يشارك وفد إسرائيلي في اجتماع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) يُعقد في الرياض، وفق ما أفاد مسؤول إسرائيلي لوكالة «فرانس برس» اليوم الإثنين، في أول زيارة معلنة للمملكة التي لا تربطها بالدولة العبرية علاقات دبلوماسية.
وقال مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن اسمه: «نحن مسرورون بوجودنا في الرياض. إنها خطوة أولى جيدة»، مضيفا: «نشكر يونسكو والسلطات السعودية».وأكد المسؤول أن أعضاء الوفد الخمسة حصلوا على تأشيرات دخول المملكة عبر المنظمة الدولية، وقد وصلوا الأحد في رحلة من مطار دبي في الإمارات المجاورة، علمًا أنه لا توجد رحلات جوية مباشرة بين إسرائيل والسعودية. وأوضح أن الوفد سيبقى في السعودية «طوال فترة انعقاد المؤتمر» الذي يستمرّ حتى 25 أسبتمبر.
أعضاء الوفد الإسرائيلي في قاعة اجتماع «يونسكو» بالرياض
شاهد مراسل «فرانس برس» أعضاء الوفد يجلسون في قاعة الاجتماع، وعلى الطاولة أمامهم لوحة كُتبت عليها «إسرائيل» بالإنجليزية.
وأثارت اللوحة فضول وأنظار الشباب السعوديين المشاركين في تنظيم المؤتمر الذي يتوقع أن يقرّ إدراج أكثر من خمسين موقعاً في قائمة اليونسكو للتراث العالمي. وردا على سؤال حول مشاركة الوفد، قال شاب سعودي في فريق التنظيم طلب عدم ذكر اسمه «هذا أمر الله. الموضوع أكبر منّا وليس بوسعنا الاعتراض عليه».
وتأتي الزيارة على خلفية تقارير تفيد عن مباحثات تجريها الولايات المتحدة بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين. وقال المسؤول الإسرائيلي إنّ الزيارة «جيدة للغاية ... لقد عاملَنا (السعوديون) بشكل جيد جدا».
وتؤكد السعودية منذ أعوام طويلة أن تطبيع علاقاتها مع «إسرائيل» واعترافها بها يتوقف على تطبيق حل الدولتين مع الفلسطينيين. ولم تنضم المملكة إلى اتفاقيات أبراهام المبرمة عام 2020 والتي توسطت فيها الولايات المتحدة وأقامت بموجبها «إسرائيل» علاقات مع جارتي المملكة، الإمارات والبحرين. ولحق بهما السودان والمغرب. وقبل ذلك، لم تكن «إسرائيل» تقيم علاقات رسمية مع دول عربية غير مصر والأردن بموجب اتفاقيتي سلام تمّ توقيعهما قبل عقود.
تطبيع مرتقب؟
وعلى رغم أن الوفد ليس سياسيا، الا أن الزيارة تغذّي التقارير المتزايدة عن تحركات للتقريب بين البلدين. وحسب تقارير صحفية، زار وفد فلسطيني الرياض الأسبوع الماضي لمناقشة سبل المضي قدمًا إذا قامت السعودية وإسرائيل بتطبيع علاقاتهما. ولا تعترف المملكة التي تتمتع برمزية كبيرة في العالم الاسلامي لضمّها الحرمين الشريفين، بإسرائيل.
لكن خلال جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في الشرق الأوسط العام الماضي، أعلنت هيئة الطيران المدني السعودية فتح أجوائها «لجميع الناقلات الجوّية»، ما مهد الطريق للطائرات الإسرائيلية لاستخدام المجال الجوي السعودي. وقد أقلّت الطائرة الرئاسية بايدن إلى جدة من مطار بن غوريون الإسرائيلي لإجراء محادثات مع القادة السعوديين. لكنّ المملكة نفت حينها أن تكون الخطوة تمهّد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
«عقبات» على طريق التطبيع
اتخذت السعودية التي تحاول إعادة تشكيل وتنشيط اقتصادها المرتكز على النفط، عددًا من التحركات الدبلوماسية التاريخية في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك إعادة العلاقات مع إيران بعد أكثر من سبع سنوات من قطع العلاقات بين القوتين الإقليميتين البارزتين. وأوضح المحلل السعودي عزيز الغشيان إن حقيقة أن الزيارة تم تنسيقها من قبل اليونسكو تشير إلى وجود «عقبات» أمام التطبيع السعودي الإسرائيلي. وقال الغشيان «هذا على الأرجح نتيجة لكون السعودية أكثر انفتاحا على العالم، والذي سيشمل الإسرائيليين، وليس نتيجة للعلاقات الثنائية بين السعودية وإسرائيل».
وأشار الى أن المسؤولين السعوديين أدركوا أنهم لا يستطيعون حظر أي شخص من دخول البلاد إذا كانوا يريدون تحويل المملكة إلى مركز عالمي للأعمال والسياحة في إطار «رؤية 2030» الإصلاحية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة. ورأى أنه «من المؤكد أن الإسرائيليين سوف يستغلون الأمر كخطوة أولى، في حين أن اليونسكو قامت بتسهيله. الأمر في الحقيقة لم يحدث بسبب مهاراتهم الدبلوماسية أو انتصاراتهم الدبلوماسية».
وقارن زيارة الوفد الإسرائيلي بزيارة قام بها هذا الصيف لاعبو الرياضات الإلكترونية الإسرائيليون لمهرجان «غيمرز 8»، والتي تطلبت أيضًا «تنسيقًا من طرف ثالث». ورغم هذه العقبات، اعتبرت فتاة سعودية تشارك في تنظيم المؤتمر أن مشاركة الوفد الإسرائيلي "تاريخية". وقالت الفتاة التي اردت العباءة السوداء التقليدية وهي تقف قرب مقاعد وفد الدولة العبرية «نحن نشاهد حدثا تاريخيا بوجود الوفد الاسرائيلي في الرياض»، مضيفة «هذا أمر لم يكن ممكن تخيله قبل سنوات قليلة».
تعليقات