Atwasat

حلم عودة الملكية إلى ليبيا

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 26 يونيو 2022, 10:24 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

ناقش عبد الكافي المغربي في مقال مطول (يقرب من 1500 كلمة) بعنوان "جدل العوكلي والككلي: الموضوعية في منظور الواقع http://alwasat.ly/news/opinions/363061?author=1" مقالي "ظروف عودة الصورة" http://alwasat.ly/news/opinions/361911?author=1 الذي كنت ناقشت فيه مقال سالم العوكلي "عودة الصورة وصورة المستقبل http://alwasat.ly/news/opinions/361379?author=1" المنطلق من مقال جمعة بوكليب "إبليس ولا إدريس http://alwasat.ly/news/opinions/360814?author=1". وهذا التسلسل التوالدي مهم جدا، لأنه يدل على أننا نهتم بكتابات بعضنا ونتفاعل معها ونجادلها من زوايا ووجهات نظر مختلفة. وأيا كانت الالتبسات في فهم خطابات بعضنا، فإن هذا المنحى لا يفقد أهميته في بلورة أفكارنا وتوجهاتنا وفي إمكانية تقارب وجهات النظر بخصوص المسائل المتعلقة بشأننا الليبي الوطني، سواء تعلق هذا الشأن بماضي البلد السياسي، أي بمراجعة التاريخ، أو بالمستقبل المرجو، أي بالاستشراف. وهذا يلتقي مع طرح عبد الكافي المغربي حين يؤكد على أن "مبدأ مقالي هو مخالفة لموقف الأستاذ الككلي، هدفه إثراء هذا الجدال وإضافة الزخم الخليق بخطورة شأنه".

طرق عبد الكافي المغربي في مقاله هذا تفرعات عدة لن أتتبعها بالنقاش، كما إنني لن أصحح ما فهمه خطأ أو بعدم دقة من مقالي ذاك. وإنما سأكتفي بمناقشة نقاط قليلة محددة، أبرزها مسألة المطالبة بـ "عودة الملكية" إلى ليبيا.

يقول المغربي "لكن في نظري الأستاذ عمر الككلي إنما اتخذ منظورا ‘شخصيا‘ للمسألة" وصفه بأنه أقل احتجاجا من موقف شخص آخر. وجدالي هنا يتجه إلى أن المغربي لم يكشف لقارئه، وبالتالي لي أنا نفسي عن منظوري الشخصي للمسألة. المسألة الأخرى أنه بوصفه منظوري بكونه "شخصيا"، إنما يضع منظوره هو خارج المنظور الشخصي وثبته داخل الصفاء الموضوعي. إلا أنني أرى أن أي طرح، مهما كان جادا وعقلانيا وموضوعيا، هو، في نهاية المطاف منظور شخصي، بما أنه يصدر عن ذات تعيش وسط العالم والواقع وتتفاعل معه، ولا تعيش خارجه. والمنظور الشخصي ماثل، أوضح ما يكون المثول، في خاتمة مقال المغربي التي يصيغها على هيئة بيان تحريضي تعبوي "بشيء من غضب ماركسي، وكثير من قلق ديريدي، وبعض قناعة برقاوية، وبكل نزعة علمانية حامية، أطالب أساتذتي، ورفاقي القلائل من شباب مثقف انتشال بلدهم من أتون الحرب وبحر الجهل المصطخب بإبداء التزام أمام وعي أمتهم المغيب بقيادة التحول، الذي نريده معرفيا ثقافيا مقاربا لذلك الذي قاده مؤسس الأمة الليبية، إدريس الأول، باسترجاع ملكية نزيهة تستثمر مقدرات البلد وأرصدتها المهددة، في التعليم وبناء الأفراد أولا وقبل كل شيء". وأنا لا أرى على ذلك أي غبار.

نأتي الآن إلى لب القضية الذي هو المطالبة بعودة الملكية، والتي يفهم منها إقامة نظام ملكي في ليبيا "يتملكه" سليل من العائلة الملكية السنوسية.

أريد أن ألفت النظر، بداية، إلى أن التمثل بعودة الملكية إلى بريطانيا(1880) بعد ثورة وجمهورية كرومويل وإلى فرنسا(1814) بعد الثورة الفرنسية، لا يمثل "سابقة تاريخية" يمكن أن تشكل دعما لأمر عودتها في ليبيا. ذلك أن الملكية هناك ذات جذور عريقة ممتدة في التاريخ، على خلاف ما عليه الأمر في ليبيا. فالملكية في ليبيا ليست لها تلك العراقة التي للإمامية في اليمن والملكية في السعودية مثلا.

لكن القضية الأهم هي، كيف سيتم تنصيب هذا الملك؟. هل عن طريق استفتاء عام؟. وفي هذه الحالة سيكون حظه في النجاح ضئيلا. أم عن طريق "التوافق الوطني"؟. وهذا أمر مستحيل في الظروف الحالية، ذلك أن الظروف والأوضاع التي أفضت إلى توافق وطني حول الملك إدريس، نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضي، دَرست واندثرت.

يرى المغربي ان المطالبة "بديمقراطية تمثيلية جمهورية كاملة على النمط الغربي الناقص أصلا، ونحن نواجه هذه التحديات الثقافية والمعرفية الخطيرة" امر لا يستقيم مع الحالة الليبية. والسؤال، إذن، هل يطالب عبد الكافي المغربي بإقامة نظام ملكي في ليبيا غير ديمقراطي؟! أي نظام ملكي شمولي؟!.

أريد أن أختم محاججتي هذه بالتالي: إن الإلحاح على عودة الملكية إلى ليبيا ينطلق من نزعة جهوية صلبة متحمسة تسعى إلى فرض سيادة إقليم برقة على إقليمي فزان وطرابلس، لأن الأسرة السنوسية تتمتع بقدر واضح من التعلق الروحي من قبل أهل برقة يلامس تخوم القداسة.