:27 مساء
WTV_Frequency

فهم طبيعة التحولات الكبرى، كما تصوغه كتب التاريخ وعلوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة، يقدمه لنا الأدب في جانبه الإنساني والفلسفي، محملاً بالدلالات والأسئلة، متشابكًا ومحللاً وناقدًا كمقاربة للفهم عبر المكان والزمان والشخوص والأحداث المتخيلة قصة ورواية ونثرًا.

وفيما لو أخذنا الشعر نموذجًا متسائلين: هل كون النص الشعري على المستويين العربي والمحلي، أسئلته وقضاياه وأفكاره الخاصة بموجة المنعطفات التي شهدتها المنطقة منذ عقد ونيف.. ما أهم سمات هذه الأسئلة إن وجدت؟ وهل أفرزت القصيدة كذلك أصواتها الشعرية المعبرة عنها، وهل صاحب إيقاعها تطور على مستويي اللغة والأسلوب؟

«بوابة الوسط» طرحت هذه الأسئلة على عدد من الكتاب والنقاد وكانت الإجابة على النحو التالي.

قلب المفاهيم
يرى الشاعر والكاتب رامز النويصري أن الشعر كائن حي، وهو يحيا ويستمر ويطور أدواته من خلال قدرته على الاستفادة من تجاربه، التي تجعل منه في كل مرحلة كائنًا قادراً على المواجهة والاستمرار، وخارج هذه المعادلة لا يمكنني أن أعترف بأي تجربة شعرية.

وتأسيساً؛ فإن التحولات التي شهدتها منطقتنا «محليًّا وعربيًّا» لم تكن تحولاً اعتيادية، إنما تحولات جذرية في قدرتها على قلب كثير المفاهيم، وأجبرتنا على إعادة النظر في الكثير من الثوابت والأفكار التي ظلت تحبسنا داخلها، وفي ذات الاتجاه كشفت هشاشة القاعدة التي كنا نعتمد عليها، وحقيقة المشهد دون ملونات.

ويضيف بالقول : هذه الارتباكة «الهزة»، نراها تجلت بشكل واضح في القصيدة العربية، وبشكل خاص قصيدة النثر، كونها الجنس الأدبي القادر على التقاط اللحظة؛ اليومي، المعاش، الآني، والاشتغال على الذات من خلاله، بالتالي تكون القصيدة صورة انعكاس الواقع على الشاعر.

سؤال الهوية
وبتوقفه عند التجربة الشعرية الليبية يشير النويصري إلى أن أهم الأسئلة التي تجلت في النص الشعري في ليبيا، هو سؤال: حقيقة الثورة ومعناها؟

هذا السؤال فرضته الوقائع والأحداث التي نعيشها بشكل يومي في ليبيا، والتي جعلت الشاعر يتحول إلى مفكر باحث في جدوى التحول.

السؤال المهم الثاني، سؤال الهوية، وهو سؤال قديم بدأه الراحل الكاتب الكبير خليفة التليسي، وأعاد صياغته الشاعر عبدالسلام العجيلي في قصيدته «المشواشي»، ومع مشروع الانفتاح الألفيني «ليبيا الغد» كتب الشاعر خالد درويش نصه «أنا الليبي متصل النشيد»، حتى وصلنا إلى نص «وعد» للشاعرة آية الوشيش، وهي نصوص تبحث في جغرافيا المكان، وتناقش لماذا؟

في مقابل ذلك، ونتيجة الأحداث التي عرفتها ليبيا، من خلال النزاعات المسلحة وتشظي النسيج الاجتماعي، انكفأ الشاعر وعاش في ركنه يراقب المشهد، يرصد، ويتأمل، في اتجاهين؛ اتجاه يعيد فيه اكتشاف ذاته، واتجاه يحاول أن يسجل ويتلمس فيه الأحداث.

إن المتابع للمشهد الثقافي الليبي، الشعري خاصة، وهنا الفضل لمنصات التواصل الاجتماعي، سيجد الكثير من الأسماء التي رافقت تجربتها هذه الحراك خلال العقد الماضي، فكانت نصوصها نصوص المرحلة، وهي الأقرب لها وقادرة على رصد لحظاتها وتمظهراتها.

الأمر الذي انعكس على شكل النص الشعري، فتوجه الاهتمام أكثر إلى الاشتغال على الصورة الشعرية، فغزت الومضة الشعرية المنشورات، وصار هناك هايكو عربي، يبحث في الشاعر عن نص كالطلقة يمرق بسرعة ويحدث أثراً واضحاً. على مستوى اللغة صارت مفردات كالحرب، والصواريخ والقذائف والموت حاضرة وبقوة، لتتحول من خانة المهابة إلى خانة الاعتياد، كذلك الثورة «كمفردة موحية» تغيرت محمولاتها الدلالية وتبدلت بما يوافق المرحلة.

حروب وخيبات
على المستوى العربي، يشخص الدكتور السيد رشاد بري الشاعر والناقد ونائب مدير تحرير «الأهرام» أسئلة القصيدة وتحدياتها من وصفه لواقع المشهد العربي الذي اجتاحته طوال سنوات العقد ونيف الماضية متاهات الحروب والمذابح والانكسارات والخيبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وليس انتهاء بجائحة «كورونا» التي زلزلت معظم ثوابت عالمنا المعروفة، مشيراً إلى أنه كانت هناك بعض بقع الضوء المتناثرة التي تشكل محاولة للانعتاق والنهوض فشلت، على تكرارها، في أن تصبح مشروعًا عربيًّا نهضويًّا متكاملاً، ولأنه من المؤكد أن الأحداث الكبرى تؤدي حتمًا إلى رؤى وصياغات وتطورات تعيد هيكلة أو تعدل أو ربما تغير جزئيًّا أو كليًّا حياة المجتمعات البشرية، كل حسب دوائرها الأقوى أو الأضعف داخل فسيفساء المجتمع الإنساني كله وفي القلب منه مجتمعنا العربي صاحب النصيب الوافر والعاصف من هذه التغيرات.

ويضيف: «إذا كان المبدعون وفي مقدمتهم الشعراء هم القطاع القائد المنوط بهم الأخذ بيد مجتمعاتهم، وسرعة المبادرة بشأن هذا التطور، دورًا، ورسالة، ومسؤولية، وإذا كان كل تطور سيفرض - بشكل أو بآخر- ضوابطه وقواعده، فإن السؤال الأكثر أهمية وإلحاحًا في آن واحد الآن هو: هل نجح الشعراء العرب في طرح أسئلة مجتمعاتهم وقضاياهم وأفكارهم الخاصة بما يشكل رؤية إبداعية تتفاعل مع ما حدث وتنغمس فيه وتعيد صياغته وإنتاج تداعياته برؤية جديدة يمكن - بل يجب - أن تساعد هذه الرؤية الجديدة مجتمعها العربي سواء في مكوناته الخاصة أو مكونه الجمعي الواحد، لكي يحدد احتياجاته الحقيقية بموضوعية وتجرد وشفافية ونجاعة وواقعية ووطنية فيكتب له النجاح.. سواء في التعاطي مع التحديات التي تفرضها الأحداث الكبرى وبعضها يمثل خطرًا وجوديًّا يهدد حتى وجود الأمة العربية ذاتها، مهما كانت، وكيفما تنوعت وتعددت.. فهل وضع الشعراء العرب استشرافًا كاشفاً لملامح المشروع العربي بمختلف تجلياته في مرحلة ما بعد هذه الأحداث الكبرى، حيث الواقع الجديد بتطوراته وتنظيماته ومتطلباته ومتغيراته، ومن ثم احتياجاته على المستويين الإجرائي للراهن والاستراتيجي للمقبل».

عين طائر
ويؤكد دكتور السيد من ذلك أن المشهد الشعري العربي مازال بعيدًا كثيراً، وعاجزًا جدًّا عن القيام بهذه المهمة الكبرى. ولايزال ينظر إلى هذه المشاهد بعين طائر يحلق من أعلى وينظر من بعيد، أو يقف على باب الغابة «غابة الأحداث المتلاحقة المتشابكة» في أحسن الأحوال، مع كل الاحترام لبعض المحاولات والتجارب هنا وهناك، التي تظل أصواتاً منفردة، لا تستطيع تشكيل هذه الرؤية أو طرح تلك القضايا بالصورة المرجوة لقيادة والنجاة بأمة تقف عزلاء على حافة الهاوية.

ويرى تأثير هذه الأحداث الكبرى فنيًّا على الشعر العربي إبداعًا وطرحًا وإنتاجًا، واضحًا بحكم طبيعتها، لكن هذا التأثير لم يكتمل رصده أو توصيفه أو سبر كنهه فنيًّا ورؤيويًّا حتى الآن سواء أكان نقديًّا أم أكاديميًّا، ربما لأن هذا التأثير ذاته لم يكتمل بعد. لكن بالطبع يمكن رصد بعض ملامح هذا التأثير في تماهي «أنا» شعراء هذه المرحلة وذواتهم وأماكنهم وأزمنتهم في شبكة عنكبوتية تتقاطع فيها المسارات وتتشابك وسط عوالم الشعر المتداخلة والمتراكبة والمتضاربة بعضها بعضاً، ولنبدأ بطرح أسئلة الشكل، حيث لاتزال القصيدة الرقمية ومن قبلها قصيدة النثر تطرح -إبداعاً ونقداً- أسئلة الشكل المضمر في القصيدة الحديثة وهي أسئلة تقود إلى جدل الثقافات، ومستوى استجابة الخصائص الأسلوبية، والحقيقة أن قصيدة ما بعد الأحداث الكبرى التي أشرت إليها.. لا تنطلق من التضاد ولا التناقض ولا هي علاقة تراكمية للنفي، وإنما علاقة تفاعلية داخل الشعر ذاته. إنها إذن نوع من الشكل ناجم عن هندسة وراثية إبداعية.

شاعر مستلب
أما عن أسئلة المضمون وهي الأهم والأوضح في المشهد الشعري فيمكن القول: إن القصيدة العربية الراهنة في معظمها قصيدة العالم الواحدي المنغلق ربما بتأثير تلك الأحداث الكبرى، خاصة مع تزامنها مع ثورة الذكاء الصناعي وسعيه المتسارع نحو السيطرة على مقدرات هذا الكوكب، أيضًا من هذه السمات اللامكانية واللازمانية وهي سمة مرتبطة بسابقتها، حيث تتعامل القصيدة مع عالمها الواحدي حقيقيًّا كان أم افتراضيًّا أسطوريًّا أم حتى معمليًّا. إلى آخره على أنه «كتلة إبداعية» بذاتها بلازمانية ولامكانية..وهي قصيدة يطغى السرد على نصوصها، وتتجنب الاستطرادات والإيضاحات، ولا وقت لديها للهوامش أو الشروح، وهي قصيدة الداخل الإنساني بكل تهاويمه وعبثيته وحكمته وصوفيته وأسطوريته، بامتياز، ومن ثم تنحو إلى حشد التفاصيل على شكل سبائك شعرية دون اهتمام كبير بالشكل أو الجماليات اللغوية أو الفنية أو الأطر والمحددات، بقدر الاهتمام بتفكيك هذه السبائك إلى ذراتها الأولى، ومن ثم منحها قدرة ما على الاختراق، لكن عليها منفردة البحث عن مسام وتشققات وأخاديد تنتشر بها أو تتسرب إليها على صعيد التلقي، ومن خلال هذه التشققات، وعبر تلك المسام تمتزج ذات الشاعر بالآخر«الآخرين - العالم - الطبيعة - الكون - الأحلام - القضايا...»، مما يجعل القصيدة أقرب إلى مشهد دائري بلا بداية ولا نهاية، هي تشبه لقطات متتابعة متداخلة متقاطعة متوازية متشابكة لشاعر يبدو مستلبًا أمام كل شيء.. بداية من انكساراته المجتمعية والكونية والتقنية، وحتى تشققاته الذاتية.

إدهاش بصري
وعلى صعيد اللغة، يوضح السيد في كون القصيدة تبحث عن بلاغتها الخاصة ولغتها الجديدة، وهي لغة لم تتضح ملامحها حتى الآن، وإن كانت في معظمها تبحث عن الإدهاش البصري، مستفيدة من تقنيات السرد السينمائي، ومعطيات الفن التشكيلي وحتى فنون الغرافيك الرقمية، وهو أمر بديهي في ظل تداخل الوسائط والأجناس الفنية داخل جوهر هذه القصيدة، وهي قصيدة تفاعلية بامتياز، تسعى إلى إحداث ثورة شعرية خامسة، واكتشاف شعرية مغايرة وهو سعي مشروع، لكن يبقى فقط على هذه القصيدة أن تقتنص هذه اللحظة الفارقة التي تعيشها أمتنا العربية الآن على جميع الأصعدة والمستويات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هذه اللحظة، فضلًا عن كونها لحظية مصيرية فارقة في مسيرة أمتنا، فهي لحظة شعرية بكل المقاييس، لأنها لحظة توتر جماعي، وأيضًا أمل جماعي في الآن ذاته، وإذا كان التوتر نتاجًا لمعارك توزيع الأدوار والصراعات على المواقع، والضجيج السياسي والتوحش الاقتصادي، والخلل الاجتماعي، والتراجع العلمي والثقافي والحضاري والتضليل الإعلامي بأخطائه وخطاياه، فإن الأمل يبقى رهنًا بالإبداع، وفي قلبه الشعر، ليحرض أمته العربية لكي تغادر مقاعدها المتحركة.

إننا في هذه اللحظة الشعرية الجارحة من عمر أمتنا نريد إبداعًا شعريًّا لا يبحث عن جائزته الفورية، لكن يستمد قيمته من قدرته على التأثير والتغيير الإيجابي، نريد قصيدة عربية تتجاور قيمها الجمالية مع قضايا مجتمعها المصيرية، وتدعو إنسان أمتها إلى اكتشاف ذاته الثقافية والحضارية من جديد، بل تساعده على ذلك، نريد قصيدة شعرية لا تبحث عن صفقات ولا تتصارع على مهرجانات، أو تنزلق إلى التراشق بالكلمات هنا أو هناك، بل قصيدة تنشغل بالإبداع، وتنحاز إلى قيم الحق والعدل والخير والجمال، وتسعى إلى ترسيخ أصالة الطرح ووطنية الرؤية، وإرادة التغيير الإيجابي، وحركية المشاركة الفاعلة على الأقل لتحسين شروط الحياة في مجتمعنا العربي.

نيران مستعرة
ومن زاوية أخرى يعلق الدكتور حسن الأشلم، أستاذ الأدب والنقد بجامعة مصراتة، بالقول إن السؤال واسع، ومركب، ومعقد أيضًا، فضبابية المشهد السياسي التي تلف المنطقة ألقت بظلالها على المشهد الثقافي برمته، وعلى المشهد الشعري بشكل أخص، الذي أستطيع القول شبه جازم بأنه قد تاه في دخان النيران المستعرة، هذا الحكم المعمم قد يكون قاسيًا بعض الشيء، خاصة مع وجود أصوات شابة تناضل وتحاول أن تفرض أسئلتها الخاصة في ظل المنظومة الكونية المنفتحة على بعضها، محاولة النأي بنفسها عن اشتراطات الواقع الجديد الذي حاد عن الأسئلة الكبرى التي كان يطرحها الشعر العربي في مفتتح حركة الحداثة حول سؤال النهضة، ومن ثم بروز موجة مقاومة الاستعمار، التي تلتها مرحلة مقاومة الانكسار، كان الشعر العربي في هذه المراحل محملًا بالأيديولوجيا على اختلاف توجهاتها، فخلق قضاياه، وطرح أسئلته الجدلية، وقدم رموزه على مر المراحل.

ويضيف متسائلاً: «ماذا عن اليوم مقارنة بالأمس؟ أعتقد أن لا الأسئلة ولا القضايا هي ذاتها، لقد تراجعت الأيديولوجيات المحركة، ورحلت الرموز الشعرية، وجاءت المرحلة الحالية عاصفة ملتهبة، سريعة متقلبة، أفقدت الشعر ما تبقى من توازنه، وأبرزت أجناسًا وفنونًا أخرى في الموسيقى، والشعر الشعبي والسرد، خاصة السيرة الذاتية وأدب المذكرات، وسيطرت الثقافة الرقمية، ومتطلبات المرحلة قدمت النص الرقمي الثري على غيره.. تراجع الشعر وكأنه في مرحلة اغتراب وجودي، حقيقي، أسئلته لم تعد سياسية أو اجتماعية مباشرة، بل مالت - غالباً - إلى التأملية الفردانية صوفية كانت أم ذاتية. كم الإنتاج الشعري مقارنة بغيره في تراجع كبير، جمهوره أيضًا، أستطيع الجزم بأن الشعر قد صار نخبويًّا بامتياز، في صالونات مغلقة منعزلة عن الواقع».

ويرى أنه للخروج من هذه الحالة البرزخية على الشعر أن يعيد تقييم التجربة في مراحلها، أن يؤمن بأن الواقع قد بدأ يفرض أسئلة وقضايا جديدة، وأن القضايا العامة الكبرى اليوم لا مستمع لها، خاصة مع سيطرة القطرية المتداخلة مع العولمة التي التهمت بشراستها الحضارية الأسئلة القومية التي سادت لقرن من الزمان.

الشاعر رامز النويصري (بوابة الوسط)
الشاعر رامز النويصري (بوابة الوسط)
الدكتور حسن الأشلم (بوابة الوسط)
الدكتور حسن الأشلم (بوابة الوسط)
الدكتور السيد رشاد بري (بوابة الوسط)
الدكتور السيد رشاد بري (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
نجاح المسلسل يعزز مبيعات سلسلة ألعاب «فولاوت»
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
إحياء الذكرى الخمسين لوفاة الأديب الفرنسي مارسيل بانيول
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
شاهد: «الدراما الرمضانية.. تحدي التجديد، فهل من جديد؟»
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
تحضيرات مكثفة للدورة الثالثة لمعرض بنغازي الدولي للكتاب
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
بوشناف: الفن مرآة المجتمع
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم