Atwasat

أمريكا وفراغ ليبيا

نورالدين خليفة النمر الخميس 07 أبريل 2022, 12:25 مساء
نورالدين خليفة النمر

تسمت استراتجية أمريكا في سياستها الأمنية الخارجية بأسماء الرؤساء كـ (الويلسونية، الجاكسونية، والجيفرسونية.. إلخ)، وهي تسميات رمزية لسياسة واستراتيجية ثابتة مند الحرب العالمية الثانية يتفق على خطوطها الرئيسية الحزبان الجمهوري والديمقراطي في الكونغرس أيا كان موقع الحزب في السلطة أو المعارضة .

لفت انتباهي ربما دون غيري ممن يكتبون ـ تجاوزاً ـ في الشأن الليبي تغريدة نشرها عبر حسابه على "تويتر" وأعادت نشرها وترجمتها السفارة الأميركية لدى ليبيا، وزير الخارجية الأميركي الحالي، أنتوني بلينكن، الدي تربطه بليبيا مند عام 2011 عاطفة خاصة، حيث كتب: "سننفذ مع ليبيا ودول أخرى الاستراتيجية العشرية لمنع الصراعات وتعزيز الاستقرار وذلك من أجل بناء القدرة على الصمود".

ترجع بداية الاهتمام السياسي الأمريكي بليبيا مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في شمال أفريقيا، وهذا ما أورده التقرير الأمريكي الدي ترجمه الباحث مفتاح السيد الشريف في كتابه "الأحزاب الليبية ونضالاتها" والذي سبق التقرير البريطاني وكان أدق منه وأشمل ليرافقٌ الوجود الحربي الأمريكي، بداية بشغل قاعدة الملاّحة الجوية التي دُشنت إبان الاحتلال الإيطالي 1923 في الضاحية الشرقية لطرابلس. إد استخدمتها القوات الجوية الأمريكية في حملة شمال أفريقيا عام 1943. وتمت تسميتها عام 1945 باسم قاعدة ويلس العسكرية ومن 1951 إلى عام 1953، تداولتها المباحثات بين حكومة الرئيس محمود المنتصر والحكومة الأمريكية، وفي عام 1954 أكدت وجودها الاتفاقية التي وقعها رئيس الحكومة مصطفى بن حليم باسم الحكومة الليبية مع الحكومة الأمريكية. وظلت هده الاتفاقية نافذة حتى ما سمي بحدث الإجلاء 1970، لقاء مساعدة مالية أمريكية تقدر بنحو أربعين مليون دولار تقسم على عشرين سنة، وذلك بدفع أربعة ملايين دولار سنوياً لمدة ست سنوات من عام 1955 حتى 1960، ثم مليون دولار سنويا بدءاً من عام 1960إلى أن تنتهي سنوات المعاهدة، ومساعدات إضافية فنية وإدارية أبرزها تقديم كمية من القمح الآمريكي مقدارها 24 ألف طن خلال الفترة مابين 1954/1955م.

في ندوة برمجتها وشاركت فيها ببحث فبراير 2012 بالسرايا الحمراء بطرابلس، اعتبرت حراك الاستقلال الليبي في الأمم المتحدة 1949 ـ 1951 أنه كان فرصة تاريخية لتشكل نخبة سياسية وإدارية وطنية تدرك التعامل مع القوى الدولية النافذة قوتها في الأمم المتحدة وأبرزها الولايات المتحدة الأمريكية للفت اهتمامها بناءً على مصالحها بليبيا لتستفيد منها في وضع نفسها جيوسياسياً في الاستراتيجية الأمريكية في البحر المتوسط جنوب أوروبا. وهدا ما تم نهاية الخمسينيات حتى منتصف الستينيات من القرن الـ 20 إبان تصاعد الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفياتي.

يلاحظ المتابعون للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط شهودها تطوراً في المشهد الاستراتيجي، الذي تعكسه التحولات الجيوساسية في البيئة الإقليمية، وما نتج عنها من تغييرات في المشهد السياسي في المنطقة، تلك التي استرعت اهتمامات الإدارة الأمريكية الجديدة بولاية الرئيس الديمقراطي بايدن. إد أصبحت تشكل حيزاً مهما ًلإعادة ترتيب الأولويات الأمريكية تجاه التطورات في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يسهم في تطوير موقف الولايات المتحدة لأداء دور رئيس وقوي بشأن كيفية ردع التحديات ومواجهتها.

ومالفت اهتمامي في تغريدة وزير الخارجية المتعلقة بليبيا بالذات إدراجها ضمن قائمة تشمل دول هايتي وموزمبيق، وبابوا (غينيا الجديدة)، وساحل غرب أفريقيا".

وليس إدراجها ضمن الاهتمامات الأمريكية الجديدة بمنطقة الشرق الأوسط .
ما يثير أمريكا في ليبيا عدا بلدان الشرق الأوسط الغارقة في التعقيدات الدينية والمذهبية والطبقية والاجتماعية التي تنعكس علي سياساتها واقتصادها، إنها البلد التي تتمتع لظروفها الموضوعية النادرة بوصفة الدولة الصفر ـ مشاكل. فحتى النزاعات القبلية التي تم اصطناعها لتعطيل ليبيا سياسياً من قبل قوى دولية وإقليمية مند الثورة الشعبية 2011 إلى اليوم، هي، منطقياً وموضوعياً، نزاعات قبلية أملتها الظروف المعاشية التي أنهاها ريع النفط، وذوبها في الغرب الليبي رسوخ مدنية الدولة مند العهد القرمانللي في القرن الثامن عشر حتى سقوط الملكية 1969، وفي الشرق الليبي الدعوة السنوسية، التي صيرت بالدين والملكية بهبات النفط قبائل برقة المتنازعة أخوانا.