Atwasat

لا شيء يأتي من لا شيء

فوزي عمار الأربعاء 17 يونيو 2015, 03:32 مساء
فوزي عمار

يعتبر «داعش» المستوي الجديد و الحديث للحركات التكفيرية مثل القاعدة و أنصار الشريعة والنصرة وبوكو حرام وكل الجماعات المتطرفة التي خرجت للقتال واستعملت العنف لأغراض سياسية، لاشك أن الفكر الذي تعتمد عليه هذه الجماعات قديمًا هو الفكر الخارجي فهم خوارج من حيث العقيدة قديمًا و حديثًا، يعتبر كتاب المذكرة الاستراتيجية لعبد الله بن محمد
ونظرية الذراعين هما المرجع الحديث.. اختلط معهم البعد الجيوبولتيكي من حيث التخطيط و المساندة بالإضافة إلي الدعم اللوجستيكي، «داعش» اليوم هو خليط من التكفيريين مع الصهيونية العالمية مع العثمانيين و المستهدف هو الإقليم العربي.

فالمنطقة تحتوي علي ثلات قوي أثبتت جدارتها بغض النظر عن مشروعيتها مثل الحالة الإسرائيلية، بالإضافة إلي إيران و تركيا في غياب كامل لمشروع عربي.

ثلاثة أبعاد تتحكم في المشهد و تعد وراء ظهور «داعش» و هي: بُعد سياسي حيث الفوضي الخلاقة نظرية أميركية ظاهرها نشر الديمقراطية و حقيقتها هي تفتيت الجيوش العربية، مثل جيش العراق و سورية و ليبيا و اليمن، و لم يستطيعوا مع جيش مصر.

ثانيًا البعد الجيوبولتيكي المستفيد منه إسرائيل، كما أن البعد الاقتصادي يتمثل في أميركا ليس من مصلحتها أن يبقي في الحكم كل من يفكر في تغيير بيع النفط بعملة غير الدولار، مثل ما حاول صدام و القذافي.. كما أن انتشار «داعش» في المنطقة و اختيارهم مناطق النفط البعيدة عن أماكن السكان سيقود إلى فصل بين إقليم السكان و إقليم الثروات، وسيؤدي إلى بيع نفطها بسعر بخس و ربح الشركات النفطية الغربية لقضايا بيع نفطها بالأجل، و سيقود ذلك إلا إعلان إفلاس هذه الدول و انهيارها اقتصاديًا، بالإضافة إلى ضرب العمق التاريخي للدول العربية من خلال هدم و تدمير آثارها.

المنطقة تحتوي علي ثلات قوي أثبتت جدارتها بغض النظر عن مشروعيتها مثل الحالة الإسرائيلية، بالإضافة إلي إيران و تركيا في غياب كامل لمشروع عربي

البعد الكلي هذا كان على المستوى macro level و قراءة في المنطقة الممتدة من أفغانستان حتي موريتانيا.

ما أود التركيز عليه أيضًا هو البعد الجزيء micro level.

وهو طبيعة المنضمين لـ «داعش» و أعمارهم و المحيط و الدوافع لانضمامهم لمثل هذا التنظيم الخطير، و مستوى تدريبهم و الدعم اللوجستيكي الذي يتلقونه لتسقط مدن تحت أقدام هذا التنظيم.

أولاً من الملاحظ أن المنضمين للتنظيم هم شباب في شريحة بين 16 و 27 سنة مما يعني أنهم ليس هم أفراد القاعدة الذين حاربوا في أفغانستان، فهؤلاء اليوم تصل أعمارهم على مشارف الخمسين، إذا من هم هؤلاء الشباب و من أي بيئة أتوا ؟ و ما هي تربيتهم الدينية و ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية؟ و أي نوع من التدريب العسكري تلقوا؟

فلا شيء يأتي من لا شيء، كما أن الدعم اللوجستيكي المنظم للضرب و الانسحاب مهم معرفة الكثير عنه.

و الأهم من هذا كله هل هناك حاضنة شعبية لهؤلاء لتخفي و تتستر عليهم و تساعد في تكاثرهم و نموهم؟

العديد من الأسئلة في حاجة لمؤسسة أو مؤسسات لتفكيك خطاب «داعش» و فهم آلياته و طريقته حركته و إمداداته قبل الحديث عن محاربته للوصول لحماية المجتمع و الدولة من شروره، إن انتشار «داعش» في أرض العرب لأمر جلل و مخيف و مرعب في الوقت ذاته.