Atwasat

ديناميت وأسمنت.. وقنابل موقوتة

محمد عقيلة العمامي الأربعاء 08 أبريل 2015, 09:39 صباحا
محمد عقيلة العمامي

السيد السويدي (ألفرد نوبل) اخترع الديناميت سنة 1867م، وقبله بثلاثٍ وعشرين سنة اخترع السيد الإنجليزي( جوزيف اسبدين) صخرا يشبه الصخور التي تُقطع من محاجر جزيرة بورتلاند، ولذلك تسمى الأسمنت، حتى الآن، بالبورتلاندي!

وفي السنة التي اخترع فيها السيد السويدي الديناميت، قال السيد الفرنسي فيكتور هوغو:" أن الحرية تبدأ حين ينتهي الجهل، لأن منح الحرية لجاهل كمنح السلاح لمجنون!" والجهل ليس بالضرورة أن يكون" شرق أوسطي، أو عربيا، أو مقتصرا على مواطني العالم الثالث".

الجاهل الخطير، هو ذلك الذي يكون العلم والتكنولوجيا والثراء في حوزته.. فلا يكتفي بالديناميت وإنما ينطلق، بالسبل كافة، نحو الأخطر بكثير منه! السيد(ريتشارد جالستن) وهو محلل سياسي وأمني، كتب تقريرا نشرته فيننشال تايمز يوم 25/3/2015م طرح فيه تعنت أمريكا، وبريطانيا ورفضهما تسليح الجيش الليبي، إلاّ بعد موافقة حكومة مجلس النواب الشرعية على تقاسم السلطة مع جماعة الإخوان المسلمين، مفسرا أنها خطوة متقدمة، ومهمة، كما تحاول أمريكا أن تقنع حلفاءها: وهي تؤكد أنها ذات فائدتين في تعامل المسلمين مع الديانات الأخرى، أولهما أن يصبح التعامل سياسيا وليس من خلال الإرهاب والعنف، أي من خلال الحوار وليس الديناميت! وثانيا هو حماية الشباب المسلم، الذي لم يجد كيانا يضمه ويعبر من خلاله عن تطلعاته، فيضمه الإسلام السياسي الوسطي، بدلا من أن يكون صيدا سهلا للجماعات المتطرفة، وبالتالي بقاؤه تحت مظلة الإخوان أفضل بكثير من مظلة الدواعش مثلا!

ماذا عن أولئك- المسلمين- الذين يرون أن الديمقراطية، شكل من أشكال الشورى

حسنا، هذه وجهة نظر قد نجد بها منطقا مقبولا، ولكن ماذا عن أولئك- المسلمين- الذين يرون أن الديمقراطية، شكل من أشكال الشورى، وأنهم تبنوها واقتنعوا بها ونفذوها وفق معايير الغرب؟ ألن يكفروا بهم؟ أعني بمعايير الغرب؟ التي تفسر الأمور وتطوعها وفق أهوائها ومصالحها، وليس وفق خير البشرية كلها؟ ألن يكونوا قوة مضادة لتقويض أية مخططات تحاك في غيابهم، حتى وإن كانت مقبولة؟ من تداعيات تطبيق معايير الغرب- أمريكا وبريطانيا تحديدا- البعيدتين عن سواحل جنوب أوروبا، المغامرة بتفجر العنف في هذه السواحل ضاربين عرض الحائط بأمن هذه الدول، التي لا تصنف تماما، من شركائهم. فلا بريطانيا ولا أمريكا من دول الاتحاد الأوربي، القريب من السوق الاستهلاكي الحقيقي، الذي يحتاج-الآن- إلى كل ما تنتجه مصانع أوربا!

فمن لا يعرف الدمار الذي حل بسوريا، ولحق بليبيا، ومن قبلهما العراق؟ في أربعة أعوام وجهت- أمريكا وبريطانيا- السادة الليبيين ليدمروا بلادهم بأسلحة اشتروها منهم، وقد نكتفي بالدمار الذي حل بسرت وببنغازي، والذي سيجعلهم يصطفون- الله وحده يعلم كم سنة؟- أمام مصانع الأسمنت المنتشرة بسواحل الأبيض المتوسط لحجز الكميات، التي تحتاجها العمالة الآسيوية لتعيد لهم بناء ما دمره الليبيون بأيديهم! في الحروب الدولية يقوم المهزوم في الغالب بتغطية تكاليف إعادة البناء، أو قد يتبرع العالم لدولة فقيرة اعتدت عليها دولة أقوى منها، ولكن في حربنا الليبية/ الليبية من الذي سيقوم بسداد هذه التكاليف؟

خصوصا وأن إخوتنا الذين نتطلع إلى أن يقفوا معنا، كثيرا ما نعتونا بالجهلة، وبالأغبياء، وبالبطر، فلقد منحنا الله بلادا رائعة حباها الله بكل ما هو جميل فلم نحافظ عليها. فابك يا بلدي الحزين.. لقد بدأ العنف يتوالد كالفطر.. أصبح يخلق قلوبا قاسية صارت، باقتدار، تقطع الأوصال، والرؤوس.. وابكوا يا مواطني تلك الدول التي تمكنت من كل شيء، وعرفت الأسرار كلها، سوى أن الجهل نسبي.. وما يبتكرونه من نظريات قد يكتوون من تداعياتها من حيث لا ينتبهون! وأخير، إن تعنت بريطانيا وأمريكا، في مواجهة ليبيا ومن هم على شاكلتها هو في الواقع مشكلة؛ ويقال أن لكل مشكلة ثلاثة جوانب: جانبان: كل طرف يتمسك بواحد منهما، أما الثالث: فهو أن تذهب المشكلة للجحيم... وإن ذهبت فعلا، سوف ينقلب المارد الذي صنعوه بأيديهم مشكلة حقيقية جدا. وهذه قاعدة..وهل داعش أنستهم القاعدة؟