Atwasat

الغموض في Process التفاوض الليبي ــــ الليبي

نورالدين خليفة النمر الأربعاء 15 أبريل 2015, 09:54 صباحا
نورالدين خليفة النمر

تعمّدي إقحام كلمة لاتينية هي(Process)في عنوان المقال ليس تزّيدا أوتعالما أو تأجنبا، بمعنى ولع المغلوب بتقليد الغالب فيما اصطلح عليه في التقليد الثقافي الإنساني(بالمثاقفة)، بل هو من قلّة حيلتي وهوأني على طلاّبي في قسم الفلسفة التعيس بكلية الآداب ـ طرابلس، الذين درّستهم مشكلات المصطلح في مادة قاعة البحث في سنوات عودتي المنكودة إلى ليبيا، من 14 .01 .2012 إلى 29 .07 . 2014 من البلد الأوروبي الذي اختارني شبه مغترب فيه، وقلّة حيلتنا جميعا إزاء تلك الكلمات ـ المصطلحات التي لاوجود لمقابل ترجمي حافّ في المفهومية اللغوية العربية لمعانيها أمثال Paradigma التي تركت لحالها وConcept، و Intuition اللتين تترجمان بالكلمتين القاصرتين المضللتين:(مفهوم) و(حدس) و(Process) التي تترجم كأختيها بكلمة(عملية)المقابلة مفهوميا في أذهاننا للفظة اللاتينية Operation كما ترد في العسكرية أو الرياضيات أو الطب. الأمر الذي يضعها فيما يمكن أن نطلق عليه في عالم المفهوميات بحالة الغموض في السياق وهي الحالة التي تعيشها ليبيا هذه الأوقات ومنذ أكثر من ثلاثين سنة وهو سنياريوغامض كان قد رسمه القذافي مبكرا لليبيين طابعا شخصيتهم وشخصيته السياسية به طوال حقبته الديكتاتورية المزمنة غموضا وتحيرا وهو ماتجلى واضحا فيما أجاب به بغموض صحفيا برازيليا على ما أذكر في آخر المنتصف الثاني من عقد الثمانينياث من قرننا الماضي عندما سأله: إلى أين يريد الذهاب بالليبيين؟ وعنى بشكل مبطّن المدى الذي تبغي الوصول إليه سياسته الفوضوية المبرمجة لإهلاكهم. فأجابه القذافي:إلى النقطة التي لن يعود بمقدور الليبيين التراجع عنها.

نقطة اللاتراجع التي تركها الدكتاتور القذافي في إجابته المبهمة وغير المحددة والغامضة غموض Process السياق التفاوضي الذي تديره منذ بضعة أشهر الأمم المتحدة والمتعلّق بالنزاع السياسي التحاربي الليبي ـ الليبي وهو مايدفع الكثير من الليبيين بقلّة حيلتهم التاريخية إلى أن يتساءلوا إلى أين ستذهب بهم في Process ـه لقد اكتفى التراجمة وواضعو القواميس بترجمة الكلمة Process بـ(عملية) وإلحاقها كمضاف إلى مضاف إليه. وهي ترد هنا غالبا ملحقة بكلمةNegotiation تفاوض كما هو مبيّن في الجمل الثلاث التالية:

Notes the continuing need to make the negotiation process more inclusive
تلاحظ استمرار الحاجة إلى جعل عملية التفاوض تضم عدداً أكبر من الأطراف.

The negotiation process would remain under the authority of the Chairman
ستظل عملية التفاوض خاضعة لسلطة الرئيس.


Support the negotiation process between the political parties in Zimbabwe
دعم عملية التفاوض بين الأحزاب السياسية في زمبابوي.

ويمكن أن يفسّرها عموما سياق جملة كهذه:(series of changes that happen naturally) ومعناهاالتقريبي: سلسلة من الأحداث(التغيّرات) المتتالية مؤدّية إلى نتيجة ما.(سواء أكانت متقصّدة أو وقعت أو تقع عفوا). ولكن بين كلمتي الأحداث المتتالية، ومؤدية يستتر في الجملة فعل إجراء(procedure) والإجراء هو خطوة أساسية من بين مجموعة خطوات لتفعيل"عملية":(Process). ففي قانون الإجراءات، الفرع القانوني المسمّى بهذا الأسم، يعني الإجراء هنا: إخراج أعمال عقلية محضة كالتفكير وهو ما يتم أثناء النظر في الخصومة من الناحية الإجرائية. ولكن الإجراء محتاج لـ أمر به( order) مثلا ندب خبير في دعاوى النزاعات الإيجارية، بقرار من المحكمة للوقوف على حقيقة ادعاء أطراف التخاصم.

في اللغة الحاسوبية التقنية التي ربما تفيد السياسة عملية (Process): تعني نسخ البرامج الموجودة في ذاكرة الحاسوب.

في اللغة الحاسوبية التقنية التي ربما تفيد السياسة عملية (Process): تعني نسخ البرامج الموجودة في ذاكرة الحاسوب. وهو إجراء لايصل إلى نهاية إلا إذا طلب منه المستخدم ذلك أو"عملية":(Process) أخرى . إن كل البرامج لهاProcess عندما تبدأ في العمل ولكن لا توجد أوامر داخل البرنامج تقوم بعمل Process بينما البرامج تستطيع أن تعمل Operation كما تريد والقرص الصلب يستطيع أن يعمل Operations ولكن لايستطيع أن يحصل على Process فليبيا التي قدرها دائما أن تكون بلادا مصطنعة، بل ملّفقة بعمليات Operations لم تصنع كحقيقة ممكنة تتداعى بعض آثارها المحزنة حتى اليوم في واقعنا الانقسامي ـ الاحترابي إلا مرة واحدة فيما سمّي بدولة الاستقلال، وهو الأمر الذي تّم فيما يشبه Process تفاوضي بعد الحرب العالمية الثانية استجابة للمصالح الجيوسياسية للدول الغربية المنتدبة وغيرها المنتصرة والمنهزمة أيضا في الحرب، وبجهود الليبين الذين حضروا غيابهم فعقدوا عزمهم على ضّم شعثهم ولملمة أشلائهم التي مزقتها الاستعمارات والحروب، قادهم في ذلك أمير سنوسي محنّك، ونخبة وطنية ومسؤولة دعمتها إرادة عربية وإسلامية وعالمثالثية لدول قليلة مستقلّة من نير الاستعمار، وتّم ذلك بإرادة مثابرة من المنتظم الدولي الجسم الوليد للضمير الأممي لما بعد الحرب والذي مازال حتى عام استقلال ليبيا في 1951 إلى حدّ ما نقيّا لم تفسده الإكراهات والإرغامات.

كل المراقبين المتفائلين منهم والمتشائمين لايتوقعون نتيجة فعّالة حتى هذه اللحظة التي تبدو حاسمة من العملية التفاوضية المتعلقة بحل النزاع الليبي ـ الليبي الذي يتأجج حاليا احترابا ضاريا على السلطة والمال، فهناك شكوك تخامرهم أن الأطراف العديدة الغامضة والهشّة في تمثيليتها والمنخرطة منذ مدّة في المفاوضات التي سميّت تغميضا لها بالحوار راغبة في الوصول إلى حلّ وسط تجاوبا مع الحكمة التي تقول أن:(عجلات الدبلوماسية تسير على شحم الغموض )، حيث الأفضل للمرء أن يدخل المفاوضات دون أية قيود مفروضة عليه من ذاته، وأن يستعد لانتهاز أية منفعة تقدّم إليه.