Atwasat

8 سنوات مضت من انتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب

أبو صلاح شلبي الثلاثاء 09 أغسطس 2022, 11:16 صباحا
أبو صلاح شلبي

يصادف يوم الخامس من أغسطس الجاري، الذكرى الثامنة لجلوس المستشار عقيلة صالح على كرسي رئاسة مجلس النواب الليبي هو وهيئة الرئاسة التي تم اختيارها في ظروف استثنائية كانت تمر بها ليبيا في ذلك العام 2014، الذي شهد انقساماً حقيقياً للسلطة في البلد مازالت ليبيا تعاني من تداعياته إلى الآن.

لا يمكن فصل الأحداث في ليبيا عن السياق الذي كانت تمر به المنطقة بشكل عام من تحولات كبرى بعد الموجة الأولى من الربيع العربي 2011.
ليس من عاداتي كتابة مقالات أو نشر أفكاري بشكل عام، رغم أنه توجد لديّ هذه المهارة منذ زمن طويل لكن نظراً للظروف الراهنة، قررت كتابة هذا المقال لأعبر فيه عن وجهة نظري وكثير من الزملاء في إقليم فزان.
وبالرجوع إلى التاريخ قليلاً لم تكن مخرجات «لجنة فبراير» التي وضعت خارطة طريق للعملية السياسية في ليبيا حدثاً عابراً، ولكنها كانت لحظة تاريخية شهد لها الجميع.

بعد إجراء الانتخابات يوم 25 يونيو 2014 وما صاحب نتائجها من لغط، وانطلاق الأعمال العسكرية غرباً وشرقا، لم يكن أمر اجتماع مجلس النواب المنتخب سهلاً، وحسب ما أعلم نفذت أكثر من عشرين رحلة طيران حتى تجمع العدد المطلوب في طبرق.

لقد كان خيارنا أن يكون رئيس مجلس النواب من الشرق خياراً عقلانياً حكمته ظروف اللحظة وموقع مجلس النواب المفترض في الإعلان الدستوري ولم يكن فيه أي اعتبارات أخرى.
لقد كنا أمام لحظات تاريخية تمثل أولاها في اعتراف الأمم المتحدة والعالم بهذه الانتخابات والحكومة التي سوف تنتج عنها بعد ذلك، ولم تكن الأوضاع مريحة ومطمئنة، ومع ذلك حصل ما كان مطلوباً حتى بعد صدور حكم المحكمة في طرابلس ضد مجلس النواب. لا شك أنه في كثير من المحطات المهمة لم نكن كأعضاء مجلس النواب موفقين في بعض خياراتنا أو تقديراتنا للأمور، ووقعنا تحت تأثير عوامل كثيرة لا يمكن التعبير عنها إلا لمن عاصرها، ومع ذلك هناك إيجابيات كثيرة لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يجحدها كان لمجلس النواب دور مهم فيها، مثل إلغاء قانون العزل السياسي وقانون العفو العام وغيرهما من إجراءات أعادت اللحمة إلى المجتمع الليبي.
لقد كان من الأخطاء الكبيرة ترك رئيس مجلس النواب يتصرف بطريقة بعيدة عن العمل المؤسسي ومسايرة بعض الأعضاء له احتراماً لفارق السن أو تقديراً للأوضاع في البلد بشكل عام، وهذا بدوره أفرغ مجلس النواب من محتوى مهم وهو روح العمل الجماعي والشفافية، وأصبحت القرارات تؤخذ خارج قبة البرلمان وبعيدة عن أي مناقشات جدية ومسؤولة، وكان لتوقيع اتفاق الصخيرات دوره في خلق فجوة كبيرة بين الأطراف، وكانت النتائج كارثية في المستقبل القريب وخسر مجلس النواب أهم مكتسباته من تشكيل للحكومة ومحاسبتها واعتماد الميزانية وغيرها من إجراءات أخرى.

ويوجه كثير من أبناء فزان الانتقاد الحاد لنوابهم، وهذا حقهم ونحترمه لكن كان نواب فزان بعددهم القليل من الصعب عليهم اتخاذ مواقف حادة، وكانت سياستنا بشكل عام تتبع طريق الحياد الإيجابي، فحينما رأينا دعماً شعبياً حقيقياً للمؤسسة العسكرية في الشرق وقفنا معه وأيدنا كثيراً من المواقف في هذا الخصوص رغم بعض التحفظات مستقبلاً، وحينما وقع اتفاق الصخيرات كنا أكبر الداعمين له ورفضنا الدعوات غير العقلانية ضده، وفي كل محطة كان موقفنا هو الحياد الإيجابي النابع من الحرص على المصلحة الوطنية العليا للوطن.

لقد كانت حرب طرابلس 2019 المحطة الأصعب في السنوات الماضية، ورغم كل ما حصل فيها كنا على يقين بأن لغة الحكمة والعقل هي من ستقود الليبيين عاجلاً أو أجلاً إلى الحوار وتجاوز هذه الصفحة الأليمة من تاريخ الوطن.

لقد كانت المبادرة المصرية الأولى لإيقاف الحرب وتقاسم السلطة بشكل لا يمثل الإقصاء والتهميش لأي طرف، وقد أيدتها معظم الأطراف الفاعلة وتبناها المجتمع الدولي وهي نتيجة لسلسلة من اللقاءات والاجتماعات سواء في تونس أو القاهرة أو باريس أو باليرمو أو أبوظبي أو أنقرة بين العامين 2017 و2018 وتوجت كل هذه الجهود بمخرجات مؤتمر برلين وقرارات مجلس الأمن الدولي بالخصوص.
ولقد اعتبرت المؤسسات الأربع الرئيسية وهي الآتية: المجلس الرئاسي ومجلس النواب ومجلس الدولة والحكومة، وتكون مقسمة بين الأقاليم الثلاثة، حيث الحكومة ومجلس الدولة من نصيب المنطقة الغربية، والمجلس الرئاسي من نصيب الشرق، ومجلس النواب من نصيب الجنوب.
من المفروض والطبيعي أن تكون بعثة الأمم المتحدة حريصة على متابعة تنفيذ هذه التفاهمات والحرص عليها .

لقد كنا، أعضاء إقليم فزان، حريصين جداً على إنهاء حالة الانقسام السياسي ودعم جهود حكومة الوحدة الوطنية التي كانت المدة الزمنية أمامها محدودة جداً؛ لذلك لم نبحث مسألة رئاسة مجلس النواب بشكل جدي وتركنا الأمر لمسؤولية رئيس المجلس الأخلاقية، حيث إنه أحد العرابين لهذه المبادرة لتقاسم السلطة، ومن اللائق أنه يقوم بهذا الأمر، وأرسل إشارات بأنه يرغب ببعض الوقت لتسوية بعض الأمور ويقوم بما هو مطلوب منه.
لكننا تفاجأنا بتعقد المشهد السياسي، وبدأ السيد عقيلة صالح يتهرب من الحديث عن الأمر رغم بعض أصوات الزملا، التي صارحته على الهواء مباشرة في جلسات المجلس بتنفيذ تعهده والتزامه الأخلاقي لكنه لم يتجاوب معها.
لقد تطورت الأحداث بشكل متسارع الأشهر الماضية، وأصبح من الصعوبة بمكان استشراف المستقبل القريب، وأصبحت خارطة الطريق التي تنص على إجراء الانتخابات بعيدة عن الواقع.

إنني وكل الزملاء من فزان وأمام مسؤولياتنا الأخلاقية والتاريخية أمام الاستحقاقات الوطنية الكبرى، فإنه لا يمكن قبول أنصاف الحلول أو التسويف أو المماطلة، وإنه يجب أن ترجع الحقوق لأصحابها وأن تكون هناك صحوة فزانية حقيقية تظهر لشركائنا في الوطن عزمنا وإصرارنا لنيل حقوقنا الضائعة والمسلوبة.

إنني أهيب بكل الزملاء من فزان وأيضاً أعضاء مجلس النواب الحريصين على قيام هذا المجلس بدوره وأن لا يتعرض للانقسام والتشظي من جديد، إلى إعلان موقفهم صراحة أمام الرأي العام الليبي، وإنني أدعو أهلي في فزان إلى رفع صوتهم عالياً أمام الجميع من دون خوف ولا منة من أحد.

ولقد تابعنا الأحداث المؤسفة لحادثة انفجار صهريج الوقود بمدينة بنت بية، وطريقة التعاطي معها، وإننا نعاهدهم بالضغط بكل الوسائل الممكنة حتى نحقق ما نطمح إليه من تطلعات أهلنا في فزان للمشاركة السياسية الحقيقية، وأؤكد مجدداً دعوتي للمستشار عقيلة صالح إلى الوفاء بالتزامه الأخلاقي والوطني، وأدعو البعثة الأممية إلى تنفيذ تعهداتها معنا.

* نائب في مجلس النواب. ( طبرق)