Atwasat

بكل وضوح .. الاتفاق السياسي والالتزامات الوطنية

فضيل الأمين الخميس 07 أبريل 2016, 09:43 مساء
فضيل الأمين

في الوقت الذي نستمر في الدفع بالاتفاق الناتج من الحوار السياسي الليبي الذي رعته الأمم المتحدة باعتباره يمثل أفضل ما يمكن التوصل إليه من أجل إنهاء الأزمة الليبية، وحالة الانقسام التي تعصف بالبلاد نحب أن نؤكد بنود هذا الاتفاق التي يدعم بعضها بعضًا، وندعو كل الأطراف التي هي جزء من هذا الاتفاق والتي وقعت عليه والتي أقرته حسب آليتها، إلى الالتزام به وعدم القفز عليه، أو التعامل معه بأي نوع من الانتقائية أو الانتفاعية أو الذرائعية.

كما ندعوها إلى استشعار مسؤولياتها الوطنية أمام هذا الاتفاق وإنهاء حالات العرقلة والمماطلة.

من المهم بل من المحتم لكي ينجح العمل ألا يتجاوز أي جهاز مسؤولياته، ولا يخل بتنفيذ مهامه لكي لا يخلق أي جهاز فراغًا تكون نتائجه اختلالاً في عملية تنفيذ الاتفاق

إن مخرجات الاتفاق السياسي ركزت على خلق الحد الأعلى الممكن من التوافق الوطني، والاستمرار في خلق الأجواء الإيجابية المناسبة للوصول إلى الحد الأمثل منه عبر الممارسة الإيجابية والمسؤولة، والحرص على عدم تجاوز الاتفاق أو تفسيره تعسفيًا أو بطريقة مصلحية ضيقة قد تؤدي إلى عرقلته أو عرقلة ما تم التوصل إليه من توافق إيجابي حتى الآن.

لقد أنتح هذا الاتفاق ثلاثة أجهزة واضحة المعالم والمسؤوليات:
- مجلس الرئاسة (الجهاز التنفيذي)
- مجلس النواب (الجهاز التشريعي)
- مجلس الدولة (الجهاز الاستشاري)

وأكد في الوقت نفسه على دور القضاء كجهاز مستقلّ يجب دعمه وحماية استقلاليته وتفعيله من أجل أداء عمله.

ومن المهم بل من المحتم لكي ينجح العمل ألا يتجاوز أي جهاز مسؤولياته، ولا يخل بتنفيذ مهامه لكي لا يخلق أي جهاز فراغًا تكون نتائجه اختلالاً في عملية تنفيذ الاتفاق، وهو ما يعني استمرار الأزمة والمعاناة والتهديد الفعلي للمواطن والوطن.

لقد حدد الاتفاق لكل جهاز مهام محددة وخريطة عمل زمنية محددة مرتبطة ببقية أجزاء الاتفاق، الأمر الذي يجعلها متزامنة.

ولهذا فإن أي قفز من قبل أي طرف أو جهاز على آليات أو الخريطة التنفيذية أو الزمنية للاتفاق لا يقل خطرًا ولا يقل سلبية عن تقاعس أي طرف أو جهاز عن القيام بمهامه، والاضطلاع بمسؤولياته في حسب الآليات أو الخريطة التنفيذية أو الزمنية.

لقد تحقق وبحمد الله جزء مهم ولا بأس به من هذا الاتفاق، وهذا بفضل المثابرة والصبر والتعاون بين كل الأطراف، ولكن لكي نستمر في هذا التقدم الإيجابي، والصعب في بعض الأحيان، لابد من أن تكون كل الأطراف متحلية بأعلى مستويات المسؤولية.

إن محاولة أي طرف تجيير أو استغلال أو عرقلة تنفيذ هذا الاتفاق من أجل مصلحة آنية أو ذاتية أو حزبية أو جهوية أو ما يشابه ذلك، سيجد نفسه أمام إرادة الشعب الليبي، الذي سئم من الصراع والمعاناة والانقسام والاستغلال الذي أصبح إحدى سمات الفترة الحالية.

إننا ندرك التأخر، وفي بعض الأحيان المماطلة، التي سادت انعقاد جلسات مجلس النواب وتأخره في القيام باستحقاقاته، ولكن هذا لا يعني ولا يسمح لأي جهاز آخر أن يتجاوز عمله الذاتي ويتدخل أو يخوض أو ينتحل عمل مجلس النواب.

وهذا يعني أن:
■  مجلس النواب
على جميع أعضاء مجلس النواب المحترمين الاستجابة للسيد رئيس المجلس، والذهاب دونما مماطلة أو تأخير لأداء عملهم في مدينة طبرق وممارسة مهامهم بناءً على استحقاقات هذا الاتفاق الوطني الذي أقره مجلس النواب.

فمجلس النواب هو الجهاز التشريعي الليبي الوحيد صاحب حق التشريع بناءً على هذا الاتفاق، وأي محاولة للالتفاف عليه أو عرقلة عمله أو تجييره يعتبر مخالفًا للاتفاق السياسي، وعرقلة لمسيرة صناعة الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي في ليبيا.

وفي هذا السياق يجب أن يوفر السيد رئيس مجلس النواب وديوانه والأجهزة المعنية الأجواء الآمنة والنزيهة والخالية من التهديدات، وهذا الأمر يعتبر من أبجديات العمل البرلماني ومسؤوليات الرئاسة.

■  مجلس الرئاسة
يجب على مجلس الرئاسة التواصل المستمر والتعاون الإيجابي مع مجلس النواب، والتواصل معه بما يحقق مساعدة المجلس على أداء مهامه وتنفيذ بنود هذا الاتفاق السياسي.

فمجلس النواب سيستمر الشريك التشريعي للجهاز التنفيذي كل منهما في اختصاصه، كما هو الحال مع كل الأجهزة التشريعية في العالم حسب الممارسة الديمقراطية.

■  مجلس الدولة
على السادة الذين يعملون على تأسيس مجلس الدولة حسب الاتفاق السياسي الالتزام الواضح ببنود هذا الاتفاق السياسي في هذا الشأن، فيما يخص المسؤوليات والمهام والخريطة التنفيذية والزمنية، وعدم تجاوز ذلك لكي لا يتم أي إخلال ببنود الاتفاق السياسي.

إن مسؤوليات ومهام مجلس الدولة محددة وواضحة في الاتفاق السياسي في المواد 19 إلى 25. وكذلك في الملحق رقم 4 الذي يحدد القواعد الأساسية لعمل مجلس الدولة.

وفي الوقت الذي نؤكد فيه أن مجلس الدولة هو أحد الأجهزة الثلاثة المنبثقة عن الاتفاق السياسي ونرحب بالجلسات (التمهيدية) لإنشائه وبدء عمله، فإننا نؤكد أهمية التزامه بما جاء بالمواد الخاصة به في الاتفاق وبما جاء في الملحق المذكور.

إننا ندرك التأخر، وفي بعض الأحيان المماطلة، التي سادت انعقاد جلسات مجلس النواب وتأخره في القيام باستحقاقاته، ولكن هذا لا يعني ولا يسمح لأي جهاز آخر أن يتجاوز عمله الذاتي ويتدخل أو يخوض أو ينتحل عمل مجلس النواب. فالتوازن السياسي التوافقي الذي يقوم على أساسه هذا الاتفاق السياسي لا يسمح بمثل التدخل أو الخوض أو الانتحال.

وفي هذا الشأن نحث جميع أطراف الاتفاق السياسي بل وندعوها إلى الابتعاد عن أساليب إصدار البيانات، أو الإكثار من التصريحات الصحفية والمقابلات السجالية التي شأنها رفع وتيرة الجدال وزيادة الاحتقانات بطرق لا تفيد حلحلة العالق من الإشكاليات المحدودة، وتؤدي إلى خلق أجواء سلبية تعرقل الوصول إلى التوافق الوطني المطلوب في هذه اللحظات الحرجة من تاريخ بلادنا.

لقد حققنا والحمد لله جميعًا، كل في مجاله تقدمًا جيدًا على صعيد التحديات والتهديدات التي تواجه بلادنا، وعلينا أن نضع جميعًا مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.