Atwasat

ركن العامرية.. وداعاً أيها التخلف أم وداعاً يا وطن؟

فدوى بن عامر الإثنين 11 يناير 2016, 10:50 صباحا
فدوى بن عامر

كان الأمل أن نودع التخلف فإذ بنا نودع الوطن أو نكاد. يقفز الشباب على الموت قفز من به مَس.. و تتقافز الكهولة على كراسي المناصب تقافز الصبية على الكراسي في لعبة الكراسي.

أُبتلي الوطن ببعض ساسة هم في ترنح دائم بين الغباوة والغيبوبة فلا عمل سياسيا حقيقيا لهم يغير واقع مريرا بآخر مأمول و به نودع التخلف لا الوطن!.

أما غالبية من يعتلي صهوة المنصات الأسبوعية والتلفزيونية فلم أسمع لهم نداء بإبداع أو خلق وابتكار وإنما أمر بالإتباع والانصياع و تحقير الآخر. يقولون احمدوه سبحانه آلف مرة في اليوم بالتمتمات والهمهمات وهم لا يدركون أن الحمد الحقيقي يكون بإعمال العقل الذي وُهبنا إياه، فبه يُوصد باب الموت و يُشرَّع باب الحياة.

يعتقد البعض بنظرية من لا نظرية له فيقول بمسئولية الغرب الكافر على كل ما كان و سيكون!، والسبب هو مخافة تفوقنا عليهم مثلاً في البحث العلمي أو التطور التكنولوجي، وكأن جامعاتنا ومعاهدنا العلمية على حالها هذا متصدرة للقوائم العلمية العالمية. و لا تقهقه من المرارة، أيها القارئ، عندما تسمع أن الغرب الكافر طامع أيضاً في ثرواتنا لذلك هم لا يتركوننا ننهض لنودع الجهل ونستقبل الوطن بالرغم من كل المحاولات الكارثية لكوادرنا. هكذا يصرح البعض!.

لا تكون الحرب و الموت أبداً الطريق لإرجاع هذا المارد لقمقمه، بل بمواجهته فكرياً بالعقل المستنير و نشر نور المعرفة و دفء الحكمة

هم لا يدركون أن الغرب الكافر يحاول إتقان اتقاء شرورنا ليس إلا!. ذلك هو التخلف الذي رفض أن يخاصمنا فخاصمنا نحن الوطن شر خصام.

أما حيازة الحقيقة المطلقة فهمٌّ آخر مسيطر على الأذهان و عنصر أساسي للعناصر المكونة لداعش بنوعيها الظاهرة والباطنة. فأما الأخيرة فهي المخزية التي بداخلنا والتي لوثت العقول ودنّست النفوس. فالعتمة شديدة في الخارج والداخل وباردة للغاية حتى أيقظت ذلك الكائن الداعشي القابع في الأعماق الإنسانية. الظلمة تثيره وتستثيره فينطلق كالنار تأكل بعضها. من منا، مثلاً، لم يهلّل ويصفق لأحداث الحادي عشر من سبتمبر ولو بينه وبين نفسه!.

أما داعش الظاهرة فهم السفاكون السفاحون. هم المُلقبون بالخوارج، وهذا في ذاته فكر داعشي صارخ. فبوهم حيازة الحقيقة يتم إخراجهم رغماً عنهم من الملة وبما أن الخطأ قُوبل بالخطأ كان لزاماً علينا إذاً تنفس أوار الحرب شهيقاً وزفيرا في كل لحظة. في المقابل فإن إطلاق تلك اللفظة التاريخية على الداعشيين تنفي عمن يطلقها الإحساس بالمسئولية تجاه ما يقومون به من شائن الأفعال وفي هذا إعادة لشيء من التوازن والسلام الداخلي للذات وبذلك تُخبأ الأوساخ تحت السجادة كما هو الدأب.

ولا تكون الحرب و الموت أبداً الطريق لإرجاع هذا المارد لقمقمه، بل بمواجهته فكرياً بالعقل المستنير و نشر نور المعرفة و دفء الحكمة، عندها سيعميه وهج الشمس فيرتد منكفئاً على ذاته خاسئاً و هو حسير.

من أجل شبابنا الذي راح هباء منثورا و من بقي منه منتظراً مصيراً مشابه، و من أجل صاحبات الأكباد المنهوشة والخدود السعفاء، ومن أجل مآقي الشيبة الدامية المتضرعة، وجبت الآن المواجهة و أي مواجهة.. إنها تلك التي تجبرنا على رؤية ما بداخلنا فالعيب فينا لا في زماننا و لا في غيرنا. فلنفتح عيوننا وعقولنا ونرمي بسهم النقد والنقض في الصفحات والمورثات فهناك تقبع أصل الحكايا ومنبع الرواية.

وجب البدء بالأدمغة و لعلها لو كانت فارغة لهان الأمر و سهل ملؤها بكل طيب و جميل، لكنها بالأوهام و الترهات غارقة، لذا بات من الضروري فحص كل ما فيها للتخلص مما يعيق حركتها فهذا سيخلق متسعاً لتعبئتها بالجديد الحديث. والأهم هو البحث في الآليات الفكرية المستخدمة فهي الأخرى بحاجة إلى التمحيص و التفكيك و استبدالها بأخرى عصرية تواكب الزمان.

لعلنا، و أقول لعلنا، بذلك نستطيع التمييز بين الحق و الباطل و لعلنا سنقول حينها، وداعاً يا تخلف و أهلاً يا وطن.