Atwasat

حكم «العليا».. جدلية الصراع بين القوة والقانون

ضو المنصوري عون الإثنين 10 نوفمبر 2014, 09:16 مساء
ضو المنصوري عون

صدر حكم المحكمة العليا بدائرتها المجتمعة يوم 2014-11-6 والذي قضى منطوقة: «حكمت المحكمة بدوائرها مجتمعة بقبول الطعن شكلاً، وبعدم دستورية الفقرة 11 من المادة 30 من الإعلان الدستوري والمعدّلة بموجب التعديل الدستوري السابع الصادر بتاريخ 11 مارس 2014 وكافة الآثار المترتّبة عليه، وإلزام المطعون ضدهم بصفاتهم المصروفات وينشر الحكم في الجريدة الرسمية».

وقد صدر هذا الحكم في الطعن رقم 17 لسنة 61 ق المرفوع من عبدالرؤوف علي المناعي وخالد عمار علي المشري بصفتيهما طاعنين ضد رئيس مجلس النواب ورئيس المؤتمر الوطني ورئيس مجلس الوزراء بصفاتهم، وقد انحصر الطعن الذي فصّلت فيه المحكمة على عدم دستورية الفقرة 11 من التعديل الدستوري السابع والصادر بتاريخ 11 مارس 2014 والذي قضى: «يعمل بمقترح لجنة فبراير على أن يقدم مجلس النواب المنتخب بحسم مسألة انتخاب الرئيس الموقّت بنظام انتخاب مباشر أو غير مباشر خلال مدة لا تزيد على 45 يومًا من عقد أول جلسة له».

ومفاد ذلك أن المجلس الوطني الانتقالي الذي حلّ محله المؤتمر الوطني العام والذي انتهت ولايته بانتخاب مجلس النواب هو المختص وحده دون غيره بإلغاء أو تعديل أي حكم في الإعلان الدستوري، بمعنى أنه لا يجوز للمحاكم أن تقترب من تخوم هذا الدستور (الإعلان الدستوري)، إلا بالحكم بعدم دستورية أي تشريع مخالف له ...

وبالعودة إلى الاختصاص الدستوري الذي أوكله المشرع إلى المحكمة العليا منعقدة بدوائرها مجتمعة، وهو ما تناولته المادة 23 فقرة 1 من القانون رقم 6 لسنة 1982 بشأن تنظيم المحكمة العليا وتعديلاته الواردة في القانون رقم 17 لسنة 1994 والتي تنص على أن «تختص المحكمة العليا دون غيرها مُنعقدة بدوائرها المجتمعة برئاسة رئيسها أو من يقوم مقامه بالفصل في المسائل الآتية:
أولاً: الطعون التي يرفعها كل ذي مصلحة شخصية مباشرة في أي تشريع يكون مخالفًا للدستور».

وبالنظر إلى الطعن المشار إليه المتعلّق بمشروعية التعديل السابع للإعلان الدستوري الذي اعتبرت فيه المحكمة أنها مختصة بنظره نفيدكم:

أولاً: تنص المادة 36 من الإعلان الدستوري الموقّت الصادر في 3-8-2011 م «لا يجوز إلغاء أو تعديل أي حكم وارد بهذه الوثيقة إلا بحكم آخر صادر عن المجلس الوطني الانتقالي الموقّت وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس».

ومفاد ذلك أن المجلس الوطني الانتقالي الذي حلّ محله المؤتمر الوطني العام والذي انتهت ولايته بانتخاب مجلس النواب هو المختص وحده دون غيره بإلغاء أو تعديل أي حكم في الإعلان الدستوري، بمعنى أنه لا يجوز للمحاكم أن تقترب من تخوم هذا الدستور (الإعلان الدستوري)، إلا بالحكم بعدم دستورية أي تشريع مخالف له، أي أنَّ المحاكم يقتصر دورها على التشريعات التي تصدر نفاذًا للدستور ومدى مطابقتها له دون المساس بأي نص وارد فيه؛ لأنَّ المادة 30 من الإعلان الدستوري حسمت المسألة وأعطت سلطات التعديل أو الإلغاء للجسم التشريعي فقط.

ويؤكِّد ذلك نص المادة 23 من القانون 6 لسنة 1982 بشأن تنظيم المحكمة العليا وتعديلاته الواردة في القانون رقم 17 لسنة 1994 التي تنص على اختصاص المحكمة العليا بدوائرها المجتمعة مقتصرًا على التصدي لأي تشريع يكون مخالفًا للدستور، أي بمعنى أنَّ المحكمة العليا بدوائرها المجتمعة غير مختصة بالتصدي لنصوص الدستور، ويقتصر دورها على الحكم على التشريعات الصادرة بمقتضاه لتحديد مدى مطابقتها للدستور من عدمه وهو واضح جليًا حتى في قانون إنشائها الذي حدّد اختصاصاتها.

الرأي
إنَّ المحكمة العليا بدوائرها المجتمعة غير مُختصة بنظر الطعون على النصوص الدستورية الواردة في الإعلان الدستوري؛ لأنَّ ذلك مخالف لنص المادة 36 من الإعلان الدستوري التي أعطت الاختصاص لمجلس النواب الحالي في إجراء أي تعديل دستوري بالإلغاء أو بإصدار أي حكم آخر، ومن ثَمَّ فإنَّ هذا الحكم لا يعدو كونه حكمًا معدومًا يكفي الالتفات عنه ولا يُرتِّب أي أثر لاحق.
_______________
د. ضو المنصوري عون