أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن روما ستخصص 700 مليون يورو لدعم القطاعات المعيشية ذات الأولوية في تونس التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية خانقة جعلتها عاجزة عن تسديد ديونها الخارجية.

جاء ذلك في كلمة ألقتها ميلوني عقب لقائها بالرئيس التونسي قيس سعيّد، أمس الثلاثاء، بقصر قرطاج بالعاصمة تونس، حيث أوضحت أن الأموال ستستهدف قطاعات أساسية مثل الصحة والخدمات «مع الاحترام الكامل لسيادة الدولة التونسية»، بحسب «مونت كارلو الدولية».

وذكرت ميلوني أن إيطاليا تعمل على إبرام اتفاقية بين تونس وصندوق النقد الدولي تراعي الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.

رفض إملاءات صندوق النقد
شددت ميلوني على أنه «من الضروري اعتماد نهج واقعي يمكّن تونس من الوصول إلى فرص التمويل من الاتحاد الأوروبي»، مضيفة أن «هناك أكثر من 900 شركة إيطالية نشطة في تونس.. هناك تعاون جديد في قطاع الطاقة من خلال مشروع Elmed (الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا) الذي يربط شواطئ البحر الأبيض المتوسط».

-  اتحاد الشغل التونسي يشيد برفض قيس «إملاءات» صندوق النقد ويشكّك بجدوى المفاوضات معه
-  سعيّد يتناول معارضته شروط صندوق النقد في اتصال مع ماكرون

من جانبه، اغتنم الرئيس التونسي قيس سعيد الزيارة الإيطالية لتأكيد رفضه لأي إملاءات من قبل صندوق النقد الدولي التي تتمثل في القيام بإصلاحات اقتصادية ومالية هيكلية لإنقاذ البلاد من براثن الديون والانهيار الوشيك.

وقد كشفت وثيقة سرية في بداية العام الماضي عن شروط الصندوق، من أهمها تجميد تونس للتوظيف في المؤسسات الحكومية ومراجعة سياسة الدولة في تمويل هذه المؤسسات، خاصة غير الاستراتيجية منها، فضلاً عن الرفع التدريجي في الدعم على المحروقات إلى أن تصل سعرها الحقيقي.

«عود ثقاب إلى جانب مواد متفجرة»
وفي مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت الماضي، وصف سعيّد شروط صندوق النقد بـ«عود ثقاب إلى جانب مواد متفجرة». تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات بين تونس والصندوق للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى أربع سنوات لا تزال متعثرة منذ أكتوبر الماضي.

وفي محاولة «شبه أخيرة» لحل الأزمة، تواصل الرئيس التونسي مع نظرائه في إيطاليا وفرنسا للتوسط أمام مسؤولي صندوق النقد الدولي، مسلطا الضوء بشكل خاص على الانعكاسات السلبية للانفجار الاجتماعي داخل البلاد وتداعياته على دول البحر الأبيض المتوسط، في إشارة واضحة لملف الهجرة غير النظامية.

وقال سعيد في تصريحات حديثة إن «الأوضاع ستنفجر تماما.. فإنها لن تمس بالسلم الأهلي في تونس فحسب، بل ستطال آثارها المنطقة كلها دون استثناء».

خوف أوروبي من شبح الهجرة
ويبدو أن جهود الحكومة الإيطالية لمكافحة تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى حدودها هي كلمة السر والدافع الرئيسي لمساعداتها المالية لتونس. ففي مطلع شهر يونيو الجاري، التقى رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة مع السفير الإيطالي في تونس فابريزيو ساجيو حيث أكد الطرفان على الرغبة المشتركة في مواصلة التعاون «المكثف» في مجال الهجرة غير النظامية، من أجل تطوير نهج مشترك من شأنه أن يزيد من الأمن والاستقرار في حوض البحر الأبيض المتوسط.

كما استعرض الاجتماع الجهود المشتركة المبذولة لتحديد الحلول الفعالة للهجرة غير النظامية في إطار نهج شامل ومبتكر، مع التركيز بشكل خاص على الجانب الإنساني، وفق بيان صحفي للبرلمان.

وأعرب السفير الإيطالي عن اهتمام بلاده بالعملية الديمقراطية والتطورات السياسية في تونس، مؤكدا أهمية زيادة الزيارات بين نواب البلدين. كما أعرب ساجيو عن رغبة إيطاليا في توطيد العلاقات مع تونس، الشريك الأول لها، وتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، لا سيما في قطاعي التجارة والطاقة.

إيطاليا رسولا للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتونس
لتكمل بذلك زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني لتونس سلسلة الجهود والمحاولات المشتركة بين البلدين من خلال الحصول على القرض المعلق من صندوق النقد الدولي لضمان الاستقرار المالي للبلاد، وبالتالي ضمان منع مغادرة المهاجرين الجدد نحو أوروبا.

وقال ميلوني في مؤتمر صحفي في ختام زيارتها: «لقد جعلت إيطاليا نفسها رسولا عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتونس، ونحن ندعو لزيادة دعمنا لتونس. سيساعد هذا الدعم في مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية».

وفي السياق ذاته، وصفت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي والمسؤولة عن الهجرة، إيلفا يوهانسون، زيارة ميلوني إلى تونس بأنها «حاسمة»، قبل يومين من تقديمها «خطة عمل الاتحاد الأوروبي لإدارة الهجرة» على كلٍّ من طريق غرب البحر الأبيض المتوسط والأطلسي.