Atwasat

موت بحيرة ساوة العراقية بفعل الأنشطة البشرية والتغير المناخي

القاهرة - بوابة الوسط الثلاثاء 26 أبريل 2022, 01:45 مساء
WTV_Frequency

على أعتاب الصحراء في جنوب العراق، يغيب أي أثر لبحيرة ساوة باستثناء لافتة تدعو إلى «عدم صيد الأسماك»، بموقع شكل في الماضي موئلًا للتنوع الحيوي لكنه استحال أرضًا قاحلة بسبب الأنشطة البشرية والتغيُّر المناخي.

ولم يعد على ضفاف البحيرة اليوم سوى هياكل خرسانية لمبان كانت في تسعينيات القرن العشرين فنادق وبنى تحتية سياحية تستقبل عائلات وأشخاصًا متزوجين حديثًا كانوا يقصدون المنطقة للنزهات أو السباحة، وفق «فرانس برس».

لكن الوضع تغير تمامًا؛ إذ جفت بحيرة ساوة بالكامل وباتت ضفافها تغص بالمخلفات البلاستيكية والأكياس العالقة على شجيرات جافة على أطراف المنخفض، مع هيكلين حديديين أكلهما الصدأ لجسرين عائمين كانا يعلوان سطح البحيرة.

ويقول الناشط البيئي حسام صبحي (27 عامًا) إن «هذا العام ولأول مرة في تاريخها، البحيرة اختفت تمامًا»، مشيرًا إلى أن «مساحة مياه البحيرة كانت في السنوات السابقة تتقلص خلال موسم الجفاف».

لكن الآن، لم يتبق من البحيرة سوى أراض رملية مغطاة بالملح الأبيض وبركة صغيرة تسبح فيها أسماك فوق العين التي تربط البحيرة بمنبعها من المياه الجوفية. وبدأ مستوى مياه بحيرة ساوة ينخفض تدريجيًا منذ العام 2014، حسبما ذكر مدير البيئة في محافظة المثنى يوسف سوادي جبار.

وأشار هذا المسؤول إلى أسباب طبيعية تقف وراء جفاف البحيرة تتمثل بـ«التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في محافظة المثنى الصحراوية التي تعاني كثيرًا من الجفاف وشح الأمطار».

والسبب الآخر من صنع البشر ويتمثل بالآبار الارتوازية فوق المياه الجوفية التي كانت تغذي البحيرة، والتي حُفرت لإقامة مشاريع صناعية قريبة تتعلق خصوصًا بالأسمنت والملح، ما حول البحيرة تاليًا إلى «أراض جرداء»، وفق المسؤول البيئي. كما أعلنت الحكومة في بيان، الجمعة، وجود أكثر من ألف بئر غير قانونية حُفرت لأغراض زراعية.

أنواع نادرة من الطيور
قد تكون بحيرة ساوة بحاجة إلى ما يشبه المعجزة لتعود إلى طبيعتها، إذ يتطلب الأمر إغلاق هذه الآبار غير القانونية وكذلك عودة الأمطار الغزيرة بعد ثلاث سنوات من الجفاف في بلد يُعد من أكثر خمس دول تضررا من التغير المناخي في العالم.

ويرى مدير البيئة في محافظة المثنى أنه «من الصعب عودة البحيرة إلى واقعها القديم».

- «الحزام الأخضر» حول كربلاء يدفع فاتورة الإهمال والجفاف (صور)

- حملات خجولة لشباب عراقيين لحماية البيئة

- «إسعاف» الجواميس يذلل المسافات أمام مربيها في أهوار العراق

وتخضع المنطقة منذ العام 2014 لاتفاقية «رامسار» الدولية الخاصة بحماية الأراضي الرطبة، حسبما تشير لوحة كبيرة ثُبتت عند ضفاف أرض منخفضة كانت يومًا بحيرة. كما حذرت اللوحة ذاتها، من «ممارسة صيد الأسماك بأي شكل من الأشكال»، بالإضافة إلى «عدم الاقتراب من العين المغذية للبحيرة بتاتا».

وذكرت المنظمة على موقعها الإلكتروني بأن التركيب «الكيميائي للمياه (في البحيرة) فريد من نوعه»، مشيرة إلى أنها «مسطح مائي مغلق في منطقة ملحية».

وكانت ساوة المكونة من «صخور طينية معزولة بمادة جبسية» في الماضي موطنًا «للعديد من الأنواع النادرة من الطيور في العالم، مثل النسر الإمبراطوري الشرقي وطائر الحبار والبط البني»، وفقا للتقرير ذاته.

والجفاف لا يقتصر على ساوة، فهذه حال كثير من المسطحات المائية في العراق جراء ارتفاع معدلات التصحر وشح المياه. وتتناقل شبكات التواصل الاجتماعي باستمرار صورا لأراض جرداء ومناطق جافة خصوصًا في أهوار بلاد وادي الرافدين المدرجة على لائحة يونسكو، بينها هور الحويزة (جنوب)، كذلك بحيرة الرزازة في محافظة كربلاء، وسط العراق.

وقدر البنك الدولي أنه في حالة عدم وجود سياسات مناسبة، قد يشهد العراق انخفاضا بنسبة 20 % في موارد المياه العذبة المتاحة بحلول العام 2050 بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

ماتت قبلي
ويعزو مستشار وزارة الموارد المائية عون ذياب لوكالة «فرانس برس» الجفاف في بحيرة ساوة بجزء منه إلى «النقص الحاد في كمية الأمطار». ويلفت إلى انخفاض معدل الأمطار في المنطقة القريبة للبحيرة إلى 30 بالمئة عن معدلاتها في السابق، الأمر الذي قطع التغذية عن المياه الجوفية التي تتعرض في الوقت عينه لعمليات سحب مستمرة بواسطة الآبار.

وتزامن كل ذلك مع «ارتفاع درجات الحرارة (ما أدى إلى) تفاقم ظاهرة تبخر» مياه البحيرة، وفقًا للمستشار.

وتحدث المسؤول عن إجراءات حكومية للحد من الاستنزاف المستمر للمياه الجوفية في عموم العراق، من خلال منع منح أي أجازة لحفر آبار جديدة في مناطق معينة، إضافة لغلق الأبار غير القانونية.

ويرتبط كثير من أهالي السماوة، التي تقع على بُعد 25 كيلومترا من البحيرة، بعلاقة قوية مع بحيرة ساوة، مثل لطيف دبيس (60 عاما)، الذي يعيش بين مسقط رأسه السماوة والسويد البلد الذي انتقل إليه قبل 30 عامًا.

ويعمل دبيس منذ عقد من الزمن في سبيل رفع الوعي البيئي بالسماوة من خلال حملة تنظيف لضفاف نهر الفرات وتحويل حديقة منزله الواسعة إلى حديقة عامة. ويستذكر دبيس الرحلات المدرسية والعطل أيام طفولته عندما كانت عائلته تذهب للسباحة في البحيرة. ويرى هذا الناشط أنه «لو كانت الحكومة مهتمة بهذه القضية، لما اختفت البحيرة بهذه السرعة، هذا شيء غير منطقي». ويضيف بحزن «أنا رجل عمري 60 سنة عشت مع البحيرة، كنت أتوقع أن أموت قبلها لكن للأسف هي ماتت قبلي».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أول خسوف قمري للعام 2024 لن يُرى في المنطقة العربية
أول خسوف قمري للعام 2024 لن يُرى في المنطقة العربية
«آبل» تتخلى عن خطط صناعة شاشة «مايكروليد» لساعتها الذكية
«آبل» تتخلى عن خطط صناعة شاشة «مايكروليد» لساعتها الذكية
علماء يقتفون آثار الحيتان الحدباء في مياه أنتركتيكا المتجمدة
علماء يقتفون آثار الحيتان الحدباء في مياه أنتركتيكا المتجمدة
المسبار الأميركي الخاص على القمر يدخل في سبات دائم
المسبار الأميركي الخاص على القمر يدخل في سبات دائم
«نهج مبالغ فيه».. «ميتا» تتجه لرفع الحظر عن كلمة «شهيد» بعد سنوات من الانتقادات
«نهج مبالغ فيه».. «ميتا» تتجه لرفع الحظر عن كلمة «شهيد» بعد سنوات...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم