Atwasat

استقبال السفراء بين الفخر والنقيصة

أمين مازن الأحد 27 نوفمبر 2022, 02:30 مساء
أمين مازن

يواصل الكثير من متصدري المشهد الليبي الرسمي نشر وإذاعة ما يجرونه من المقابلات مع عديد الدبلوماسيين العاملين بليبيا، ممن يحلّون زائرين بين الفينة والفينة، إلى جانب ذوي الإقامة الدائمة، باعتبار هذه الأخبار تدل على الأرجح على نشاط هؤلاء المتصدرين، وتؤشر إلى ما يتمتعون به من النفوذ السياسي.

خاصة أن هؤلاء الزوار يحرصون على إعطاء الاستحقاق الانتخابي أولوية اهتمامهم، وكان آخر من استوقفنا كمراقبين ومسكونين بواجب إبداء الرأي، النائب بالمجلس الرئاسي السيد موسى الكوني، المُسمّى عن الجنوب، عندما التقى أخيراً السفير الفرنسي بليبيا، وقد تضمن الخبر إصرار الكوني على جدوى نظام المحافظات كتنظيم إداري وبالذات للجنوب، الذي شغل بدون شك السيد موسى.

وإن كنا لم نعلم حتى الآن بمن استعان لترجيح كفة هذا التوجه؟ اللهم إلا إذا أرجعناه إلى اطمئنانه على ما تحفظه محافظة أوباري من إمكانية التواصل مع المثلث الذي يحقق لُحمة تتجاوز الهويات كافة، وتضمن تواصلا يرفض الحدود مجتمعة، إنها الاعتبارات التي لا تخفى عن الدبلوماسي الفرنسي ولا ذاكرة دولته التي شاركت في طرد قوات المحور من ليبيا، وساهم مقيمها الدائم في اختيار العشرين عضواً الذين شاركوا في وضع الدستور الليبي.

بل لقد حاول هذا المقيم أن يقنع مندوب فزان بلجنة الحادي والعشرين بترك الوزارة عندما سُميَّ شكلياً وزيراً للدولة لتعديل المشاركة، لولا أن الوزير فضّل القبول بالموجود، وتبنّت فرنسا بعد ذلك التاريخ مبدأ قضم الأراضي الليبية من كل الحدود، أملاً في الحفاظ على مصلحتها من الدول المجاورة، لقد أُلغيت الولايات لتوحيد سياسة الدولة التي خرجت من فقيرة تُعوِّل على المساعدات التي من بينها ما يأتي من فرنسا، ليأتي نظام يكون في دوره ما يقلق فرنسا ويخوض معها تجربة العصا والجزرة.

وتأتي التطورات بما يتيح تصفية الحسابات مع رياح فبراير، فيلوح أن النظام الاتحادي قد يكون الأجدى لتقسيم الكعكة بما هي عليه من لذيذ الطعم واتساع المكان الذي يوفر متى أُحكِم راحة بقية الجيران ومن ورائهم، وسيكون أجدى للنائب الكوني الذي شغل موقعه للمرة الثانية، تخلّى في أولاها عن مهمته التي اكتفى فيها بمقولته المعروفة "لقد فشلنا"، ومعها شيء من دموعه، ظلّت بعض الشاشات تعيدها وربما رأت فيها ما يدل على الصدق.

نقول أجدى له لو يسعى إلى استطلاع مواطنيه في الجنوب قبل أن يتخذ موقفاً يتعلق بالنظام الإداري، قد يرونه "أي الجنوب" تضرر كثيراً من عدم التواصل معهم والوقوف على آراء أبنائه، ممن هم أكثر قدرة على معرفة الأفضل بالنسبة للبناء والأهون حين لا مفر من الهدم، بدل إذاعة أخبار مقابلاته، على أن استقبال السفراء الأجانب من طرف المسئولين حين يخضع للتمحيص وإن اعتبره البعض فخراً، فلن يخرج به عن شبهة النقيصة.