Atwasat

القوات الأميركية موجودة فعليًا على أرض المعركة

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 21 سبتمبر 2014, 10:47 صباحا
القاهرة - بوابة الوسط

إليكم أحد ألغاز الأمن القومي: كيف يمكن أن يقدم الرئيس أوباما دعمًا عسكريًّا محدودًا على الأرض للمساعدة في «دحر وتدمير» تنظيم «الدولة الإسلامية» نهائيًّا دون انتهاك رسمي لتعهده بإرسال قوات قتالية أميركية؟ قد يكمن الجواب في البند القانوني رقم «50».

ينظم القانون الأميركي رقم «50» الأنشطة التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي أيه»، وهناك فقرة يكثر الاستشهاد بها في القِسْم 413 ب تتناول الموافقة الرئاسية والإبلاغ عن «الإجراءات السرية». إن هذا البند القانوني يمنح الرئيس السلطة، حسب نتيجة تحقيق سليمة لإرسال القوات الأميركية الخاصة في عمليات شبه مسلحة، تحت قيادة وكالة الاستخبارات المركزية. وأشهر مثال لذلك يتمثّل في الغارة 2011 على أبوت آباد في باكستان، التي أدت إلى مقتل أسامة بن لادن.

عندما تحدثت مع خبراء عسكريين أميركيين وأجانب خلال الأسبوع الماضي، سمعت موضوعيْن متسقيْن: أولًا، ستتطلب الحملة ضد «الدولة الإسلامية» تدريبًا أميركيًّا وثيق الصلة ودعمًا للقوات البرية، بالإضافة إلى القوة الجوية الأميركية. ثانيًا، يمكن أن تكون أفضل طريقة لتقديم تلك المساعدة تحت قيادة مجموعة المهام البرية من قسم الأنشطة الخاصة لوكالة الاستخبارات المركزية، الذي يشرف عادةً على جميع هذه العمليات شبه العسكرية.

وهناك بعض السلبيات الواضحة لهذه الطريقة؛ فيمكننا وصف هذه «الأنشطة الخاصة» بأنها سريّة، ولكن هدفها سيكون معلنًا، وبخاصة للعدو؛ وهو العمل على تشكيل قوات غير نظامية في العراق وسورية يُحتمل أن تقوّض إعادة تلك الدول إلى نظام شفاف ومستقر فيما يتعلق بالعمليات الإدارية والعسكرية؛ ويخبرنا التاريخ (من فيتنام إلى أميركا الوسطى إلى الشرق الأوسط) بأن العمليات السوداء خارج القنوات العسكرية العادية، يمكن أن تسوء وتتحول إلى شيء قبيح .. بما يفتح الباب أمام عمليات التعذيب والتسليم والاغتيال.

وعلى الرغم من أن هذه العمليات شبه العسكرية لا تحتل مساحة عريضة من النقاش، فإن الولايات المتحدة تمتلك خبرة واسعة فيها، ولاسيّما في العراق ومناطق أخرى من الشرق الأوسط، أشرفت وكالة الاستخبارات المركزية على حملة العام 2001 لإسقاط «طالبان» في أفغانستان، وذلك باستخدام فرق القوات الخاصة لتعبئة مقاتلين من «تحالف الشمال» المناوئ لحركة طالبان. في العام 2002 قبل غزو العراق تم جلب القوات الخاصة الكردية إلى قاعدة في الولايات المتحدة حيث تلقوا تدريبًا على تكتيكات التمرد ونفّذوا هجمات شرسة عندما بدأت الحرب.

ولتقويض الدولة الإسلامية ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها تعبئة مقاتلي القبائل السنيّة. وتمتلك وكالة الاستخبارات المركزية والقوات الأميركية خبرة كبيرة في هذا الصدد، حيث استفادوا على نحو مؤلم من جهودهم في محاربة التمرد السنيّ الذي تلى عملية غزو العراق العام 2003. وقامت الوكالة بتعبئة القوات الخاصة السنيّة في إطار ما عُرف بقوات البرنامج السري. وقام رئيس الاستخبارات العراقية، الجنرال محمد الشهواني، بحشد قوات سنيّة غير نظاميّة، عُرفت باسم "كتائب الشهواني" وحاربت هذه القوات الخاصة السنيّة إلى جانب قوات مشاة البحرية الأميركية في معركة الفلوجة في أواخر العام 2004.

ستتطلب الحملة ضد «الدولة الإسلامية» تدريبًا أميركيًّا وثيق الصلة ودعمًا للقوات البرية بالإضافة إلى القوة الجوية الأميركية

يَعرف قادة الدولة الإسلامية أن هذه القوات الخاصة السنيّة تشكل تهديدًا قويًّا لهم. وقبل تحركهم نحو شمال العراق في الربيع الماضي للإعداد لهجوم على الموصل، قاموا باغتيال ضباط الحرس الجمهوري الذين عملوا مع الولايات المتحدة، وهو ما عمّق من الكراهية التي يكنّها كثير من أهل السنّة للجهاديين.

يحمل الجنرال جون ألان، وهو جنرال البحرية المتقاعد الذي يعمل كمبعوث أوباما الخاص لقيادة التحالف الدولي ضد «داعش»، كثيرًا من المزايا، فقد قام بتنسيق الاتصالات مع زعماء العشائر السنيّة في الأنبار خلال «الصحوة السنية»، التي سحقت التمرد هناك. كما كان أحد أكثر القادة الأميركيين فاعلية في أفغانستان. واتصل به أخيرًا زعماء السُنّة العراقيون والسوريون الذين يريدون مساعدة الولايات المتحدة.

ولقد أخبرني العراقيون والسوريون بأن القوات الخاصة الأميركية ستكون حاسمة في عملية تدريب المقاتلين السنّة الذين يمكنهم القتال في شوارع الموصل والفلوجة والرقة. ويجب أن يقرر أوباما ما إذا كان من الأفضل أن يتم تنفيذ المهمة في السر أو العلن .. ولكن الأميركيين الذين سيشرفون على التدريب سيكونون هم المحاربين نفسهم الذين تم استدعاؤهم من وحدات مثل مجموعة القوات الخاصة الخامسة التابعة للجيش.

والقضية الحاسمة هي ما إذا كان ينبغي دمج القوات الخاصة الأميركية مع القوات العراقية والسورية التي يقومون بتدريبها .. ومرافقتهم في المعركة، حيث يمكنهم تنسيق التكتيكات واستدعاء الدعم الجوي. وقال الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، في شهادته أمام الكونغرس يوم الثلاثاء، بأنه سيوصي الرئيس بأن يقوم مستشارينا بمصاحبة القوات العراقية في الهجمات ضد أهداف محددة لجماعة [الدولة الإسلامية]".

دعونا نكون صادقين: إن الجنود الأميركيين على الأرض بالفعل، والمزيد منهم في الطريق. والسؤال هو ما إذا كان أوباما سيقرر إخبار الناس بذلك علنًا، أو البقاء في دوره المفضل كقائد سري للقوات.

(خدمة واشنطن بوست)