Atwasat

ديكي لم يعد صديقي

محمد عقيلة العمامي الأربعاء 22 أبريل 2015, 09:13 صباحا
محمد عقيلة العمامي

ديكي لم يعد صديقي! لم أعد أعتبره كذلك، على الرغم من جهدي الخارق، الذي بذلته في طفولتي، عندما كنت أغني له في حصص المحفوظات:(ديكي.. ديكي أنت صديقي) وأتخيله يرقص ويغني معي.

ولكن بعدما نضجت اكتشفت أن الديك يظل، على الدوام، ديكا؛ فهو- كما قلت من قبل- ليس كالجرو الذي يكبر ويصير كلبا، أو العجل الذي يصير ثورا.. ولا الخروف، ولا الجدي ولا الجحش... الديك يظل دائما ديكا ليس له مرتبة أعلى من كونه ديكا، حتى وإن طال ريشه وزها به أمام دجاجاته.

هذا الصباح كنت أتأمل ديكا منفوشا كطاؤوس، وانتبهت إلى أنه بمقدور الإنسان أن يكون له صديق من الحيوانات كافة

هذا الصباح كنت أتأمل ديكا منفوشا كطاؤوس، وانتبهت إلى أنه بمقدور الإنسان أن يكون له صديق من الحيوانات كافة: الأليفة، أو البرية، بل وحتى الشرسة منها! بإمكانه أن يؤسس صداقة مع ثعبان. وأقسم بالله أنني رأيت صلا في بيت فتاة إنجليزية يَغارُ عليها، مثلما يغار قيس على ليلى، وبعدما أكدت لي أنها تستطيع أن تأمره بالالتفاف حول جسمي وعصري حتى تتكسر عظامي، لم أنتظر حتى أتأكد مما قالته، لأنني انطلقت نحو الباب، كطلقة نارية، من دون إتمام مشروب ضيافتي! ورأيت في ساحة الفنا بمراكش صداقات واضحة بين بشر وثعابين، وقرود. وفي شمال أوربا، رأيت صداقات بشر ومع كائنات بحرية، أما صداقتهم مع الدلافين فتطورت حتى أنها صارت تقوم لهم بمهمات انتحارية! ولعل الكثيرين من جيلي يذكرون حمار سيدي يونس الذي ينقله بعدما يسكر من الخمارة حتى بيته، وهو مستلقٍ على(الكروسة)، وكثيرا ما أوقف له شاويش مرور ميدان الشجرة، ببنغازي، السيارات ليعبر الحمار بالكروسة وسيدي يونس يغط في غيبوبته، نحو الشارع، الذي يقله إلى جليانه، حيث كوخه.

وعلاقة البشر بالخيل، والقطط، والسباع والدببة والنمور والطيور الجارحة معروفة للجميع. أما الديك فيما أعلم، وأيضا الصرصار فعلاقتهما معدومة مع الإنسان لدرجة أن العلماء يقولون أن الصرصار بعد أن يلمسه بشر يختلى بنفسه وينظفها من تلك الملامسة! ويؤكد علماء الحيوان أن سلوك"مجتمع" الدجاج هو النظام الطبقي! يعني كل ديك أو دجاجة تعرف موقعها في التسلسل الطبقي ولا تتعداه! واكتشفوا أن الدجاج يتفق، تماما، مع الغربان، التي تعيش في أسراب، في هذا السلوك. وراقب عالم طيور غرابا من طبقة عليا، وقع في غرام أنثى من طبقات"البيئة" فارتفعت معه، وانقلبت متسلطة لدرجة القبح، فتسببت في تشتت، وتفرق السرب!

الديك، إذن، ليس صديقي ولا الدجاجة، إنهما مجرد نقيق، وريش منفوش وزهو-على الفاضي- من دون إحساس حقيقي بالصداقة.. أو الحب! أنا أقول ذلك لأنني اكتشفت- متأخرا.. متأخرا جدا- أنه لا الديك صديقي، ولا الدجاجة حبيبتي! ما عليكم إلاّ أن تنظروا من حولكم وستجدون ديوكا تحيط بكم، تؤذن في الأفجار، ولكن ليس بنية تنبيهك للفجر، وإنما لتطعمه، هو ودجاجاته وتسقيهم ثم تقف تتأملهم وهم مزهوون أمامك بريشهم الملون.. فتلك هي قمة سعادتهم!

تذكروا أن الديك سيظل دائما ديكا، والدجاجة، مجرد فرخة بائسة تقلب الدنيا ضجيجا لتعطيك بيضة واحدة، ثم تتبرز فوقها. وبمقدور أي طفل مشاكس أن يؤسس صداقة مع فأر، أو أرنب، أو حتى E.T، ولكن من منكم سمع عن صداقة طفل مع ديك؟ بل كثيرا ما فقد الطفل عينه بسبب اقترابه من الديك معتقدا أنه صار صديقه!

الديك، ليس صديقي، ولا أنثى الغراب حبيبتي.. صحيح أنني غنيت للديك في طفولتي، فقد ظننت- حينها- أن نقيقه غناء، وانتماء! أما أنثى الغراب، فلها شأن آخر، قد أحدثكم عنه في مقالة ثانية!

انتبهوا، حفظكم الله، للديوك، والدجاج .. وأيضا الغربان، وبالتأكيد النقيق!