Atwasat

حمزة.. صيّاد الطاغوت

سعاد سالم الإثنين 16 مارس 2015, 11:08 صباحا
سعاد سالم

حتى وقت قريب، تحديدا قبل عام ونيف.. كنت أظن الحرب بعيدة فهي هناك في مالي.. وبعضكم يظن غالبا أن صفحات الفيس بوك مجرد فضاء افتراضي للتعارف والدردشة ولبعض الجدية وللكثير من الفكاهة والتسلية وفكرة بعيدة أن تلتقي فيه بأشخاص خطرين.. أتصور أنه حان وقت تغيير قناعاتنا.

بدا غريبًا أن أدخل في حوار جعلهُ على الخاص مع واحد من تنظيم أنصار الشريعة أيام كانت عبارة لاذوا بالفرار ومجهولون إثر كل اغتيال عبارات مألوفة وتعني بالنسبة للذين لايعيشون وهم «البلاد بخير» و«ثورة مباركة» أن وراءها عناصر التنظيم المتطرف.. بضعة رسائل قال ملخصها أنني أحرض على الشباب الذين يريدون تطبيق الشريعة وأنهم لمنتصرون بعون رب شريعتهم.. ثم حظرني بعدما استمررت في وضع تعليقات على منشوراته.. لم أكن أعرف بوجود هذا الشخص قبل أن أجد نفسي ضمن مشاركة له لصورة على صفحته.

حدث ذلك في نهاية العام 2013 أنا وبضعة صديقات وأصدقاء تعارف أغلبنا عبر الفضاء الافتراضي في صفحة ضد حكم الثيوقراط.. واتفقنا على الخروج كل خميس منددين بفتاوى مفتي الديار الليبية الصادق الغرياني وضد تدخل دار الإفتاء في الحياة السياسية والعامة.. كنا مجموعة صغيرة جدًا لا نتجاوز الاثني عشر شخصًا نزيد وننقص اثنان أو ثلاثة كل مرة.. فعلنا ذلك لثلاثة أسابيع متتالية ثم توقف النشاط الوليد بعدما سرت غريزة الخوف المشروع لدى بعض منظمي هذه الأهزوجة الشاذة، تحديدًا بعدما هرعت فيما بدا قواتِ شرطة آنذاك إلى الميدان.

طوقتنا ومنعت صحافيين ليبيين وأجانب من التحدث إلينا.. وحدث تجمعنا بسبب وجود قوة أخرى وقتها تسيطر على الجزء الغربي من طرابلس (القعقاع والصواعق) فيما المليشيات الإسلامية تسيطر على الجزء الشرقي ما وفر لقلب العاصمة مناخ هدنة تحتمل مظاهرة صغيرة بغالبية نسائية حيث بالإمكان الصراخ في ميدان الجزائر.. «لا مفتي لا دار افتاء ديني بيني وبين الله».. و«يا مؤتمر القاعدة الليبي يعرف شرع الله».. وفيما أتابع ما كتب من تعليقات على صورة لنا في تلك التظاهرة غير مستغربة، وإن كنت حزينة لِكّم القبح من الكلام والأوصاف التي أطلقها علينا جمهور المعلقين والذي لايخجل من الدفاع عن سماحة الدين بعبارات عنيفة وعنصرية وأحيانًا كثيرة بذيئة.

لو قيض لهم أن يقبضوا علينا لكنّا رُجمنا أو ذُبحنا على طريقة الأنصار والدواعش.. لكن مالفت نظري كانت مشاركة لصورتنا في صفحة شيخ وداعية يدعى حمزة ياسين عمر وما كتبه من تقديم للصورة صفّه بهذا الشكل: مجموعة من الشواذ والعاهرات كاسيات عاريات تطعن في كتاب الله وسنّة نبيه وتحرض ضد تحكيم الشريعة.. كنت استعرضت صفحته على الفيس بوك وعرفت أنه شاعر من أنصار الشريعة لم أعرف وقتها البلدة التي يقيم فيها لكنني عرفت أنه معلم فيزياء وشاهدته في فيديو وضعه على صفحته يغني أنشودة فيما يمسك ابنه الرضيع كلماتها تصنف حسب الأعراف الإنسانية والأخلاق بأنها مرعبة.. كانت كفيلة لتسحق قلبي ليس تحت الصدمة فقط بل وتحت الخوف مما يستعرضه من طقس الموت وبكل هدوء.. كان ذلك قبل أن يحظرني هذا الشيخ.. لكن ظلت صورته واسمه محفورين في رأسي فهو شخص لا يُنسى.. في يونيو 2014 الصدفة وحدها جعلتني أشاهد صورته مرة أخرى غير أن هذه المرة على موقع جهادي ينعي فيه حمزة.. فشاعر التنظيم ومؤسس جمعية تعاونوا في إجدابيا قُتل على حدود مالي في مواجهة مع الجيش الجزائري.. الطواغيت كما يصفهم حزب حمزة وباقي سلالة التكفير.