Atwasat

كيف سترد إيران على «عاصفة الحزم»؟

جومانا نمور السبت 28 مارس 2015, 02:09 مساء
جومانا نمور

بعد أن تُرك «اليمن السعيد» لمآسيه عقودًا، ما الذي دفع دولا من مشرق العالم الإسلامي حتى مغربه، إلى تشكيل تحالف إقليمي يشن غارات جوية عسكرية تقلب موازين القوى؟ وهل ستقتصر العملية العسكرية على الضربات الجوية أم أن التدخل البري وارد؟ وبذلك، هل تتحول «الحرب الإقليمية بالواسطة» هناك، إلى حرب مباشرة؟

الإجابة على هذه الأسئلة، ليست منوطة فقط بمن قام بالفعل (التحالف العشري)، بل أيضًا برد فعل الجهة التي طالتها الغارات، والأطراف الإقليمية الداعمة لها (إيران تحديدًا)، والدولية التي كانت تحاول إمساك العصا من المنتصف لحسابات أخرى (الولايات المتحدة).

تزامن تلويح الحوثيين بالرد على المملكة، مع انطلاق غواصات باكستانية باتجاه بحر العرب ومضيق هرمز

الحوثيون قالوا إن السعودية ستدفع الثمن وعليها تحمل العواقب، مستذكرين مواجهات عام ٢٠٠٩. فيما اكتفت إيران، في رد فعلها الأولي، بالتنديد بالضربات، قائلة على لسان خارجيتها إنّها ستزيد الأمور تعقيدًا. أمّا الولايات المتحدة الأميركية، فقد أعطت «مباركتها» للتحالف، وتم تشكيل خلية أزمة مشتركة تؤمن الدعم اللوجستي والاستخباري. وذلك على الرغم من أن الضربة تأتي في وقت تمر به المفاوضات النووية الإيرانية في مرحلة حرجة، كثرت فيها التكهنات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق، يُقال إن سيد البيت الأبيض يدفع باتجاه إخراجه من عنق الزجاجة.

على الضفة الأخرى، تزامن تلويح الحوثيين بالرد على المملكة، مع انطلاق غواصات باكستانية باتجاه بحر العرب ومضيق هرمز. وذلك على وقع تصريحات لوزارة الدفاع الباكستانية قالت فيها، إن أي اعتداء على السعودية، هو بمثابة الاعتداء على باكستان. وفي موازاة ذلك، كانت السفن الحربية المصرية بدورها، تقطع قناة السويس، متجهة إلى خليج عدن. بعد أن أبدت مصر استعدادها لإرسال قوات برية إذا تطلب الأمر.

تفاعلات الضربات الجوية إذا بدأت، وبقوة، منذ اليوم الأول. من التدخل الباكستاني والمصري المباشر، إلى المواقف العلنية الداعمة لعملية «عاصفة الحزم». وقد يكون أبرزها الموقف التركي المؤيد للعملية، والذي طالب الحوثيين ومن أسماهم بـ«داعميهم الأجانب» بالكف عن التصرفات التي تهدد الأمن والسلام في المنطقة، بحسب بيان صدر عن الخارجية التركية، أعلنت فيه أن الرياض أطلعت أنقرة مسبقا على الأمر.

هذه المواقف الآنفة الذكر، تشكل على الأرجح رسالة قوية اللهجة، إن لم نقل إنذارًا، إلى إيران للدفع باتجاه العودة إلى طاولة الحوار. فكيف ستقرأ طهران الرسالة؟ وهل يعود الحوثيون وحلفاؤهم، بعد أن انقلبت موازين القوى على الأرض لغير صالحهم، إلى طاولة حوار رفضوها عندما كانوا في موقع أقوى؟

الحوثيون قالوا إن السعودية ستدفع الثمن وعليها تحمل العواقب، مستذكرين مواجهات عام ٢٠٠٩  فيما اكتفت إيران بالتنديد بالضربات

الإجابة على هذا السؤال في باطن الأيام المقبلة. ومعها تتحدد ملامح المرحلة: إمّا العودة إلى «حرب الواسطة» التي أشرنا اليها بداية، أو التحول إلى حرب إقليمية مباشرة قد تشعل المنطقة كلها. ما ليس بالإمكان العودة إليه على ما يبدو، هو «ترك الحبل على غاربه» أمام تمدد النفوذ الإيراني. نفوذ قد تكون الولايات المتحدة الأميركية قد غضت الطرف عنه لحساباتها الخاصة، إلّا أنّه أزعج الدول الإقليمية (وعلى رأسها المملكة العربية السعودية). ما «أخرجها عن طورها» ودفع بها إلى تشكيل «تحالف سُنّي دولي»، يقف بمواجهة نفوذ «هلال شيعي» حذر منه ملك الأردن قبل عقد من الزمن.

إذا، القصة تبدأ من اليمن وواقعه المثخن بالجراح، وقد لا تنتهي الا بالتوافق على تقاسم نفوذ في منطقة الشرق الأوسط. منطقة أعلنت أميركا صراحة عن نيتها الانسحاب جزئيا منها جراء استدارتها الباسيفيكية المزمعة، ما أسال لعاب بعض القوى الاقليمية، والكثير من الدماء.