Atwasat

الشقاء في خطر

أحمد الفيتوري الثلاثاء 17 مايو 2022, 02:57 مساء
أحمد الفيتوري

(شيرين أبوعاقلة عدوة BBC والإعلام الحر)

«أنا الكلمة الأخيرة في القصة الضخمة التي ابتدأت/ لن ننسى شيئا مما مر/ لن نبدأ من الصفر.
إني أحتفظ بأنشودتي نقية في عيني/ ومن ثم.. أتابع المسير، دون أن أنكر شيئا مما مضى
أنا الكلمة الأخيرة في القصة الضخمة التي بدأت/
ما عسانا نفيد من التمييز بين السماء والأفق؟
عسير أن نفصل بين الموسيقى والراقصين
إن البُرنس الذي ارتداه أجدادي
البرنس الذي يتراءى أمامي في كل مكان.. ما يزال دثاري
ما يزال استمرار الحياة في داري
أنا الكلمة الأخيرة في القصة الضخمة التي ابتدأت»
• شعر: الجزائري مالك حداد – ديوان الشقاء في خطر – ترجمة: مالك أبيض العيسى.

1-
قال بايدن إنه لا يعرف تفاصيل ما حدث.
ولم يقل مثلا: إنه لا يعرف كيف يتلقى جسد امرأة فلسطينية رصاصة جندي إسرائيلي:Made in USA ، مثل ما يعرف ما يجري في أوكرانيا. لم يقل ذلك لأنه لا يعرف التفاصيل، وهو رئيس الولايات المتحدة، فكيف يتسنى ذلك لمراسل BBC أو أي مراسل في الإعلام الحر، حتى ولو شاهد المرود وهو يدخل المكحلة، فهو »شاهد ماشافش حاجة»، جريمة القتل كجريمة الزنا، بحاجة لشاهدين ذكرين عاقلين، وبنظر حاد ونظرة مباشرة، أو أربعة شهود من النساء.

وبالتالي لم يستطع مرة، أن يكون شاهد ملك كما في أوكرانيا، لم يمارس بالمرة: الكيل بمكيالين لا في فلسطين ولا أوكرانيا، لأنه كما قال: إني لا أعرف تفاصيل ما حدث.

أربع وسبعون سنة خلون، لم يعرف بايدن التفاصيل، كذلك «BBC» والإعلام الحر، ما بح صوته الحر، وكمعلم حريص أنهكه التعب، في تقديم دروس وشروح حول ماهية الإعلام، أي كيف يكون حرا موضوعيا محايدا. فلا يهتم بجسد «شيرين أبوعاقلة»، أو بالبندقية التي أطلقت أوتوماتيكيا الرصاصة، الرصاصة الخارقة الحارقة، لا يهم Made in USA، كما لا يهم القتيلة فلسطينية أو أميركية.

لسبعين سنة خلون القاتل المجهول، لم يتمكن الإعلام الحر من كشف هويته، وفي السبعين السنة ما خلون، تمكن الإعلام الحرّ ومنه BBC، من الكشف عن الإرهابي الفلسطيني، من لم يحترم حرمة جثة صحفية، فجعل من التابوت سلاحا، ومن الحجارة ذخيرة.

كما اعتاد محرر الأخبار في BBC: في موضوعية مشهودة له، لم يُعر النقل المباشر والصور الحية انتباها، باعتبار أن للعصر السيبراني ألاعيبه، والمحرر له تقاليد ثابتة موضوعية، لهذا صاغ الخبر كما اعتاد: اشتباكات فلسطينية مع الشرطة الإسرائيلية، أثناء جنازة صحفية فلسطينية. وبطبيعة الحال، لن يُعير الإعلام الحر اهتماما، للاتهامات والتخرصات المعتادة، من قبل المتطرفين العرب ومن على شاكلتهم، حول الكيل بمكيالين، بين الصحفي الذي تقتله قوات الجيش الروسي، الذي يقوده مجرم الحرب بوتين، وبين الجيش الديمقراطي الإسرائيلي!. بل إن مثل هؤلاء المتطرفين كمثل الإرهابيين، الذين يقتلون الصحفية شيرين أبوعاقلة، ويمشون في جنازتها.

إن الإعلام الحرّ ومنه BBC، يأسفون على ضياع مجهوداتهم، ومحاولاتهم منذ سبعين سنة خلون، في تقديم دروس وشروح حول ماهية الإعلام، أي كيف يكون حرا موضوعيا محايدا. كما يأسفون على مقتل الصحفية حاملة الجنسية الأميركية.

بل ويدينون أولئك الإرهابيين المتخلفين، من لا يترحمون على القتيلة، بحكم أنها من دين غير دينهم.

2-
إن إسرائيل مشروع غربي، حول مواطنين أوروبيين، لأسباب دينية، إلى المنفى، للتخلص من مشكل معروف بالمسألة اليهودية. وهذا جانب رئيس، لتفسير الارتهان السياسي ومن ثم الإعلامي، إلى هذا المشروع. وفي مقال سابق، حول نتائج وعد بلفور، كتبت: لم يُغادر الغرب مستعمراته أو كما يكتب إدوارد سعيد:(قد يكون الغربيون غادروا مستعمراتهم القديمة، في أفريقيا وآسيا فيزيائيا، غير أنهم احتفظوا بها، لا كأسواق فقط، بل أيضا كمواقع على الخريطة العقائدية، التي استمروا يمارسون حكمها أخلاقيا وفكريا)، وما حققه وعد بلفور، أنه غير العالم ديموغرافيا، وجعل من «الأسطورة» قومية ودولة يحتذى بها، الأنموذج الذي خلقه وعد بلفور بعد قرن، غدا «فرانكشتاين» القرن العشرين والحادي والعشرين، و«على نفسها جنت براقش»، لأن الحاضر في الأخير مستقبل الماضي، فأي مستقبل تُرى سيكون لقرن من «وعد بلفور»؟.