Atwasat

كثرة (الشهداء)

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 02 أكتوبر 2022, 03:58 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

ارتبط مفهوم الشهادة، بمعنى الوفاة في سبيل إعلاء كلمة الله وشرعه، بالأديان التوحيدية الإبراهمية (اليهودية، المسيحية، الإسلام). إذ قبل ذلك، في الأديان التي تحكمها منظومة آلهة، لم يكن مفهوم الشهادة واردا، لأنه لم يكن ثمة سعي من قبل أي شعب حينها إلى نشر أديانها، سواء بالتبشير أو بالقوة. فالحروب لم تكن تخاض تحت غطاء ديني.

في الأديان الإبراهيمية يعتقد أتباع كل دين، وحتى أتباع كل طائفة أو مذهب داخل الدين الواحد، أن الله يقف إلى جانبهم، بالذات في الحروب، وأن الذين يقضون منهم في الحروب يكونون شهداء.

تروى واقعة طريقة من الحرب العالمية الثانية عن عسكري إنغليزي، يقول فيها أنه في فرنسا صادف جثة عسكري ألماني مطروحة في الشارع، وعندما فتشه واستخرج محفظته وجد فيها صورة للعسكري الألماني مع فتاة وعلى قفا الصورة مكتوب "إن الله معنا".

فقال "استغربت جدا، لأنني كنت أعتقد أن الله معنا نحن فقط"!

ذات مرة دار حديث بيني وبين شاب ليبي ينتمي إلى مدينة خاضت حروبا ضد مدن أخرى، فقال عن الطرف الآخر "حتى هم عندهم شهداء"! وهذا يعني، ضمنيا، أن كل المتوفين في الحرب من مدينته شهداء، أما المتوفون من الطرف الآخر فالقلة منهم شهداء.

ومع ذلك رأيت أن موقفه هذا فيه قدر من الانفتاح، إذ إنه لم يشيطن الطرف الآخر بالكامل، وأعتقد أن الفكرة الأساسية وراء موقفه هذا هي أن بعض المحاربين ألتابعين إلى الطرف الآخر (= العدو) صادقون مع أنقسهم ويؤمنون إيمانا عميقا بأنهم يدافعون عن الحق، وبالتالي يكونون شهداء إذا ماتوا في هذه الحرب.

تروي طبيبة ليبية أنه جيء إليها بحدث مجروح بعيارات نارية، وحين سألته عن ظروف إصابته بهذه الجروح أخبرها أنه هو وصديق له في مثل سنه سرقا دراجة نارية، لكن مالك الدراجة لحق بهما في سيارة وأخذ يطلق عليهما النار.

قال الشاب "أصبت أنا واستشهد صاحبي"!
ومن كثرة "شهداء" الحروب الليبية علق شخص تونسي قائلا "يا ليبيين خلونا معاكم بلاصة في الجنة، وانتم الي يموت منكم تقولوا عليه شهيد!"