Atwasat

عمود الحب والكمال

د. مها المطردي الأربعاء 30 ديسمبر 2015, 12:17 مساء
د. مها المطردي

من دون شك، إنه إحساس رائع عندما يعلم الكاتب أن زاويته، أو عموده، يُقرأه 70 مليون شخص يوميا، في ما لا يقل عن 1000 صحيفة يومية!. تقول صاحبة هذا العمود اليومي إستر بولين (إبي) التي اتخذت اسما مستعارا (اسأل آن لندرز)، وأصبحت تجيب بحكمة وخفة على أسئلة القراء يوميا فكان مجموع أعمدتها السنوية 10585 عمودا، تقول : "إن كنت تملك الحب في حياتك فإن ذلك ما يعوضك عن كثير من الاشياء الناقصة، ولكن إن افتقدت الحب فلن تشعر يوما بالكمال في حياتك".

ويبدو أن هذا النجاح الذي صار ظاهرة باتساع أمريكا، واجه من تؤامها منافسة شديدة، لدرجة أنها غلبت قناعتها بالحب، على الأقل في مرحلة محددة، حيث بلغت حد نشر فضائح عائلية.

توّأم (إستر بولين) واسمها (فان بولين) اتجهت هي الأخرى إلى عمود يومي اشتهر هو الآخر، غايته النصح والإرشاد، فاندلعت الحرب على أشدها، واستمرت القطيعة لأكثر من 7 سنوات، إلى أن دعت (آن بولين) سنة 1964 تؤامها (فان بولين)، بمناسبة عيد زواجها الفضي وتصالحا، وكأن شيئا لم يكن وبراءة الأطفال في عينيهما.

التؤامان ولدا يوم 7 أبريل 2002 ورحلت آن لندرز يوم 22 يونيو 2002 بعدما تركت إرثا هائلا من الأقوال والحكم والنصائح، وكانت بامتداد مسيرتها تنصح بالتحرر من الشكوك، ومن أبرز ما قامت به هو حث مجلس الشيوخ، سنة 1971، على التصويت لتمرير موافقتهم على رصد 379 مليون دولار للأبحاث السرطانية ، فما كان منها إلاّ ان نشرت مقالا تؤيد فيه الموافقة وطلبت من قرائها تذييله بأسمائهم وإرساله إلى مجلس الشيوخ، فاستلم المجلس أكثر من ثلاثة ملايين رسالة فقام أحد الشيوخ بوضع لافتة أمام أكوام الرسائل، كتب عليها "أخرجوا آن لندرز من هنا"، حدث ذلك بعدما صوت المجلس على إقرار المرسوم.

أما أفضل ما لفت انتباهي ردها على رسالة بعثتها فتاة في الخامسة عشر متذمرة من تسلط أمها اليومي عليها، إذ تأمرها طوال اليوم "أطفي التلفزيون، عجلى بكتابة واجباتك، اغسلي يديك، لا تتركي الأشياء من دون تنظيفها، لا تتركي منشف الحمام مبلول.

ضعي حذائك في مكانه"، وسألتها ماذا تفعل؟ وكيف تواجه هذا التسلط، فأجبتها "اطفى التلفزيون، واغسلي يديك، ولا تتركي الأشياء مبعثرة، ولا تتركي المنشف مبلول. وضعي حذاك في مكانه، وسوف تتحسن الأمور".

ضحكت بصوت مرتفع، فلقد تذكرت تذمر زوجي المماثل لمعاناة تلك الفتاة، فحدثته عن هذه الكاتبة وعما كتبت من أقوال ونصائح ومواقف ارشادية، فأخبرني عن سيدتين ليبيتين كانتا لهما التخصص نفسه، وإن كان تركيزهما على البث الإذاعي قبل وصول التلفزيون إلى ليبيا، تحدث بتفصيل يغيب عني منه الكثير، عن المرحومة السيدة خديجة الجهمي، التي لا أعرف عنها أكثر مما ورد في المسلسل الذي تناول جزءا من حياتها، وتحدث أيضا عن كاتبة، أعدت برامج إذاعية مماثلة اسمها السيدة حميدة البراني، وكم تمنيت أن يتناول معاصروهما ما يعرفوا عنهما، فالحقيقة الكثير من الرموز يتعين أن يصل أعمالهم لهذا الجيل الذي غاب عنه الكثير لأكثر من نصف قرن.