Atwasat

مُتلازمة ستوكهُولم الليبية: في انتظار قذافي!

أحمد الفيتوري الثلاثاء 02 فبراير 2016, 10:01 صباحا
أحمد الفيتوري

تعالى يا غودو:
وخلصنا من الطُغاة والطُغيان
ومن أبي جهل، ومن ظُلمِ أبي سفيان
فنحن محبُوسُون في محطة التاريخ كالخرفان
تعالى يا غودو: وجفف دمعنا
وأنقذ الانسان من مخالب الأنسان
تعالى يا غودو:
وقد تخشبتْ أقدامُنا انتظار.
 نزار القباني

• جازية القائد!
كان للقذافي ونظامه برلمانٌ له تسميةٌ مختلفة، من باب خَالفْ تُعرف، هي "مؤتمر الشعب العام"، ومهمة هذا البرلمان تحويل كلام القائد إلى قوانين ليس إلا، ذات مرة عين شخصان مسئولان في أعلى مناصب هذا البرلمان، وكان اسم الأول منهما "الزناتي" والثاني "بوزيد"، هنا حُبكت النُكتة السوداء عند "القائد المعلم والمُفكر الثائر" فأمر القذافي أن تكون الشخصية الثالثة في مناصب البرلمان امرأة ،ولابد أن يكون اسمها "جازية"، انصاع عبيد المأمور للآمر، وبدأ بحثٌ مستميتٌ وجاد وبمتعة لإشباعِ رغبة المُتهكم العابث، ولسان حالهم: الأخ العقيد خفيف الدم.

في السجن في تلك اللحظة هناك من سجناء الرأي الذي حرص طوال سجنه، ما تعد العقد وأكثر من الزمان والعسف، أن يبعثَ بالبرقية تلو البرقية مُؤيدا للقائد الوطني في خطواتِه الوطنية ومُجابهة الامبريالية.

•مُتلازمة استُوكْهُولم!
هناك في علم النفس مُصطلح يُدعى "متلازمة ستوكلهم" يفسر حالة استذلال واستلذاذ البشر تجاه من يُذلهم وانصياعهم له، بل وحتى التبرير المازوشي لتصرفاته ولعنفه اتجاههم، خاصة في حالة القطيع ما يتداعى لذات السلوك تلقائيا ودون تفكير بالمرة : "مُتلازمة ستوكهولم هو مصطلح يُطلق على الحالة النفسية التي تُصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يُظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف.

المسألة باتت واضحة حتى النخاع للجميع أننا ونحن نغوص في وحل هذا الحاصل نفتقد الأفق ونعجز عن الفعل

أطلق على هذه الحالة اسم "متلازمة ستوكهولم" نسبةَ إلى حادثة حدثت في ستوكهولم في السويد حيث سطا مجموعة من اللصوص على بنك كريديتبانكين Kreditbanken عام 1973، واتخذوا بعضاً من موظفي البنك رهائن لمدة ستة أيام، خلال تلك الفترة بدأ الرهائن يرتبطُون عاطفياً مع الجُناة، بل قاموا بالدفاعِ عنهم بعد إطلاق سراحهم.

وعلى صعيد المجتمع، يمكن ملاحظة هذا التأثير في الأنظمةِ القمعية، عندما لا تملك السلطةُ شرعيتها من أغلبية الشعب، فتُصبح وسيلة الحكم القمعية ضاغطة على أفراد المُجتمع، ولمدةٍ طويلة، يُطور خلالها الافرادُ علاقةَ خوفٍ من النظام، فيصبح المجتمع ضحية النظام، ويُدرك النظام هذه الحالة مع الوقت، حتى يُتقن لُعبة ابتزاز المجتمع.

فيعتادُ الشعبُ على القمع والذل لدرجةٍ تجعلهُ يخشى من التغيير حتى وإن كان للأفضل، ويظل يُدافع عن النظام القمعي ،ويذكر محاسنهُ القليلة جدا دون الالتفات إلى مظاهر القمع والفساد الكثيرة".

• الزمن الجميل
كما ينظرُ المرءُ عند عجزه وشيخوخته لطفولتهِ كفردوسٍ مفقود حيث زمن البراءة واللا وعي وعدم المسئولية، ينظر الذين فقدوا الاستقرار ومن لا يعرفون مآل يومهم فما بالك بغدهم، ينظر هؤلاء وأولئك الى الماضي باعتباره الزمن الجميل وفيه يشاركون عدُوهم "التطرف الإسلامي" من يعتبر المُستقبل هو الماضي، اننا إزاء تماهي بين المرء وعدوه فكلاهما يرهن مستقبلهُ فيما مضى ،وكلاهما في هذا مسلُوب الإرادة ومُعطل العقل.

ولعل ثقل الحادث هو ما يجعل المرء يتخفف من أحماله بالهروب، ولكن إلى الخلف الذي هو معلُوم وتم التكيف معه وبالتالي استمرَأهُ.

المسألة باتت واضحة حتى النخاع للجميع ،أننا ونحن نغوص في وحل هذا الحاصل، نفتقدُ الأفق ونعجزُ عن الفعل، ولذا فالبوصلة عندنا تؤشرُ للماضي الجلي والناصع البياض، نحن في حالة انتظار ولكن ليس لقادم بل لعودةٍ ميمونة، ومن هذا وبه فكل ما هو حاصل ويحصل قبيح الوجه، وأمسى الوجه الحق الزمن الجميل ما مضى للأسف، وما بتنا وأمسينا وأضحينا من أجله:

في انتظار غودو!
لا شيء يحدث
لا أحد يجيء!
وأخيرا
"وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِكُلِّ خَلْق عَلِيم" صدق الله العظيم.