Atwasat

أحمد بللو

صالح الحاراتي الخميس 07 أبريل 2022, 12:10 مساء
صالح الحاراتي

أحمد فتح الله بللو، ابن درنة الزاهرة، مجاله الشعر، والكتابة في الصحافة الأدبية والفنية، له اهتمام بالمسرح، حيث قام بإخراج مجموعة من الأعمال المسرحية، إضافة إلى كتاباته النقدية الأدبية.. كتب المقالة لسنين عديدة وصدرت له مجموعة شعرية بعنوان (متاح لك الآن ما لا يتاح).

أنا لست ناقدا أدبيا، ولكنى أود الحديث هنا عن أحمد بللو الإنسان.. هي خاطرة أحسبها لفت انتباه لعقلنا الجمعي لنتعرف على إنسان جميل.. لأني أرى أن قلة ممن قابلت في حياتي من أهل الكتابة من هو شبيه للإنسان أحمد بللو، مشاعر متدفقة لكل من حوله بلا وجل ولا تحفظ.. أحمد لا يتحفظ عن البوح بما يشعر وعن التعبير عن مكنونات نفسه.. أحمد على استعداد أن يتوقف ليقرأ شعره للأطفال والشباب والشيوخ والنساء في كل وقت، ولا أظن أنه يتعمد ذلك، ولكنها التلقائية والتواضع.

ولأحمد بللو ذاكرة إنسانية باذخة، فلا يغيب عنه إنسان أحب أحمد وبادله أحمد نفس الشعور وإن كان الأمر تم في لقاء واحد.
إنسان حر ومتحرر من كثير من القيود والقوالب البالية.. أحمد شاعر وكاتب ومسرحي وصحفي، بل أحمد مغنٍ لو حان وقت السماع… فهو يقول في إحدى المقابلات «ما زلت أنظر لنفسي كمغنٍ لا شاعر».

إنسان مرهف المشاعر ذو سمت وجداني بديع، رقيق العاطفة، جياش الإحساس، ما يعنيه هو المضمون، وما تحويه نصوصه من أبعاد، إن كان نثرًا أو شعرًا أو ومضة، إن كان بالفصحى او بلهجتنا المحلية، المهم أن يعبرعما في صدره ووجدانه وعن حسه وموقفه لكي يصل إلى عمق القاريء والمتلقي.

يقول فى قصيدة "حصار"

أنا الشعر يدري
وتدري البنات التي استشرفتني
بأني المنادي
وأني المرجح في العاشقين
رحيق هو الفجر في أرخبيلات روحي العفيَّة
وسحر حكايا الصباح الجديد

رأيتُ البنات على ضفة الجرح
قلت: البلاد انتشت
فاستعدوا لوقتي
وما كنت وحدي
فألف غزال يعود إلى الدرس بعد الإجازة
وألف حصان يشب عن الطوق هذا الصباح
ألا تسمعون؟
هتاف العصافير عند الصدام
ونار المشاعل بين أصابع زهر الحدائق

هذه الروح الشفيفة لا تهدأ رغم أنه أمضى سنوات في السجن رفقة سجناء الرأي فى السبعينيات، تلك الكوكبة من المثقفين الرائعين؛ منصور بوشناف والسنوسي حبيب ورضا بن موسي وأحمد بللو.. وقد قرأت شيئا عن تلك التجربة الإنسانية المريرة فى كتاب "سجنيات" لعمر أبو القاسم الككلي.

بعد سنين السجن عاد مقبلا على الحياة والعطاء.. تجاوز تلك المحنة وما لبث أن عاد للشعر بلهجتنا المحلية فتنطق روحه الوثابة
بالقول :

قاعدين
تحت هالسما
وفوق هالأرض
اللي ما عشقنا غيرها
لا سما لا أرض
قاعدين
نعيشو الحياه بالطول
نعيشو الحياه بالعرض
في ليبيا قاعدين
في اترابها قاعدين
في ابوابها قاعدين
في اعطابها واشطابها
في ريحها تسوق في غيوم شرابها
وللا بقبليها غباره لا كمل لا فض
في جمرها يشعل حروف اقلامنا
في شوق طالع من ضجيج أيامنا
في احلامنا
وفي اوهامنا
في القهر نابه ينتش ف اللحم ويعض
ما حد يجبرنا علي هجرانها
ولا شي يغصبنا علي نسيانها،
ونكرانها
لو جار الزمان وخانها
وللا اطفي عنوانها
تلقى ضوايا ارواحنا فيها، بالرجا تومض
لا يوم نرضى في وطاها سوم
ولا نبيعها بمليون عرض وعرض
العيشه ف هواها فرض
والموت في غلاها فرض
وإن طال عمر القهر وللا قصر
في ليبيا قاعدين
وعيونا علي بكره
وحتى إن كان طول علينا بكره
لعيون بكره
وامتى يجي
يلقى الخواطر والنّفـس والنبض
في ليبيا قاعدين

هل تملك ليبيا إلا الود والمحبة
لمن يحبها.. فما تواجد أحمد بللو فى مكان إلا وأشاع فيه البهجة والحب والتسامح.. قلت لأصدقاء سألوني عن أحمد بللو "أحمد بللو طاقة إيجابية تمشى على الأرض"..
دام بهاؤك أيها الإنسان الجميل.