Atwasat

دون طاسة شاهي!

رمضان بن عامر الإثنين 08 أغسطس 2022, 12:37 مساء
رمضان بن عامر

بعد رحيل ستيفاني وليامز وبعد 10 سنوات من عمل ممثلي الأمم المتحدة في ليبيا، نسأل: ليبيا إلى أين؟

هل مصير ليبيا سيكون شبيهاً بمصير العراق أو تونس أو مصر أو السودان أو اليمن؟.. أو حتى سورية أو لبنان؟

أنا أرى أن الحالة الليبية أقرب بكثير للحالة العراقية، فكلتاهما تتشابه في أمور كثيرة عدا مسألة الأمور الطائفية، وأهم هذا التشابه هو انتشار الفساد وسرقة المال العام وفشل البرلمان، والحكومات المتعاقبة.

منذ سقوط حكم معمر القذافي في 2011، تعاقب ممثلو الأمم المتحدة على ليبيا. كان بداية النسخة الليبية من المسرحية الأممية في 2012، حيث عُيِّن المبعوث الأممي اللبناني طارق متري (2012)، تلاه الإسباني برنادينو ليون (2014)، ثم الألماني مارتن كوبلر (2017)، وبعده اللبناني غسان سلامة (2019).

واستغلت الولايات المتحدة الفرصة في هذا التوقيت ليجري تعيين السيدة ستيفاني وليامز (2019 - 2022) كمساعدة للسيد سلامة، ولربما كمراقبة عليه، مما سبّب عدم ارتياح المبعوث الأممي غسان سلامة ليعلن استقالته بحجة المرض.

استمرت ستيفاني بعد استقالة سلامة في عملها وتحصلت على فرصتها بالانفراد بالقرار.

كان أهم قراراتها في فترتها الأولى هو تحديد موعد الانتخابات في 24 ديسمبر 2021، التي جرى إفشالها لعدة حجج أهمها عدم استقرار البلاد ووجود أكثر من حكومة على المسرح الليبي وعدم الاتفاق بين البرلمان برئاسة عقيلة صالح، والمجلس الرئاسي برئاسة خالد المشري بحجة عدم التوافق على مشروع الدستور، خاصة بند رئاسة الدولة، على ألا تجري مشاركة مزدوجي الجنسية والعسكريين في الانتخابات الرئاسية.

بعد انتهاء فترة ستيفاني الأولى، جرى تعيين الممثل الأممي السلوفاكي يان كوبيتش (2021) الذي استقال بشكل مفاجئ بعد فترة وجيزة في أقل من عام بحجة شعوره بأنه «لا يتمتع بدعم كافٍ»، وأعتقد بأنه يقصد تدخل السيدة ستيفاني وليامز في قراراته، فكان هذا هو أحد الأسباب، إن لم يكن السبب الرئيس في استقالته.

رجعت السيدة وليامز (الجاسوسياسية) هذه المرة من بوابة رئيس منظمة الأمم المتحدة كمستشارة خاصة له في ليبيا، وليس كممثلة أممية.

والآن وبعد انتهاء دور السيدة ستيفاني تستعد الأمم المتحدة لتعزيز دورها في ليبيا مرة أخرى، وذلك بتعيين ممثلها الأممي الذي يفضل ويجب أن يكون أفريقياً أو عربياً من دول الجوار المتفهمة للحالة الليبية مثال الجزائر أو تونس أو المغرب، لتستمر المسرحية، التى نأمل أن تنتهي بنهاية سعيدة لجمع الليبيين على (تقعميزة) على (صفرة) من (الكسكسي بلحم القعود)!

فشلت السيدة ستيفاني وليامز مرتين خلال توليها الملف الليبي (2019 - 2022)، كما فشل كل من ممثلي الأمم المتحدة في تنفيذ أي شيء عملي يخدم القضية الليبية أو يدعو إلى المصالحة الوطنية، ولم يستكمل أي مشروع للتوافق الوطني بين الجهات المختلفة المتعاركة وغير المتوافقة إلى الآن. بالرغم من أن الشمطاء الأميركية عملت كمستشارة للأمم المتحدة ولم تكن ممثلة رسمية لها؛ فإنها استطاعت أن تفرض وجودها وتستغل الفراغ السياسي في ليبيا.

البعض يعتقد أنها جاءت (جاسوسة) تمثل الحكومة الأميركية وليس الأمم المتحدة، لتوجه سياسات الولايات الأميركية المتحدة في ليبيا ولربما في منطقة شمال أفريقيا (مصر وتونس).
أيضاً هي جاءت كجاسوسة - سياسية تبحث عن أمور خفية سياسية بتعاونها مع لصوص المال العام من (المخ - لصين)، وأمور خافية عسكرية بتدخلها في التنسيق مع لجنة (5+5) العسكرية، وأمور اجتماعية بتدخلها في ملف المصالحة الوطنية، ولربما اقتصادية بتدخلها في ملف النفط.

تدخلاتها في هذه الأمور الاستخباراتية (الجاسوسياسة) قد تمكنها من تكملة مذكراتها في كتابها الثاني عن ليبيا كمصدر للرزق مثلما عملت في كتابها الأول على تجربتها الأولى مع الممثل الأممي غسان سلامة (2018 - 2020).

أي ممثل جديد للأمم المتحدة سيكتب له الفشل إلا إذا كانت له دراية جيدة بالحالة الجيوسياسية، والعادات والتقاليد المختلفة في كل أرجاء ليبيا بما فيها معرفة شيوخ قبائلها التي ما يجمعها إلا (القعدة) على مائدة (البازين) في غرب البلاد، وأكلة (المثرودة) في شرقها! ولا سؤال عن جنوب البلاد المهمش حتى من قبل نوابه في البرلمان!

والحديث عن البرلمانيين الذين لا تشتغل أبدانهم، وعقولهم إن وجدت، إلا بطريقة بطريات (الزنبراك)، فمن اللازم أن تكون البطاريات مشحونة جيداً!

وكيف يحصل هذا في استمرارية انقطاع كهربائي قد يستمر ساعات وفي كل أرجاء البلاد غربها وشرقها وجنوبها.

وكما المثل يقول: «مصائب قوم عند قوم فوائد»، فإن مشاكل بعض الدول السياسية أصبحت مصدر رزق للكثير من هؤلاء السياسيين وقت عملهم؛ حيث يتحصلون على رواتب وميزات عالية، وبعد مغادرتهم وظائفهم، حيث سيتحصلون على وظائف بأرقام خيالية، ولربما ينشرون أسرار عملهم عبر مقالات صحفية لربما تُجمع فيما بعد، وعدم ذكر تجربتهم الفاشلة، في كتاب عن الحالة الليبية التعسة عاجلاً أو أجلاً. الكل سيتحدثون في مؤتمرات سياسية دولية، ويكتبون عن تجربتهم (غير الفاشلة) في ليبيا.

وقد يصبح هذا (الجاسوسياسي) متحدثاً له قيمة مادية، وكاتباً ذا شهرة بعد فشله في حل القضية السياسية في ليبيا أو غيرها.

أو كما قال الكاتب الليبي إبراهيم الكوني «الثورات العربية لم تأتِ بخير على أي من شعوبها»، هذه حقيقة عبر التاريخ.

«ليبيا» التي تُقرأ من جهتين، وتحب من كل الجهات، تدعو الجميع لإنقاذها، وليس التعيش وراء إنقاذها.