أغلق مواطنون غاضبون، الخميس، طرقًا عدة في لبنان واكتظت محطات الوقود بالسيارات غداة قرار المصرف المركزي فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عمليًا رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية.
وعلى وقع شُحّ احتياطي المصرف المركزي بالعملة الأجنبية، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم عن سلع رئيسية أبرزها الطحين والوقود والأدوية. ووافقت الحكومة الشهر الماضي على تمويل استيراد المحروقات وفق سعر 3900 ليرة للدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بأكثر من ثلاثين في المئة، وفق وكالة «فرانس برس».
وكان سعر الدولار مثبتًا رسميًا قبل الأزمة غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ حوالي سنتين على 1507 ليرات، وبدأ يرتفع تدريجيًا حتى أصبح متداولًا اليوم في السوق السوداء بأكثر من عشرين ألف ليرة.
وقدّر مركز الدولية للمعلومات، وهي شركة أبحاث وإحصاءات، أن يرتفع سعر صفيحة البنزين من 75.600 ليرة (3.78 دولارات حسب سعر الدولار في السوق السوداء) إلى 336 ألف ليرة (16.8 دولار)، وسعر صفيحة المازوت من 57.100 ليرة (2.8 دولار) إلى 278 ألف ليرة (13.9 دولار).
احتجاجات ضد قرار رفع الدعم
وأفادت الوكالة الوطنية الرسمية للإعلام والإعلام المحلي بإغلاق محتجين طرقًا عدة في شمال وجنوب وشرق البلاد، بينها الطريق السريع الذي يربط بيروت بجنوب البلاد.
كما وقفت مئات السيارات منذ الصباح أمام محطات الوقود، ويأمل أصحابها بتعبئة خزانات سياراتهم قبل صدور لائحة الأسعار الجديدة التي من المتوقع أن ترتفع بنسبة تفوق 300%. وأقفلت العشرات من المحطات أبوابها في انتظار تحديد الأسعار الجديدة.
- بعد قرار رفع الدعم.. عون يستدعي حاكم «المركزي».. ودياب يتهمه بـ«مخالفة القانون»
أمام محطة وقود مكتظة في بيروت، قال حسين ماجد إن الأسعار الجديدة «ستجبرنا على السرقة لنعبئ دراجة نارية بالبنزين.. وحين يسألنا القاضي لماذا سرقنا، سنقول له لأننا نريد أن نشتري البنزين ونأكل ونشرب».
وأثار قرار مصرف لبنان جدلًا. واعتبره مسؤولون، بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، «مخالفًا للقانون»؛ لكن المصرف المركزي أصدر بيانًا أعلن فيه أنه «دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في يوليو الماضي»، وأن هذه المواد لا تزال «مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها». ودعا دياب إلى اجتماع وزاري طارئ لبحث الأمر.
وتراجع احتياطي الدولار في مصرف لبنان من 32 مليار دولار مع بدء الأزمة الى ما بين 14 و15 مليار دولار، وفق أرقام صادرة عن مسؤولين.
وقال مصرف لبنان في بيانه اليوم إنه «لا يمكن قانونًا المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية»، في إشارة الى نسبة مئوية تودعها المصارف الخاصة في المصرف المركزي مقابل ودائعها ويمنع القانون المسّ بها.
أزمة في الكهرباء
وبسبب أزمة المحروقات وغياب الصيانة والبنى التحتية، تراجعت تدريجيًا خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التغذية، ما أدى الى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يوميًا. ولم تعد المولدات الخاصة قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها أيضًا إلى التقنين ورفع تعرفتها بشكل كبير جراء شراء المازوت من السوق السوداء.
علما بأن أسعار الكهرباء التي تتقاضاها الدولة لا تزال بالليرة اللبنانية ولم تتغير منذ سنوات طويلة. ويعتبر الهدر في مؤسسة كهرباء لبنان من أبرز أسباب العجز الحكومي.
في الوقت ذاته، بدأت أزمة غاز، ويستمر نقص الأدوية ومواد أساسية مدعومة في الأسواق.
ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار جراء انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. وقدّرت الأمم المتحدة الشهر الحالي أن 78% من السكان باتوا يعيشون تحت خط الفقر.
تعليقات