Atwasat

الولايات الليبية المتحدة: ليبيا بين القبلية والفدرالية

رمضان بن عامر الثلاثاء 04 أكتوبر 2022, 01:48 مساء
رمضان بن عامر

في نهاية فصل الخريف هذا، تلوح في الأفق دعوات إلى الانفصالية بشكل أو بآخر، حيث إن هناك من ينادي بالانفصال التام أو تكوين نظام سياسي قاعدته الفدرالية أو الكونفدرالية، معتمدين على نجاح مثل هذه النظم السياسية في دول «ناضجة فكرياً» مثل أميركا وألمانيا وسويسرا وحتى الإمارات العربية المتحدة، في تجاهل تام عن أن معظم هذه التجارب نجحت عبر صندوق الاستفتاء، ومرت بسنوات من الكر والفر في حروب أهلية قتلت الكثير من شعوبها.

ورغم أن دعوة البعض في ولاية برقة في شرق ليبيا إلى حراك فدرالي حراك ديمقراطي ومباح، لكن انفصال برقة عن ليبيا لن يمر بسلاسة وهدوء نظراً إلى «نقمة النفط» المتواجد في ولاية برقة، حيث تمكن موانيء التصدير، وجنوبها التي من الممكن أيضاً أن تطالب بالانفصال نظراً لتواجد هذه «النقمة» على أراضيها.

الحل في نظري يتمثل في انتخاب إدارات محلية بنظام المجالس البلدية في كل ولاية تضم تحتها كل مجالس بلديات المدن في كل ولاية، وحق تقسيم الدخل القومي «GDP» من كل المصادر وليس النفط فقط، بنسب إحصائية عادلة يتفق عليها الجميع، وقد تشمل دراسات لديموغرافية كل ولاية «عدد السكان»، ودراسات جغرافية كل ولاية « المساحة»، وكل ما تواجد تحت وفوق أرضها من خيرات نفط أو غيره.

انفصال ولاية برقة عن أخواتها، فزان وطرابلس، لن يكون أمراً سهلاً؛ حيث إن المكون الأصلي لمعظم سكان ليبيا من الإغريق القدماء في شرق ليبيا، والرومان والفينيقيين في غربها منذ عشرات آلاف السنين، ومكون سكان ليبيا الحديثة هم عرب الجزيرة، ومكون الأقليات من الأمازيغ ذوي البشرة البيضاء، والأمازيغ السمر وهم الطوارق، ومن الأفارقة ذوي سواد البشرة (التبو).

أما بالنسبة لسكان «برقة» الأصليين، فهم من أصول عربية «بني هلال وبني سليم» مع أقلية من أصول الإغريق والأتراك والأفارقة وغيرهم من المهاجرين من المصريين من منطقة الصحراء الشرقية «ص. ش».

أما ولاية برقة الحديثة «خاصة مناطق بنغازي»؛ فيرجع أصل معظم سكانها إلى قبائل غرب ليبيا و«أقليات أخرى من جنوب ليبيا».

ومن سكان بنغازي من وجد سنداً في قبائل الشرق، وانتمى إليهم رغبة من هذه القبائل في تضخيم حجمها.

عاشت هذه المكونات في ربوع مدينة بنغازي والمدن القريبة منها منذ مئات السنين، كما أنهم تزاوجوا مع قبائل الشرق، حيث لن تجد الآن من سكان بنغازي خاصة، وفي ولاية برقة عامة عائلة واحدة لم تشترك بالمصاهرة أو حتى الاختلاط مع غيرها.

أصول معظم سكان ولاية برقة، سكان ليبيا، ترجع أصولهم إلى مناطق الجزيرة العربية، خاصة ما يسمى الآن بالسعودية واليمن، وجلهم من قبائل بني هلال وبني سليم أتوا قديماً لنشر الإسلام، وحديثاً منذ مئات السنين قدموا من مناطق الأندلس نزوحاً من الإسبان عبر دول المغرب والجزائر وتونس وحتى موريتانيا وغيرها.

وأيضاً جاءوا من بلاد مصر وتركيا والشيشان وألبانيا وحتى تشاد والنيجر.

شيء آخر وليس بالأخير، علينا بالعمل على دستور يضمن مطالب حق تقرير المصير عبر «صندوق الاستفتاء»، وليس المجادلات والحروب، فمن حق سكان برقة بتنوعهم واختلافاتهم، كما هو حق لكل إقليم من أقاليم ليبيا الاستفتاء على نظام فدرالي أو كونفدرالي ويكون الفاصل هو صندوق الاستفتاء «مثال استفتاء انفصال إقليم برشلونة عن إسبانيا»، تحت مظلة ديمقراطية عادلة تضمن حقوق وحرية الجميع، حيث إن «حرية الفرد تقف ولا تتعدى على حدود حريات الآخرين».

هذه ليبيا تقرأ من جهتين، وتحب من كل الجهات.

علينا بالعمل على إنقاذ ليبيا، وليس العمل على تقسيم أنقاضها.

وأخيراً من ليبيا يأتي الجديد المتجدد.